ورطة الغرب في سورية : بروباغندا وتخبط
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
تواجه الدعاية الغربية مأزقا جديا في تكرار أكاذيبها حول الوضع السوري ومع استمرارها في تعميم الانطباع بتقدم العصابات الإرهابية على الأرض بينما تشير الوقائع الميدانية إلى العكس تماما بفضل تماسك وقوة الجيش السوري وتعاظم الالتفاف الشعبي حول الدولة والقوات المسلحة ومع بروز مظاهر التفكك والتناحر المتزايدة في صفوف العصابات.
أولا: يبدو واضحا أن الولايات المتحدة والتحالف الغربي التركي الخليجي يظهرون تصميما متزايدا على مواصلة العدوان ضد سورية وتعطيل الحلول والمبادرات الجدية التي قد تساعد على وقف العنف وتحريك الحوار ولكن من الواضح أيضا أن هذه الأطراف المعتدية تستنفذ أوراقها الاحتياطية خصوصا على صعيد حشد القوى المقاتلة بعدما استهلكت في الأشهر الثلاثة الأخيرة آخر قوتين احتياطيتين يمكن الزج بهما في الحرب على سورية وهما الجناح العسكري لتنظيم الأخوان المسلمين وفصائل ما يسمى بالجهاد العالمي وقد حشد منهما الآلاف في محافظات دمشق وريفها وحلب ودير الزور بصورة خاصة.
ثانيا: العنصر الجديد الذي يتوعد به المخططون الأميركيون هو تقديم المزيد من الأسلحة المتطورة للعصابات الإرهابية والتكفيرية في سورية وبصورة خاصة الصواريخ المضادة للطائرات وللدروع والتي دخل بعضها بالفعل عن طرق التهريب المختلفة إلى سورية.
هذا العامل الذي توحي الدعاية الغربية بأنه سيقلب التوازنات هو في الواقع محدود التأثير بعدما ترسخ التغيير في البيئة الإستراتيجية للمواجهة بين الدولة الوطنية السورية وقواتها المسلحة من جهة والعصابات الإرهابية من جهة أخرى بفضل التحول المتسارع في الموقف الشعبي والذي يضاعف من حصانة الدولة وقواتها المسلحة وبالتالي فما هو أبعد من تقنيات القتال ، شروط القتال والحالة المعنوية التي تحيط به وفي هذا المجال يلاحظ المراسلون الأجانب اختلالا نوعيا لصالح الجيش السوري بينما تتزايد حوادث الانهيار والهروب والاستسلام على صعيد الجماعات الإرهابية والتكفيرية المسلحة على الأرض والتي تشكل عصابات اللصوص والإجرام عنصرا رئيسيا من مكوناتها.
ثالثا: أما الأوراق الأخرى التي يعول عليها المخططون لتطوير العدوان على سورية انطلاقا من دول الجوار فقد باتت شبه مستهلكة كليا وأي مغامرة جديدة ستنقلب كارثة على الأميركيين وحلفائهم المحليين.
منذ بداية الأحداث كانت الحكومة التركية هي الجهة الأكثر حماسا للتدخل في سورية وكان رهان السعودية وقطر يتركز على ما يمكن أن يفعله الجيش التركي في المناطق الحدودية وجاءت حصيلة الاختبارات ونتيجة التورط التركي المتمادي لتقلب المعادلات ولتظهر أن حكومة اردوغان دخلت مأزقا فعليا نتيجة التورط في سورية ، وان الاقتصاد التركي والواقع السياسي التركي ، يضجان بتفاعلات يدفع ثمنها اردوغان من رصيده ومن مستقبله السياسي والحصيلة الفعلية هي إجلاء قيادة ما يسمى بالجيش الحر من تركيا إلى سورية وانكفاء النفس التصعيدي التركي سياسيا ، بعدما ظهرت معالم المأزق ، سواء بفعل التداعيات الاقتصادية والأمنية داخل تركيا أم بنتيجة العامل الكردي الذي يمتاز بتأثير استراتيجي في الواقع التركي الحالي وهو يتحرك بالحصيلة لصالح الدولة الوطنية السورية في هذه الأزمة.
رابعا: أما لبنان والأردن فقد بدا واضحا في الأسابيع القليلة الماضية أنهما مضطران للسير في اتجاه تقليص مساحة الحركة والتواجد الخاصة بالعصابات السورية المسلحة خوفا من تفاقم التداعيات الداخلية السياسية والأمنية المكلفة.
تحويل الأردن و لبنان إلى منصة للعدوان على سورية كان فرضية اشتغل عليها المخططون الأميركيون ومخابرات الدول المتورطة في الحرب على سورية لكن النتيجة الواقعية أظهرت انه لا يمكن التصميم على اختبار هذا الطريق دون تعريض البلدين لانفجارات كبرى داخلية تكون لها تداعيات أشد خطورة من الفشل في مخطط تدمير الدولة السورية ، والانكفاء الأميركي والبريطاني والفرنسي عن المساعي الهادفة لتكوين هاتين المنصتين من حول سورية في الأردن ولبنان ، هو نتيجة الفشل وبعد ظهور الكلفة الكبيرة التي قد تهدد مصالح الغرب في المنطقة في حين ما تزال الدولة الوطنية السورية تحوز ما يكفي من عناصر الردع والتأثير التي يحسب لها الحساب في مجالات سياسية وأمنية واقتصادية على صعيد العلاقات السورية بكل من لبنان و الأردن .
لقد رسمت المعادلات الرادعة دوليا وإقليميا سقفا واضحا لاستحالة التدخل في سورية على نطاق أوسع مما هو حاصل حاليا ، وفي حين تبدو الولايات المتحدة مصممة على استنفاذ الفرص المتاحة لاستنزاف الدولة الوطنية السورية قبل التسليم بالفشل ، فان الأطراف الإقليمية المتورطة هي المرشحة لدفع الثمن عندما يحل وقت إجراء الحسابات مع القيادة السورية التي تؤكد جميع المعلومات أنها مقبلة على انتصار كبير سيكون له انعكاسه في جميع مستويات التوازنات الإقليمية والدولية.