نيابةً عن الأمة الغائبة.. المقدسيون بأجسادهم يتصدون لمؤامرة تقسيم الأقصى
موقع إنباء الإخباري ـ
د.محمد أبوسمره* / فلسطين المحتلة ـــ غزة..
منذ عدة أشهر يتعرض المسجد الآقصى المبارك لهجمات، وإعتداءات، وإقتحامات يهودية/ صهيونية/ عنصرية/ يومية/ منظمة ومتتالية، لم يسبق لها مثيلاً من قبل ، وتتم هذه الهجمات العدوانية العنصرية اليومية التي يقوم بها قطعان المستوطنين ، تحت حماية ومرافقة شرطة العدو وجيشه وأجهزة مخابراته وأمنه المختلفة ، وفي الغالب تكون مصحوبة بممارسة أقصى درجات العنف والقسوة ضد المصلين ، والمرابطين والمرابطات في المسجد الآقصى المبارك والحرم القدسي الشريف ، وضد طلاب وطالبات مصاطب العلم ، والمدافعين عن حرمة وقداسة وطهارة وإسلامية المسجد الآقصى المبارك والحرم الشريف ، بالتزامن مع هجمات تهويدية ، وإستيطانية واسعة في القدس والضفة الغربية المحتلة، والهدف هو في غاية الوضوح : إكمال تهويد مدينة القدس المحتلة، وضواحيها، وخصوصاً البلدة القديمة ، والسيطرة على أكبر مساحة ممكنة داخل الحرم القدسي الشريف والمسجد الآقصى المبارك، وفرض التقسيم المكاني والزماني بين المسلمين ، وقطعان اليهود الصهاينة المستوطنيين ، وتهويد الحرم الشريف تدريجياً ، تمهيداً لهدم المسجد الآقصى المبارك وقبة الصخرة المشرّفة ومقابر الصحابة وقادة الفتح الإسلامي والتابعين وأولياء الله الصالحين ( رضوان الله عليهم أجمعين )، وبناء الهيكل اليهودي / الصهيوني المزعوم ، وفي مراحل لاحقةً السيطرة التامة على الحرم القدسي الشريف والمسجد الآقصى المبارك…..
ومايحدث للمسجد الآقصى المبارك ، يحتاج بشكل عاجل إلى التخلص من كافة آثار وتبعات وذيول وتأثيرات ، وأعراض وأمراض الإنقسام الفلسطيني المؤسف ، وتكريس الوحدة الفلسطينية الحقيقية ،الكاملة والشاملة والمتكاملة ، وإن لم يكن ذلك ، فعلى الأقل وحدة موقف ، مشروع ، وفعل ، خطة ، وأدوات ، وبرامج ، لمواجهة هذا الخطر الداهم ، فالآن العدو وبعد أن نجح تدريجياً في فرض التقسيم الزماني في المسجد الآقصى المبارك ، يريد أن يفرض التقسيم المكاني ، خصوصاً في ظل انشغال الأمة الإسلامية والعربية في التصدي لداعش ، وأخواتها ، والتصدي للفتن المتلاحقة والمتتالية ، والفوضى الغير خلاّقة ، التي تسعى أميركا والغرب ، وجميع أعداء الإسلام والأمة ، من خلالها إلى إعادة تفتيت المُفتّت ، وتقسيم المُقسّم ، وتجزئة المُجزّأ ، وتدمير الأنظمة السياسية والكيانية العربية والاسلامية ، من خلال تدمير مكونات النظام السياسي العربي بشكله الحالي ، وكذلك في ظل الانشغال الفلسطيني في مواجهة آثار العدوان الصهيوني الغاشم على قطاع غزة ، واستمرار العدوان والإستيطان والتهويد باشكاله المختلفة في القدس والضفة الغربية المحتلة ، وكذلك في ظل الانشغال الفلسطيني ( سياسياً ) لمعالجة آثار الانقسام الفلسطيني المؤلم ، وآثار ونتائج الحرب والعدوان الصهيوني البربري على قطاع غزة ، والذي استمر لمدة 51يوماً من 8/7/2014إلى 28/8/2014 وأدى إلى سقوط أكثر من 2200شهيد ، و11500جريح ، وهدم قرابة50 ألف منزل ، وتشريد أكثر من ربع مليون فلسطيني ، وتدمير البنية التحتية ، و300 منشأة اقتصادية ، و200مسجد ، بالإضافة إلى العديد من المدارس والمصانع والورش والمزارع والمحال التجارية ، والشركات والمؤسسات والوزارات والمستفيات ، حتى المقابر تعرضت للقصف والإستهداف ….
