#واشنطن تضرب بنعومة
تناولت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الحروب الهجينة، التي تشنها واشنطن ضد روسيا والصين، مشيرة إلى أن ردود موسكو وبكين عليها تجري منفصلة ومن دون تنسيق بينهما.
جاء في مقال الصحيفة:
تعرضت روسيا والصين هذا الصيفَ، في وقت واحد تقريبا، لضربات جبارة من “القوة الناعمة” الأمريكية. وقد أدى التفاعل المتسلسل للفضائح وللتحقيقات في المنشطات إلى تشويه سمعة الرياضة الروسية مؤقتا في المحافل الدولية، وكادت أن تنتهي بحرمان الفريق الروسي من المشاركة في أولمبياد ريو دي جانيرو.
أما بالنسبة إلى الصين، فقد شككت محكمة التحكيم الدولية في لاهاي بسيادة التنين الصيني على الجزر والمياه الإقليمية الواقعة في بحر الصين الجنوبي.
وقد دبر “الغارتين”، رغم تعدد وجوههما، “مغير” واحد. فبتأسيسها منظمات جديدة، أو وضع يدها على منظمات قديمة تسعى للدفاع عن حقوق الإنسان، وكذلك المنظمات الخيرية والرياضية والقانونية وغيرها من الهيئات “المستقلة”؛ أمنت الولايات المتحدة لنفسها في السنوات الأخيرة شبكة عالمية تضمن أهدافها الاستراتيجية باسم “الرأي العام العالمي”.
وفي بعض الأحيان يكون من الصعب معرفة المنظم الحقيقي لهذا الفعل أو ذلك، وفي أحيان أخرى يكون ذلك جليا من الوهلة الأولى. لذلك يجري تنظيم عمليات متتابعة التسلسل، وأثناء ذلك لا تظهر إلى السطح سوى حجة “الغارة” فقط، فيما يبقى السبب خلف الستار.
بيد أن سبب فضيحة المنشطات واضح جدا. إذ على الرغم من العدد الكبير من “متناولي المنشطات” بين الرياضيين المحترفين في العالم، فقد اكتُشف “بطريق الصدفة” أن الرياضيين الروس فقط هم من يتناول هذه المنشطات.
وفورا بدأ الصحافيون “المستقلون” بتصوير أفلام، الواحد تلو الآخر، تفضح الرياضيين الروس. وانهمكت وسائل الإعلام بنشر ما يسيء إلى سمعة الرياضة في روسيا. وإثر ذلك، بدأت الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات، التي شُكلت قبل فترة، بالتحقيق في الموضوع، لتؤكد بأعلى صوتها حقائق غير مؤكدة. وكان صوت الوكالة الأمريكية لمكافحة المنشطات الأعلى. فكانت النتيجة حرمان فريق ألعاب القوى الروسي من المشاركة في دورة ألعاب ريو دي جانيرو؛ إضافة إلى ظهور شكوك بالنتائج التي حققها رياضيو روسيا خلال السنوات الأخيرة.
وليست هذه الضربات هي الأولى ولن تكون الأخيرة. وكل ما هنالك أن الأمريكيين يستخدمون شكلا جديدا من العقوبات ضد روسيا لم تُستخدم من قبل في مشكلة شبه جزيرة القرم ومنطقة الدونباس. وقد بدأت العقوبات تظهر ضد روسيا بأشكال وصور مختلفة منذ أن أعلن فلاديمير بوتين عام 2007 عن رفضه التضحية بالمصالح الوطنية لروسيا وبدأ بإخراجها من “إجماع واشنطن” (الذي انضمت روسيا إليه في عام 1989). وفضيحة المنشطات تستعرض بوضوح فعالية “القوة الناعمة” في الحرب الهجينة ضد روسيا.
أما بالنسبة إلى الصين، فإن الحرب الهجينة ضدها لم تبدأ مع تعزيز مواقعها في جزر بحر الصين الجنوبي، رغم أن قرار محكمة التحكيم في لاهاي ليس له قيمة قانونية وغير ملزم، بل هو رأي مجموعة خبراء شكلت للنظر في شكوى الفلبين، ولم تعترف بها الصين منذ البداية، حتى أعلنت أنها لن تعترف بأي قرار تصدره. كما أنه ليس في نية أحد تنفيذ ها القرار.
وقد قدمت الفلبين الشكوى عام 2013 في عهد رئيس موال للولايات المتحدة، ولكن الرئيس الذي خلفه أعلن عن ضرورة تحسين العلاقات مع الصين. كما أن العديد من بلدان “آسيان” تدعي ملكيتها للجزر المتنازع والشعاب عليها، ولكنها رفضت حتى التذكير من النظرة الأولى بالقرار في اجتماع وزراء الخارجية الذي عقد مؤخرا في لاوس، رغم محاولات جون كيري وفريقه لي أذرعهم.
لقد بدأت الصين تتعرض لضربات “القوة الناعمة” عمليا بالتزامن مع تعرض روسيا لها. وبدأت هذه الضربات عام 2009 عندما عرض باراك أوباما خلال زيارته للصين “مقترحا لا يمكن رفضه” مقابل علاقة أمريكية–صينية أو “G-2” للتحكم بمصير العالم. حينها كان على الصين رفع قيمة عملتها بصورة حادة، رغم أن ذلك يجعل البضائع المنتجة في “ورشة العالم” الصينية أقل قدرة على منافسة البضائع الأخرى في السوق العالمية. ورفضت الصين لعب دور “الأخ الأصغر”. وغيرت العبارة المشهورة للزعيم الصيني دين سياو بين، الذي قال: “ليس المهم لون القطة – أسود أم أبيض، المهم أن تصيد الفئران”، وحولتها إلى فكاهة: “ليس المهم لون القطة – أبيض أم أسود، لأنها في كلتا الحالتين قطة أمريكية”.
وردت الولايات المتحدة على رفض الصين بإرسال 60 في المئة من سفن أسطولها الحربي إلى المحيط الهادئ. كما حاصرت الصين بحاملات الطائرات “التي لا تغرق”: اليابان وكوريا الجنوبية، وسنغافورة والفلبين وأستراليا. وتبع ذلك إنشاء “الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ”
المصدر: روسيا اليوم