يهود الدونمة
صحيفة الوطن العمانية ـ
وليد الزبيدي:
في البداية لا بد أن نعرف ماذا تعني كلمة (الدونمه)، وما هي الأهداف التي دفعت اليهود لاعتناق الإسلام ظاهريًّا مع المحافظة على تقاليدهم وشعائرهم ليمارسوها بصورة سرية، إذ أوعز المجلس الأعلى لليهود إلى بعض اتباعه باعتناق الإسلام للتغرير بالأتراك وكسب ثقتهم وللتغلغل والوصول إلى مراكز حساسة في السلطة والمجتمع، وتعني كلمة (الدونمه) الارتداد وهو مذهب ديني جديد دعا إليه الحاخام (ساباتاي زيفي) والمقصود به (اليهود المسلمون)، واطلق هذا المصطلح للمرة الأولى في القرن السابع عشر على اليهود الذين يعيشون في المدن الاسلامية وخاصة ولاية (سلانيك) التركية.
يقول يعقوب فبزنز في (الموسوعة اليهودية): إن لقب الدونمة اطلقه عليهم المسلمون ومعناه المنبوذون وكانوا ينظرون إليهم على أنهم ليسوا يهوداً ولا مسلمين حقيقيين، واوجدوا بعض الطقوس الخاصة بهم، وكان زواجهم مقتصراً على طائفتهم، اما تعدادهم فغير معروف.
يطلق اليهود على الدونمة (مينيم) وهي كلمة عبريةٍ معناها منشقون (عن طائفة ما) بينما يطلقون هم على انفسهم (منامينهم) وهي كلمة عبرية ايضاً وتعني مؤمنين أو مصدقين بساباتي زيفي.
يقول د.عبد المنعم الحفني: الدونمة حلولية يقولون إن الله قد حل في داعيتهم، او أنه ابنه، وأنه عندهم المسيح المخلص، وبمجيئه تنتفي الخطيئة ولا يصبح ثمة داع للشريعة ويتوقف الشر ويبطل الفساد والفناء والموت، ويعم السلام والعدل والرخاء الأرض، لأن المسيح يعيد الشعب إلى أرضه فيعود الله إلى سكنى داره، فيغتبط وتفرح الأرض وتدر العسل واللبن، ولذلك فإن التوراة المعروفة بتوراة موسى لا تصلح في العصر المسيحي، لأن الأحداث تتجاوزها، فهذه توراة تقوم على تخويف الكفار بالعقاب، واساسها القول بخطيئة آدم، وجلها اوامر ونواه وزواجر، واما التوراة الجديدة او التوراة الفيوضية التي يفيض بها حديث ساباتاي فأساسها أن العصر الجديد هو عصر حاجات روحية وليست جسدية، ومن ثم يسمى ساباتاي التوراة القديمة توراة الجسد أو التوراة المادية، بينما توراته هو أو كلامه فإن الخطاب فيها للأرواح والقلوب.
ومن الدونمة فريق رفض اعتناق الإسلام تقية وظلوا على طهارتهم اليهودية وهؤلاء هم طائفة المؤمنين Ma’aminim ، يقولون بثلاثة آلهة في اله واحد ويسمون بالمثلثين أو القائلين بالتثليث، فهناك العلة الأولى أو الاله الأول، والعلة الثانية رب إسرائيل الخالق البديع المصور البارئ الحافظ له الأسماء الحسنى، والشخيناه او العنصر الالهي الاثنوي وهي الحضور الالهي في الشعب أو هي الشعب.
ومن سكن من المؤمنين في أزمير لقبوا بالازميرلية Izmirim أو Izmirlis، وهم الحرس القديم او المؤمنون السابقون أو السباقون Cavalleros او قبانجيلار Kapanjilar.
ولما مات ساباتاي خلفه على الجماعة صهره المسمى يعقوب فيلسوف، وادعت ارملة ساباتاي ان روح الداعي قد حلت فيه، ومن ذهب منهم مذهباً وآمن بما تقول قيل عنهم اليعقوبية Ya’akoviyyim، وأما يعقوب فاتخذ لنفسه اسم يعقوب القوريدو Querido أو يعقوب المحبوب لأن الداعي قد اختصه بحبه وسره وحل فيه، ثم غلا في التظاهر بالإسلام فقام والمؤمنون به بأداء الحج جماعة.
والدونمة الغالية هم شيعة روسو المبارك Baruchiah Russo الملقب ببابا عثمان، واسمهم في لغتهم كونيوسوس Konyosos، وبالتركية قاراقشلار Karakashlar)
وكان الدونمة لهم اسمان عبري ومسلم، او اسم الظاهر واسم الباطن.