ويكيليكس وفخامة الرئيس المخبر
هي فرصةٌ قد تكون من الفرص الأخيرة للفريق المنهزم في سوريا للتأثير على الأوضاع الميدانية فيها. وهي فرصةٌ أيضاً يستفيد منها المرشح إلى رئاسة الجمهورية سمير جعجع للنيل من المرشح الآخر في فريق 14 آذار الرئيس السابق أمين الجميل. هاتان الفرصتان وجدهما فريق 14 آذار في وثيقة من وثائق ويكيليكس تعود إلى العام 2006 موضوعها لقاء بين الرئيس اللبناني السابق، أمين الجميل، وأمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله. وتنقل السفارة الأميركية في بيروت، في هذه الوثيقة، ما مفاده أن الجميل فوجئ بمقدار الكراهية التي يكنها نصر الله لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة، والنائب سعد الحريري، والسفير الأميركي في بيروت جيفري فيلتمان.
وقد كشفت البرقية أن الجميل فوجئ لدى حديث نصر الله عن رجال مخابرات النظام السوري، إذ اعتبرهم بلا أخلاق، ويسعون وراء النساء والمال فقط، وأن السيد نصر الله حاول تنبيه بشار إلى السلوك غير السوي لمستشاريه، ولكن دون جدوى.
كما تكشف الوثيقة المصنفة “سرية”، أن نصر الله أخبر الجميل أن مصلحة لبنان تكمن في الحفاظ على النظام العلوي، لأن البديل الوحيد عن بشار هم “السلفيون”.
ويختم ناقل الخبر كلامه بالقول: “إن هذا الحديث، لا سيما عن بديل للأسد وللنظام العلوي والسلفيين جاء قبل الثورة السورية بسنوات”.
واضحٌ السبب من نشر ما ورد في هذه الوثيقة من معلومات في الوقت الحالي، بعد أن تواصلت انتصارات الجيش السوري، مدعوماً بحزب الله في بعض المناطق، على الإرهابيين في مختلف المناطق السورية، وبعد الانهيارات الكبيرة لهؤلاء وتخليهم عن السيطرة على مناطق واسعة من الأراضي السورية كانت تحت أيديهم، فلم يبقَ أمام المتضررين من انتصارات الجيش السوري سوى محاولة إحداث في العلاقة بين النظام السوري وحزب الله، ما يؤثر على الوضع الميداني في سوريا.
أما عن كره السيد نصر الله لرئيس الحكومة (يومها) فؤاد السنيورة، والنائب سعد الحريري، والسفير الأميركي في بيروت (يومها) جيفري فيلتمان، فلا يثير العجب ولا الدهشة ولا التساؤل، بل الدهشة تقع والتساؤل يثار لو كانت الوثيقة قد كشفت حب السيد نصر الله لهؤلاء الأشخاص. فلا أدري لماذا قد يحب السيد نصر الله نماذج من السياسيين كالسنيورة وسعد، ومن الدبلوماسيين كفيلتمان. أذكر هذا مع شكي في أن يكون السيد نصر الله، ذو الأخلاق العالية وذو الحنكة السياسية، قد قال هذا الكلام لأمين الجميل.
ثم لماذا قد يكون السيد نصر الله قد ذكر للجميّل ما ذكر عن رجال المخابرات السورية؟ وإذا كان قد قال هذا الكلام، فأين المشكلة فيه وقد ذكر الرئيس بشار الأسد عدة مرات أنه قد حصلت تجاوزات وأخطاء من بعض عناصر المخابرات السورية عندما كان الجيش السوري في لبنان، هذا على فرض أن شكوى السيد نصر الله من هؤلاء العناصر تتعلق بعمل هؤلاء في لبنان، وأين المشكلة من تنبيه السيد نصر الله للرئيس الأسد من بعض مستشاريه؟
أما ما يجب التوقف عنده طويلاً في هذا الخبر، فهو النظر الثاقب للسيد نصر الله الذي جعله يقول إن مصلحة لبنان تكمن في الحفاظ على النظام العلوي، لأن البديل الوحيد عن بشار هم السلفيون. وقد أثبتت الأيام صحة ما توقعه السيد نصر الله، وها هو الشعب السوري يعاني القتل والذبح والاغتصاب والتشريد على أيدي هؤلاء الإرهابيين التكفيريين، وها هو العالم يشاهد كل هذه الفوضى التي أوجدها هؤلاء في سوريا.
أما الفرصة الأخرى لناشري خبر الوثيقة في هذه الأيام فهي فرصة تصوير الرئيس أمين الجميل كمخبر لدى السفارة الأميركية في بيروت، ينقل لها أخبار لقائه مع أمين عام حزب الله، مع ما يستدعي هذا من تأثير سيئ على حظوظ أمين الجميل، منافس سمير جعجع على رئاسة الجمهورية، في الفوز في الانتخابات الرئاسية.
وبعد، وبغض النظر عن كل ما ورد في الوثيقة، لا بد من الالتفات إلى أمر في غاية الأهمية، وهو أن مخبري السفارة الأميركية ليسوا كلهم من صغار أو متوسطي الرتبة من كتبة وسياسيي الرابع عشر من آذار، بل تعدى الأمر ذلك ليكون هناك مخبرون من رتبة “رئيس جمهورية سابق”.
شاهد نيوز – فيصل الاشمر