ومن المفترض أن يعجّل الاستهداف اليهودي الصهيوني الخطير والشامل للمسجد الاقصى المبارك ، والحرم القدسي الشريف ، وسعي العدو لتثبيت وتكريس التقسيم الزماني ، وتنفيذ وتكريس التقسيم المكاني ، كل ذلك من المفترض أن يعجل بتحقيق المصالحة الفلسطينية الشاملة ، وتوحيد الأداء الفلسطيني وفق خطة عملية مدروسة ، وإزالة كافة آثار الانقسام الفلسطيني المؤسف ، وتوحيد كافة الجهود والأدوات والقدرات والطاقات والخطط والمشاريع الفلسطينية ، وأيضاً تحريك الجماهير الإسلامية والعربية ، وحشد الطاقات والجهود العربية والإسلامية / الشعبية والرسمية ، وإستنهاض الشارعين العربي والإسلامي ، وتوفير كافة أشكال الدعم العربي والإسلامي والدولي للتصدي لهذا المخطط الصهيوني النازي العنصري ، الذي يستهدف السيطرة على المسجد الآقصى المبارك والحرم القدسي الشريف ، وتحويلهما إلى كنيس يهودي ، وهدمهما وبناء الهيكل المزعوم ، وللعلم : لم يكون هناك في التاريخ شيئاً اسمه هيكل سليمان على الإطلاق ، ولم تكن أبداً هناك دولة لليهود ، في أية مرحلة من مراحل التاريخ ، عدا أن تكون هذه الدولة أو المملكة أقيمت في فلسطين ، ولم يكن هناك أي وجود لليهود على أرض فلسطين التاريخية ، وبل في بلاد الشام كلها ، منذ فجر التاريخ ، وحتى بدايات الهجرة اليهودية الاستيطانية إلى فلسطين أواخر القرن قبل الماضي ، فهذه دولة لقيطة قامت على مجموعة من الأوهام والأساطير والأكاذيب والإدعاءات الباطلة والمزعومة ، ومنذ أن هبط آدم ( عليه السلام) على الأرض ، ومنذ تكليف الله تعالى له أولاً ببناء المسجد الحرام في مكة المكرمة ، ومن ثم تكليفه ببناء المسجد الآقصى المبارك ( وهو ثاني مسجد بني على وجه الأرض بعد البيت الحرام ) ، وحتى نهاية القرن التاسع عشر لم يكن مطلقاً لليهود أية علاقة أو وجود في فلسطين أو القدس او المسجد الآقصى المبارك والحرم القدسي الشريف ، وفي وصايا الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لصحابته ، ووصايا الخلفاء الراشدين ( رضوان الله عليهم ) ، وخاصة الخليفة العادل الفاروق عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) لقادة جيوش الفتح الاسلامي، والأمراء الذين تولوا إدارة الحكم الاسلامي في فلسطين وبلاد الشام ، كان هناك تأكيد واضح على تحريم هذه الأراضي المقدسة على اليهود والمشركين ، وعلى طهارة هذه الأرض من كل رجس ودنس حسي ومعنوي ، وعلى بركة هذه الأرض ، فهذه هي أرض الحشر والحشد والرباط ، وهي أرض المحشر والمنشر ، ولذلك كان التخصيص النبوي الشريف على تعظيم أجر كل من سكن ساحلاً من سواحل الشام ، أو في بيت المقدس وجوار وأكناف بيت المقدس ، التأكيد على أن كل من سكن فيها ، فهو في رباط وجهاد إلى يوم الدين، وسواحل بلاد الشام تمتد وفقاً للأثر والحديث النبوي الشريف من العريش / أقصى جنوب غرب البحر الأبيض المتوسط ، حتى لواء الإسكندرونة / أقصى شمال غرب البحر المتوسط ، وكذلك فإن المساحة الجغرافية لبلاد الشام تمتد من العريش حتى الفرات ( حسب الحديث النبوي الشريف ) ، هذا يعني أنها تشمل أجزاءً من شبه جزيرة سيناء ، وكل فلسطين ، وكل الأردن ، وكل سوريا ولبنان ، وأجزاء