هكذا أعدّ بوتين بلاده للحرب الإقتصادية
موقع الخنادق-
علي نور الدين:
تؤكد الكثير من التقارير الصحفية والمتخصصة، أن الدول الغربية أضرت بنفسها عندما فرضت عقوبات على روسيا، إثر تنفيذ الأخيرة لعملية عسكرية في أوكرانيا، بينما تمكنت روسيا بشكل كبير من امتصاص صدمة هذه العقوبات. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعدّ بلاده لهذا النوع من المواجهات (الحرب الإقتصادية)، منذ أكثر من 8 سنوات (عام 2014 عقب تحرير شبه جزيرة القرم وما تلاه من عقوبات غربية).
وفي هذا السياق، صرّح الرئيس بوتين منذ أيام، بأن العقوبات وجهت ضربة خطيرة للاقتصاد العالمي بأسره، موضحاً بأن الدول الغربية أضرت بنفسها عندما فرضت عقوبات على روسيا، والتي أدّت إلى تدهور الاقتصاد في الغرب. كاشفاً أن التضخم الاقتصادي في بلاده يستقر، وأن الطلب الداخلي على البضائع قد عاد إلى طبيعته.
وعلى صعيد آخر، انتعش الروبل الروسي بشكل مفاجئ وسريع في الفترة الماضية، ووصل إلى مستوى ما قبل العقوبات بمعدل 75 روبلا مقابل الدولار و81 مقابل اليورو، بعد أن كان في شهر آذار/مارس: 120 روبل مقابل الدولار، و132 مقابل اليورو. ويتوقع الكثير من المتابعين الاقتصاديين، أنه قد يصل سعر الروبل في الأيام المقبلة الى 40 أو 50 أو 60 لكل دولار.
فكيف أعدّ الرئيس بوتين البلاد لهذه المواجهة؟
منذ العام 2014، طورت روسيا استراتيجية متعددة تتيح لاقتصادها المرونة، في مواجهة أي عقوبات ممكن أن تتعرض لها مستقبلاً، وأبرز هذه الخطوات:
_الخطوة الأولى بناء صندوق حرب كبير من احتياطيات النقد الأجنبي يقدر بحوالي 630 مليار دولار، بما في ذلك العملات الرئيسية (اليورو، الجنيه الاسترليني، الدولار، الين، واليوان) وما يزيد عما قيمته 100 مليار دولار من الذهب. وتتيح هذه الاحتياطيات، التي تعادل أكثر من ضعف قيمة البضائع التي تستوردها روسيا في العام العادي، مرونة مالية في حال تم فرض قيود على قدرتها لتصدير السلع، وكسب العملات الأجنبية في الخارج.
_ أما الخطوة الثانية، فكانت في تقليل استخدام الدولار الأمريكي، الذي يتم به تسعير معظم السلع، وبالتالي معظم الصادرات الروسية. كما تمكنت روسيا من تقليص نطاق استخدام الدولار بشكل كبير في تجارتها الخارجية، حتى أنها قامت بتحويل تجارتها مع الصين إلى اليورو. كما كان لقرار روسيا الأخير، بفرض الروبل كعملة أساسية في التعامل الخارجي، أو حتى باليورو، دوره الكبير في تعزيز قيمة الروبل أمام الدولار.
_ أما الخطوة الثالثة، فكانت من خلال ترشيد الإنفاق العام، وفرض قيود على الواردات، الأمر الذي ساهم بتنشيط الإنتاج المحلي بشكل كبير، وأدى الى تخفيف الاعتماد على السلع الأجنبية إلا الضروري منها. كما قامت بإعادة هيكلة ديون الشركات الروسية، لكي تكون بالروبل وليس بالعملات الأجنبية. وعلى صعيد الديون الخارجية، حافظت على أن تكون أقل من ثلث الاحتياطات بالعملات الأجنبية.
_ الخطوة الرابعة كانت من خلال تطوير أنظمة مدفوعات محلية، في حال تم فصلها كما حصل فعلياً، عن المنصات التي يهيمن عليها الغرب “ماستر كارد – Mastercard” و”فيزا – Visa”، ويُسمى نظام الدفع المحلي “مير – Mir “. كما تم إنشاء نظام دفع بين البنوك، مماثل لطريقة عمل نظام “سويفت – SWIFT “.
_أما الخطوة الخامسة، فكانت من خلال تكثيف التعاون الاقتصادي مع الصين والعديد من دول الشرق كالهند، بحيث لا تكون الصادرات الروسية موجهة للغرب فقط. وعلى هذا الصعيد أيضاً، استفاد من علاقاته بالدول الأعضاء في “أوبك بلس”، الذين هم أغلبيتهم من دول الخليج، في منع واشنطن من فرض قيود على قطاع النفط الروسي، والتخفيف من حاجة القارة الأوروبية لهذا القطاع.