وثائق أمنية مصنّفة “سرّي للغاية” عن سيارات مفخخة أذى للمواطن مصدره مَن يسرّب ومَن ينشر
نشرت اليوم “وثيقة اتصال امنية” على بعض المواقع الالكترونية، عبارة عن نسخة من مذكرة أمنية مرسلة من نائب رئيس الاركان للعمليات في الجيش، ذكر انه جرى تعميمها على سائر الادارات والاجهزة الامنية في العاشر من الشهر الجاري، وتتضمن في نصها تحذيراً من سيارتين مفخختين توافرت معلومات تفيد أن احداهما، وهي من نوع جيب “سانغ يونغ” فضية سيصار الى تفجيرها في محلة الحمراء”، بينما السيارة الثانية من نوع “تيررا” بيضاء تحمل لوحة تسجيل مزورة، ومن المحتمل استعمالها في عمل ارهابي في مكان آخر.
“النهار” حاولت تأكيد ما ورد في البرقية المسربة من معلومات امنية، وهي على قدر كبير من الخطورة، ولا سيما ان ما يروّج في مثل هذه الحالات المماثلة يشيع اجواء من الذعر والخوف والهلع لدى المواطنين الآمنين، قد تصل الى درجة اشبه بالهستيريا العمومية، وخصوصاً لدى قاطني المناطق التي يرد ذكرها في هذه الوثائق، مما يجعل بعضهم يغادرها إلى أمكنة أخرى يظنها أكثر أمناً، وتصل بالبعض الآخر الى التفكير في الهجرة النهائية من بلاد هجرها الامان وباتت مرتعاً للاشرار والمجرمين والقتلة.
وبغض النظر عما اذا كان ما ورد في الوثيقة من معلومات “أمنية” صحيحاً ام انه من دس افراد او عصابات تحترف ترويج الشائعات المغرضة لأكثر من هدف، فان نشر هذه الوثيقة اعاد تسليط الاضواء على جدوى نشر هذا النوع من الوثائق التي يجب أن يتم التعامل معها بمنتهى التكتم، وخصوصاً انها تمهر بخاتم “سري للغاية”، باعتبار انه لو كانت المصلحة الامنية تقضي بتسريبها الى وسائل الاعلام بهدف اشراك المجتمع في الاجراءات الامنية او حتى الاحترازية، لكان الجهاز الامني المعني بهذا النوع من المعلومات عمّمها بموجب بيان رسمي صادر عنه.
من هنا ينطلق مصدر امني رفيع الى القول “إن نشر هذا النوع من الوثائق مؤذ للغاية، وهو عمل يوحي انعدام المسؤولية في أحسن حالاته، سواء لدى العناصر التي تتولى التسريب او لدى المواقع الاعلامية، التي تنشر تلك الوثائق، من دون النظر الى التداعيات السلبية التي يمكن أن يتركها مثل هذا النشر على الملف نفسه اولاً، وعلى القضية والمعلومة اذا كانت صحيحة، باعتبار أن نشر مثل هذه الوثائق في الحالات الجدية يلفت انظار المجرمين الى انهم باتوا تحت أعين الاجهزة الامنية والعسكرية والهيئات الاجتماعية وكل فئات المواطنين، وبالتالي سيضطرون الى ان يبدلوا اهدافهم في اللحظة الأخيرة، وهو ما يجعل الكارثة اكبر لا سمح الله، في حال وقوعها، وبالتالي سيصرف الانظار حكماً عن القتلة الذين سيحيطون انفسهم بهالة كبيرة من العمل السري، لكونهم علموا مسبقاً ان خططهم باتت مكشوفة ويتم تداول اهدافهم على الانترنت والشاشات وغيرها، عدا عما يمكن ان يتركه ذلك من عمليات اجرامية لإنهاء حياة كل مخبر قد تكون زرعته الاجهزة الامنية في تلك الجماعات الارهابية، وتلك حكاية يطول الكلام عليها.
كيف يتم تسريب هذا النوع من الوثائق؟ وهل الوثائق غير الجدية هي التي يتم “رميها” على وسائل الاعلام، من دون النظر بهذه الدقّة الى مآل الأمور، ام يتم تسريب الوثائق الجدية وغير الجدية في هذا الاطار؟ وكيف؟ وعلى اي أسس يتم ذلك؟ يقول المصدر الامني: “ان اي معلومة ترد الى اي جهاز أمني، نكون مجبرين على التعامل معها بالجدية الكاملة، حتى ولو كانت من المعلومات التي لا أساس لها، فاننا نعمل على تعميمها كجزء من واجباتنا، على سبيل الاحتراز وتنبيه الاجهزة الاخرى التي قد تكون تعمل على معلومة اخرى قد تفيد منها من خلال مقابلتها مع ما لديها او غيره، مع علمنا بان الكثير من هذه المعلومات لا تتمتع بالصدقية الكافية، الا أننا مجبرون على ذلك في السياق الطبيعي للتنسيق. وخلال دورة هذه الوثائق قد يصورها بعض العناصر الامنية ويسربها للاعلام بتصرف غير مسؤول، وهكذا يتم نشرها من دون النظر حتى الى تصنيفنا لصدقيتها”.
المصدر: صحيفة النهار اللبنانية