كبيرة من العراق ، ومن شمال غرب ، وشمال وسط السعودية ، وأجزاء من تركيا ، والحديث النبوي الشريف الذي أجاب على سؤال لأحد الصحابة الكرام ( رضوان الله عليهم ) ، عن حدود بلاد الشام ، في ظل تكرار أحاديث النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن اهمية وخصوصية وقداسة بلاد الشام ، وعِظَم أجر م سكن او رابط أو جاور ساحلاً من سواحلها ، وهذا الحديث الكريم للنبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أوضح أيضاً حدود ( البركة الإلهية لبيت المقدس وأكناف بيت المقدس ) ، في الآية القرآنية الكريمة من سورة الإسراء : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الآقصى الذي باركنا حوله ) ، بالإضافة إلى الربط الإلهي مابين المسجد الحرام والمسجد الآقصى ، وجعل بيت المقدس قبلة المسلمين الأولى ، والبيت الحرام قبلتهم النهائية ، والإسراء بالنبي الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من المسجد الحرام إلى المسجد الآقصى ، ومعراج النبي العظيم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نحو السماوات العُلا من المسجد الآقصى المبارك ، وكأنما الله ( سبحانه وتعالى ) يقول لنا لابقاء لكم ، ولا إنتصار ، ولا علو ، ولانهضة ، ولا وحدة ، ولا نصر ولا تمكين لكم ، إلا بالربط في حركتكم وجهادكم وحياتكم وعملكم مابين المسجد الحرام والمسج الآقصى المبارك ، وأن نهضتكم لايمكن أن تتم إلا بالتماس المباشر مابين المسجدين الشريفين ، فالتمسك بالأول يمثل لكم طريق الهداية نحو الحق ، والتمسك بالثاني يمثل لكم بوابة معراجكم نحو الله والسماوات العُلا ، ونضهتكم وعالميتكم ودورة حضارتكم الأولى كانت مرتبطة بالمسجد الحرام وإنطلاقاً منه ، أما نهضتكم وعالميتكم ، ودورتكم الحضارية الثانية فستكون إنطلاقاً من المسجد الآقصى المبارك بالتماس المباشر مع المسجد الحرام ، وكذلك كان أيضاً الربط النبوي الشريف ، في الحديث النبوي المبارك : ( لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الآقصى ) .
و حرم الله ونبيه الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هذه الأرض المباركة ، وبيت المقدس ، والمسجد الآقصى المبارك على اليهود ، وقد أخبرنا الله تعالى في قرآنه الكريم ( سورة البقرة ) و( سورة الإسراء ) ، والعديد من الآيات في سور أخرى ، ونبيه الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، عن إحتلال وإغتصاب اليهود بدعم ومساندة من قوى الباطل ، والشر والكفر والفساد والإفساد والمشركين في العالم لبيت المقدس وأكناف بيت المقدس ، وكذلك أخبرنا القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف ، أن هذه الديار المقدسة ستكون مقبرةً لليهود من شتى أنحاء العالم ، بإعتبارهم يمثلون أقصى درجات الشر والباطل والسوء ، وأن النصر سيكون حليف المسلمين المؤمنين الصادقين الأطهار ( فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي باس شديد ) ، ( إذا جاء وعد الآخرة ليسؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ماعلوا تتبيرا ) ، ( إذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا ) .
