«يمين» إسرائيلي «يسار» أميركي!
صحيفة الوطن السورية-
دينا دخل الله:
لم يعد مصطلحا اليمين واليسار محتفظين بالمعنى القديم، الذي نشأ في البرلمان البريطاني قبل أكثر من مئة عام، حيث كان يجلس نواب التغيير «تريديونيون – حزب العمال» على يسار القاعة في حين يجلس النواب المحافظون في الجزء اليميني!
هناك اليوم تسابق في العدوانية بين قوى اليمين، أو يمين الوسط، واليسار أو يسار الوسط في الغرب، وقد يبدو رئيس حكومة الصهاينة بنيامين نتنياهو يسارياً بالقياس مع حليفه في الائتلاف الحكومي بتس لئيل سموتريش زعيم حزب «الصهيونية الدينية» الموغل في التطرف، هذا مع التركيز على أن نتنياهو يتزعم حزب الليكود اليميني المتطرف.
وعبر الأطلسي يحكم «اليسار» ممثلاً بالرئيس الأميركي جو بايدن من الحزب الديمقراطي، لكنه أكثر يمينية في سياسته الخارجية من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب «الجمهوري» الذي كان ناقداً شديداً لحلف الناتو ولأوروبا، لذلك، عندما يلتقي «اليمين» الإسرائيلي مع «اليسار» الأميركي يصبح العالم أكثر توتراً، وسياسات التدخل والعدوان تصبح أكثر حضوراً.
لاشك في أن قضايا ساخنة عدة على خط العلاقات بين الكيان والولايات المتحدة، وهي قضايا يتفق الطرفان تماماً على قواعدها وتوجهاتها لكن قد تكون هناك اختلافات في التكتيك، ولا تسمح العُجالة هنا بعرض هذه القضايا، لكن لاشك في أن القضية «الأوكرانية» في المقدمة، ناهيك عن إيران وفلسطين والتطبيع مع العرب وفق «النظرية الإبراهيمية» المضحكة المبكية.
تحتل القضية «الأوكرانية» أولوية في الأجندة الأميركية، وأعلن الرئيس بايدن صراحة أنها ستكون المعيار الذي سيقيّم حلفاءه على اساسه. أما بالنسبة لنتنياهو فقد تكون الأولوية هي المسألة الإيرانية، وأكد نتنياهو في خطابه الأول أمام الكنيست قبل أسبوعين أن المسألة الإيرانية «مسألة وجودية» بالنسبة لكيانه، إضافة إلى ذلك فإن هذا الصهيوني يطمع بعلاقات طبيعية مع موسكو.
«اليسار» الأميركي و«اليمين» الإسرائيلي يستعدان للقاء قمة للتفاهم على الأولويات بعد أن تشكلت حكومة الائتلاف الصهيوني، وزيارة نتنياهو إلى واشنطن قريبة لاشك، بدليل أنه تم الاتفاق على الإجراءات الممهدة لهذه الزيارة، فمن المتوقع أن يزور مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان الكيان قريباً، ثم إن وزير الشؤون الإستراتيجية الصهيوني رون ديرمر سيزور العاصمة الأميركية، وأكد المسؤولون الأميركيون أن هدف التواصل مع الكيان تجنب «سوء التفاهم حول القضايا الرئيسية»، وأكرر إن أوكرانيا أولوية أميركية في حين مواجهة إيران أولوية إسرائيلية.
بالنسبة لسورية لم يعد هناك فارق بين يسار ويمين، ولم يعد العالم ينقسم اليوم استناداً إلى النظريات، وإنما الأساس في الغرب هو الاستقطاب في مواجهة تطلعات الشعوب والدول إلى حماية استقلالها وحقوقها، وتمديد نظام الهيمنة إلى أطول فترة ممكنة. وبالمقابل ما يجمع الشعوب التي تواجه أميركا والكيان هو حماية الاستقلال، مهما كانت توجهاتها الإيديولوجية.