هل يتطور الموقف الكردي؟
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
طيلة سبع سنوات لم تقطع القيادة السورية خطوط الاتصال مع القيادات الكردية في أسوأ الظروف ورغم تحول بعض القوى الكردية إلى واجهة وذريعة للاحتلال الأميركي تركت دمشق الباب مفتوحا امام القيادات الكردية التي تورطت بحسابات ورهانات خاطئة لامست حد الخيانة الوطنية.
منذ البداية كانت الدولة السورية ولا تزال على تنسيق وثيق مع حليفيها روسيا وإيران بخصوص هذا الملف وما يتصل به من إدارة الصراع ضد التدخل التركي الذي رفضته سورية بقوة وتعاملت معه كعدوان وانتهاك سافر لسيادة الدولة السورية.
التصريح السياسي الذي ادلى به قيادي كردي مؤخرا من عفرين جاء بعد أيام من انطلاق العدوان التركي على المنطقة وهذا التصريح تضمن لغة جديدة وموقفا جديدا يمكن تطويره إلى مبادرة تؤسس لتحولات إيجابية وتفتح المجال امام تغيير جدي في المعادلة لمصلحة سورية وفي التصدي للعربدة التركية فهل يكتمل هذا التحول ؟ المصالح الكردية الواقعية تقتضي السير في هذا الاتجاه عكس ما تدفع نحوه قوة الارتباطات والعلاقات التي تربط جهات كردية فاعلة مع المحتل الأميركي منذ زمن وهي تأسست من أيام تواجد مجموعات حزب العمال في جبال قنديل شمالي العراق.
كان المتوقع من القيادات الكردية في سورية ان تعتبر من درس الاستفتاء الكردي في العراق ولن نعود بالذاكرة كثيرا إلى الوراء مع العلم ان حزب العمال تأسس نظريا على منهجية رفض الارتهان إلى الحسابات الاستعمارية والوعود الأميركية الغربية الصهيونية التي وقعت في شركها القيادة البرازانية منذ عقود وهو بشر بعد تأسيسه بالتحالف مع القوى التقدمية والتحررية في المنطقة وفي مقدمتها المقاومة الفلسطينية وسورية التي احتضنت مؤسسيه ومقاتليه في البدايات.
طمحت الدولة السورية منذ بداية الأحداث إلى تنسيق وثيق مع القوى الكردية المقاتلة التي تصدت لداعش والقاعدة وهي قدمت للمدافعين السوريين وللأكراد منهم خصوصا السلاح والذخائر ونسقت معهم حيث ينبغي لدحر الإرهاب بل سلمتهم بعضا من مواقعها وعتادها المهم.
إن جري بعض القيادات الكردية خلف الارتهان للولايات المتحدة وقبولها بالتحول إلى غطاء للاحتلال الأميركي في الشمال السوري وضع القوى الكردية على المقلب الاخر ورسم لها صورة الاستطالة السياسية والأمنية للمحتل الأميركي وهذا ما حال بقوة دون تطوير التعاون مع الجيش العربي السوري الذي ظهر في بداية الحرب على سورية بين الدولة والقيادات الكردية التي توغلت بعيدا خلف السراب الأميركي وعلى الرغم من الصفعات والخيبات المتكررة.
الأكيد ان الاوان لم يفت على إعلان القيادات الكردية في سورية مواقف جديدة ومتقدمة تنزع الغطاء عن الاحتلال الأميركي وتتصدى للعدوان التركي بالشراكة مع الدولة الوطنية السورية وإدارة الظهر نهائيا للرهان الأميركي الذي حول الوجود الكردي العسكري والسياسي إلى رهينة بيد واشنطن على حساب جميع السوريين وضد رغبتهم ببناء تفاهمات وطنية تنهي العدوان على بلدهم وتصون الاستقلال السوري.
هل يتواصل العمل على تطوير الموقف الكردي في عفرين وخارجها ام يظل ذلك التصريح مجرد بادرة موضعية يتيمة فرضها توازن القوى بعد العدوان التركي وقد تطوى مع انكفائه او فشله ؟ المخاطر على سورية واستقلالها ووحدة ترابها اكبر بكثير من جميع حسابات الربح والخسارة العابرة والمطلوب من القيادات الكردية ان تجري مراجعة جذرية للموقف في ضوء الحقائق التي فضحها العدوان التركي عن الموقف الأميركي الذي اجاز الحملة على عفرين ودعمها سياسيا وعسكريا بل وحشد لها مؤازرة اطلسية سافرة رغم الاعتراض الفرنسي اللفظي والمكرس لتثبيت الأوهام الكردية التي تخدم الدور الأميركي العدواني.