هل تقايض السعودية جنيف 2 بالحكومة اللبنانية ؟
قدم وزير الخارجية الاميركي جون كيري لمضيفيه في السعودية هدايا كلامية عديدة . قال ان الرئيس بشار الاسد فقد شرعيته. واكد انه لن يسمح لحزب الله بتحديد مستقبل الحكومة اللبنانية. لا ندري كيف لن يسمح ولكنه قالها . وطمأن الرياض على انه لن يسمح ايضا لايران بامتلاك السلاح النووي. طهران بالمناسبة تقول هي نفسها ان السلاح النووي هو ممنوع دينيا وفقهيا .
لكن يجب ملاحظة الوجه الاخر من كلام كيري . فهو مع الدبلوماسية في ايران ، ومع الحل السياسي في سورية لان الخيار العسكري لا يؤدي الى اي حل ، وهو مع مكافحة الارهاب ، ومع انعقاد جنيف 2 .
مواقف كيري أرخت ارتياحا في السعودية القلقة جدا من التقارب الايراني الاميركي. وها هو وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل يقدم للضيف الاميركي ما يريده فيشجع المعارضة السورية على المشاركة في جنيف 2 وذلك غداة تشجيع مماثل جاء من جامعة الدو العربية. التي لو تلاحظون دائما تشجع على ما تريده واشنطن. ربما بالصدفة ولكن الصدفة تتكرر . لا تعليق .
كل ذلك كان معروفا. فمذ قرر الاميركي والروسي الذهاب الى جنيف 2صارت قلاع الرفض تتهاوى . وانا شخصيا واثق من ان المعارضة ستعلن الموافقة على الحضور … عاجلا ام آجلا والا فسوف تجد نفسها امام نظام سوري وامام روسيا يحملانها المسؤولية الكاملة عن التعطيل. ولو حصل التعطيل ( لا سمح الله ولا سمح اعداء الحل السياسي ) ، فان الجيش السوري سيسمح لنفسه بشن هجمات جديدة بعد المعركة الخطيرة والحاسمة التي وقعت في السفيرة .
ما تقدم مهم ، ولكن اللافت هو ان يهاجم كيري ومن قلب الرياض حزب الله .كأنه بذلك يرد على هجوم امين عام الحزب السيد حسن نصرالله على السعودية في خطابه الاخير ، وكذلك على مقابلة الرئيس بشار الاسد قبل فترة عبر قناة الميادين والتي اتهم فيها السعودية وقطر وتركيا بالمشاركة في سفك الدم السوري .
فهل ان واشنطن تريد ان توحي للسعودية بانه مقابل موافقتها على جنيف 2، ستحصل على دعم لاستعادة دورها في لبنان ؟
ربما ، ولكني انا شخصيا لا اعرف فعلا ، كيف يمكن ان يحصل ذلك اذا ما قرر حزب الله وحلفاؤه الوقوف في وجه السعودية في لبنان ….. هذا خطير جدا جدا …. لاحظوا ما يحصل في شمال لبنان بين باب التبانة الذي فيه مؤيدون كثيرون للسعودية وجبل محسن الذي معظم سكانه من مؤيدي الاسد .
نحن في عصر التفاهمات والصفقات التي لا شك ستشهد الكثير من العقبات، وستلاقي تقاربا ثم تنافرا ثم تقاربا بين ايران واميركا …..وفي هكذا حالات فان الدول الضعيفة تدفع ثمنا باهضا ، ولبنان ضعيف ، لا بل وضعيف جدا مام لعبة الامم .
وفي عصر التفاهمات ، لا بأس ان قال كيري بان الاسد فقد شرعيته، فهذا ما كان يقوله رئيسه باراك اوباما منذ بداية الازمة السورية ، ولكني شخصيا لا عرف فعلا كيف يمكن فرض ذلك اذا ما اصر الاسد ومعه روسيا وايران وحزب الله والصين وغيرهم على انه جزء من الحل ؟
ان غدا لناظره قريب…….. ولا بأس ان قال كيري للسعودية كلاما جميلا ، فهو ذهب لكي يحصل على جنيف 2 ، وقد حصل على ذلك ….
المهم ، ومهما كانت الاسباب والنتائج ، هو ان يتوقف حمام الدم السوري . فبعد اكثر من عامين من الازمة والحرب ، سيكتشف السوريون انهم دفعوا من حياتهم ودمائهم وبيوتهم لكي تمر على جثثهم لاحقا صفقات وتفاهمات تخدم الجميع الا هم ……… لعلهم سيتكشفون.
سامي كليب عن صفحته على الفايسبوك