ورقة توت المليار دولار لا تغطّي تهجّم المستقبل على الجيش
صحيفة الأخبار اللبنانية ـ
وفيق قانصوه:
احتلت قضية العسكريين المخطوفين على أيدي الارهابيين في جرود عرسال معظم مساحة الخطاب الذي ألقاه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الثلاثاء. ورغم تزامنه مع بدء الحرب الأميركية ضد تنظيم «داعش»، هدف الخطاب الى إيضاح موقف الحزب من قضية المخطوفين، بعيداً عن «التشويه» و«التزوير» و«التوحش» السياسي والاعلامي الذي أثير حول هذا الموقف.
منذ اليوم الأول لغزوة عرسال، استخدم فريق 14 آذار، وخصوصاً تيار المستقبل، هذه القضية ــــ مع ما تحمله من إحراج أمام عائلات العسكريين ــــ لرميها في وجه الحزب، من اتهامه برفض التفاوض مع الخاطفين هو الذي تفاوض على التبادل مع العدو الاسرائيلي، وصولاً الى «أسطوانة» تدخله في القتال في سوريا والذي لولاه لما حصل خطف! وبالفعل، نجح هذا الفريق في تعبئته الاعلامية واستخدام بعض عائلات المخطوفين واللعب على عواطفهم. لذلك، تقول مصادر في ٨ اذار، «كان لزاماً توضيح موقف الحزب على لسان أمينه العام بأنه لم يكن يوماً ضد التفاوض بالمطلق، ولكن التفاوض من موقع القوة والاقتدار بما يحفظ حياة العسكريين ويطلق سراحهم ويصون هيبة الدولة وكرامة الجيش، لا المقايضة المذلة التي كان يمكن ان تطيح بالقضاء وبمعنويات الجيش وهيبة الدولة».
وتوضح المصادر أن وزيري الحزب «ناقشا الأمر قبل ثلاثة أسابيع على طاولة مجلس الوزراء، وأكدا لرئيس الحكومة أن لا مانع من التفاوض، ولكن بالتلازم مع استخدام أوراق القوة الموجودة في حوزة الحكومة، لأنه يستحيل تلبية المطالب التعجيزية للارهابيين حول مقايضة المخطوفين بارهابيين محكومين، والتي روّج المستقبل ونوّابه للقبول بها». والمقصود بأوراق القوة، هنا، ليس ما زعمه النائب جمال الجراح أمس عن «مضايقة النازحين السوريين او عمليات خطف او استهداف اهالي عرسال وتهديدهم»، وإنما تتمثل في الفصل بين عرسال وجرودها، والتهديد بتنفيذ بعض الأحكام ضد مدانين في سجن رومية، والتوسط لدى سوريا لإطلاق بعض المعتقلين، والتنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري. أما مطلب سحب الحزب مقاتليه في سوريا، فهذا، بحسب المصادر، «أمر يدرك الجميع، بمن فيهم الخاطفون ومن وراءهم، أنه مرتبط باستراتيجيات تتعدى لبنان، ولن يحصل ما لم يتحقق انتصار واضح وصريح في سوريا ينفي التهديد عن لبنان، ولا امكانية للبحث فيه مهما طرح سمير جعجع من أسئلة أو صرّح فؤاد السنيورة».
بحسب المصادر، «ورقة توت المليار دولار لا تغطي المواقف الحقيقية لتيار المستقبل الذي يدعم الجيش علناً، في وقت يستخدم كل أوراق الضغط على المؤسسة العسكرية». وتلفت الى أن الرئيس سعد الحريري، وفور اعتقال الارهابي عماد جمعة في 2 آب الماضي، اتصل بقائد الجيش العماد جان قهوجي طالباً منه إطلاقه، رغم اعترافات الموقوف. وتشير، في السياق نفسه، الى المواقف الأخيرة لهيئة العلماء المسلمين وتنديدها بتصرفات بعض العسكريين في عرسال، وتهديد النائب خالد ضاهر بـ «سحب الجنود السنّة من الجيش»، ناهيك عن اللعب بعواطف بعض عائلات المخطوفين وتحريكهم للضغط على الحكومة والجيش. «وكلها مواقف تصبّ في طاحونة تعطيل المؤسسة العسكرية»، وإبقاء عرسال مسماراً في الخاصرتين اللبنانية والسورية.