هل بدأ المفعول العكسي للتلفيق الإعلامي؟
في معرض الحديث عن مصادر معلومات المنظمات الأممية، وجهت الميادين رسالة الى الناطق باسم المفوضية العليا لحقوق الانسان روبرت كولفيل الذي أعلن يوم الثلاثاء الماضي أن “الجنود السوريين ومليشيات عراقية أعدمت 82 شخصاً في شوارع شرق حلب وفي البيوت” فكان الردّ بأن الأمم المتحدة والمفوضية العليا لحقوق الإنسان لا تستطيعان الكشف عن المصادر “لأن ذلك يعرضها للخطر”.
عرضت لوموند نماذج لصور مفبركة على أنها في حلب
عرضت لوموند نماذج لصور مفبركة على أنها في حلب
التلفيق الإعلامي الذي يرافق الحرب في سوريا منذ بدايتها، وصل الى حدوده القصوى في المرحلة الأخيرة مع معركة حلب، لدرجة أن بعض وسائل الاعلام الغربية، التي لطالما اعتمدت إعلام المعارضة السورية ومواقع التواصل الاجتماعي التابعة للناشطين المعارضين مصدراً للخبر، لم تعد قادرة على التزام الصمت أمام ضخامة الحملة الدعائية والمبالغة في نشر معلومات غير دقيقة.
صحيفة “لوموند” الفرنسية، خصصت عنوانها الرئيس للحديث عن هذه الحملة الدعائية، “الصور المزيفة والدعاية في معركة حلب”، وتحدثت عن صعوبة مهمة من يبحث عن الحقيقة في ظل ما يجري في حلب لكثرة المعلومات المختلقة والصور الزائفة، وعرضت الصحيفة صورة الطفلة التي تركض بين الجثث في مشهد كارثي، وهي مأخوذة من “فيديو كليب” للمغنية اللبنانية هبه طهوجي، وأشارت لوموند الى أن هذه الصورة نشرت على آلاف المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي على أساس أنها لطفلة حلبية قتل كل أفراد عائلتها.
الصحيفة التي أشارت كذلك إلى صور مزيّفة استخدمها المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أمام مجلس الأمن، عرضت مداخلة للصحفية الكندية المستقلة “إيفا بارتليت”، التي زارت سوريا مرات عدة، في ندوة للأمم المتحدة في نيويورك، الصحفية التي زارت سوريا مرات عدة منذ العام 2014 برهنت أنه لا يمكن التأكد من أي معلومة في ما يخص مناطق التوتر وتحديداً شرق مدينة حلب، وأن المنظمات الأممية تستند في معلوماتها إلى ما يعلنه المرصد السوري لحقوق الإنسان وإلى منظمات محلية كمنظمة القبعات البيضاء “التي أسسها ضابط بريطاني سابق وبموازنة شاركت فيها بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية أخرى بلغت 100 مليون دولار ويزعمون أنهم حياديون ولكننا نراهم يحملون السلاح الى جانب جثث لجنود سوريين”.
وفي معرض الحديث عن مصادر معلومات المنظمات الأممية، وجهت الميادين رسالة الى الناطق باسم المفوضية العليا لحقوق الانسان روبرت كولفيل الذي أعلن يوم الثلاثاء الماضي أن “الجنود السوريين ومليشيات عراقية أعدمت 82 شخصاً في شوارع شرق حلب وفي البيوت”، وقالت في الرسالة:
صباح الخير سيد كولفيل،
أنا مراسل الميادين في جنيف، أود الحصول على بعض التوضيحات بالنسبة لما أعلنته يوم الثلاثاء الماضي كانون الأول/ دسمبر الجاري، بأن القوات الحكومية والميليشات العراقية قتلت 82 شخصاً، والاسئلة هي:
ـ ما هي مصادر هذه المعلومات؟
ـ هل تملكون دلائل حسية تتعلق بدور القوات النظامية والميليشيات العراقية في هذا العمل؟
ـ هل عثر على هذه الجثث عليها في المناطق التي يسيطر عليها المسلحون أم التي تسيطر عليها القوات الحكومية؟
أحيلكم الى التصريح الذي أدلى به السيد ستافان دي مستورا (المبعوث الخاص لسوريا) في نيويورك وفيه أعلن ان المنظمة الأممية ليست لديها معلومات حول الجهة التي قامت بإعدام هؤلاء الأشخاص، لأطلب منكم تعليقاً حول ذلك، وإليكم النص الحرفي لتصريح دي ميستورا في نيويورك.
كل الاحترام
موسى عاصي
مراسل الميادين في جنيف
ردّ كولفيل على أسئلة الميادين
ردّ كولفيل على أسئلة الميادين
بعد وقت قصير من هذه الرسالة جاء رد كولفيل مستفيضاً في الرد على السؤال الأول فقط، فشرح مطولاً أن الأمم المتحدة والمفوضية العليا لحقوق الإنسان لا تستطيعان الكشف عن المصادر “لأن ذلك يعرض حياتهم للخطر” وأن ذلك يشبه علاقة المريض بالطبيب المجبر على حفظ سرية الحالة، أو المحامي وموكله، وأن المفوضية لا تكشف عن الأسماء حتى إلى المحاكم الدولية إلا في حال الموافقة المسبقة من الشخص المعني، ولم يعلق كولفيل على ما قاله دي ميستورا، بل قال إن موظفي حقوق الإنسان مدربون من أجل مراقبة المعايير في التعامل مع مثل هذه المعلومات و”نحرص على عدم الإستجابة للشائعات أو الإتهامات التي لا دليل كاف لها، والأمم المتحدة لا تقوم بنشر الدعاية والأكاذيب أو المبالغات لأي طرف كان”.
الميادين أوضحت من جديد أنها لا تبحث عن كشف الأسماء أو الأشخاص الجسديين ولا تريد بأي حال من الأحوال تعريض أحد للخطر، وهذا واضح، بل هناك الكثير من القصص وردات الفعل على قضية الاثنتين وثمانين جثة خصوصاً بعد كلام دي مستورا الذي يؤكد أنه يجهل الجهة المنفذة لهذه الإعدامات.
التضليل الإعلامي لم يقف عند حدود، “آخر مستشفى في حلب تم تدميره بشكل كامل”، هذه المعلومة نشرت 15 مرة في 6 أشهر، وفي تواريخ متفرقة بدأت في 2 شباط/ فبراير من العام الجاري، والمرة الأخيرة كانت قبل أيام قليلة.
المدون الاقتصادي الفرنسي، “أوليفيه برويير” كان له الباع الطويل في مراقبة هذه الحالة واستطاع منذ شهر شباط/ فبراير الماضي جمع التغريدات التي تحدثت عن الموضوع وكانت المصادر مختلفة وليسوا في الأغلب صحافيين، إذ نجد بينهم مستشاراً في الشؤؤن الاستراتيجية مقيماً في الولايات المتحدة وباحثاً بريطانياً ومحطة تلفزيونية باكستانية.