وفي ظل الخطر الداهم الذي يتعرض له المسجد الآقصى المبارك خصوصاُ ، والقدس الشريف عموماً ، فمن المهم أن يكون هناك وحدة موقف فلسطيني وعربي وإسلامي ، للتصدي لهذا المخطط الصهيوني العنصري اتجاه المسجد الاقصى المبارك ، الذي كان منذ الأزل وسيبقى مسجدا للمسلمين وحدهم ، دون غيرهم ، والحرم القدسي الشريف وبيت المقدس ، وواجبنا الشرعي أن ندافع عنهم بلحمنا الحي ، حتى تنهض الأمة العربية والإسلامية ، وتتماسك وتتقدم جيوش الفاتحين نحو المسجد الاقصى المبارك وفلسطين المحتلة ، لتزيل هذا الوجود السرطاني من الوجود .
وأمام التهديدات والتحديا ت و التضحيات الآلام الكبيرة التي نعاني منها كفلسطينيين عموماً ، وكمقدسيين وغزيين خصوصاً ، نجد أنفسنا مضطرين للتساؤل ، ونحن نعرف الأجوبة مسبقاً :
ـــ أين الفصائل والأحزاب والقوى والشخصيات والقيادات الفلسطينية من إعتداء الصهاينة الوحشي البربري على المسجد الآقصى وتدنيسه ، والتسبب بجراح عشرات المرابطين ، والمصلين ، والمدافعين عن الاقصى بلحمهم الحي وأظافرهم واسنانهم وعظامهم ؟؟؟
ـــ أين آلاف الفصائل والأحزاب والقوى والمؤسسات والجمعيات والهيئات واللجان العربية والإسلامية المنتشرة في العالم الاسلامي ، وكلها ترفع شعار تحرير المسجد الاقصى من الاحتلال ؟؟
ـــ أين م .ت.ف والسلطة الوطنية الفلسطينية وحكومة الوفاق الوطني ؟
ـــ أين جلالة الملك عبد الها الثاني ، والمملكة الأردنية الهاشمية ، وزارة الأوقاف الأردنية التي تتولى رعاية وإدارة الحرم القدسي الشريف والمسجد الاقصى المبارك ، والمقدسات والأوقاف الإسلامية في القدس الشريف ؟
ـــ أين لجنة القدس الشريف ، وبيت مال القدس الشريف التي انبثقت عن المؤتمر الاسلامي ويتولى رئاستهما جلالة الملك المغربي محمد السادس ؟
ـــ أين مصر الشقيقة الكبرى ؟؟
ــ أين الجمهورية الاسلامية في إيران ؟؟
ـــ أين خادم الحرمين الشريفين ، وحكام وأمراء الخليج ، واين كل الحكام والرؤساء والملوك والزعماء العرب؟
ـــ أين منظمة مؤتمر التعاون الإسلامي ، والجامعة العربية ، وجميع القوى الحية في الأمة الإسلامية والعربية ؟؟
أيها العرب ، أيها المسلمون : ألا تستفزكم صرخات نساء القدس وفتياتها وشبانها وشيوخها ونساءها ؟؟
ـــ ألا يستفزكم الاعتداء الوحشي على أعراض بناتكم واخواتكم ، ونساءكم ، داخل حرم المسجد القبلي بالمسجد الاقصى المبارك ، وداخل باحات المسجد الآقصى المبارك ، وجنبات الحرم القدسي الشريف ؟؟
ــــ ألاتستفزكم دموع ودماء وصرخات أطهر نساء وفتيات الأرض وهن يدافعن عن عرضكم ومسجدكم الاقصى المبارك بعظامهن ولحمهن الحي ؟؟
ــ ألا تستفزكم تكبيرات النساء والفتيات والفتية والشبان والرجال والشيوخ والعجائز ، وهم يدافعمون عن قبلتكم الأولى ومسرى نبيكم العظيم ( صلى الهل عليه وآله وسلم ) بلحمهم الحي ، ودمائهم ، وجراحهم ، واضافرهم وأسنانهم ، وعظامهم ، وهم يصرخون الله اكبر…. الهم اكبر ، وينادونكم : أين انتم ياعرب ، يا مسلمين ؟؟؟
إنه الأقصى المبارك المقدس ، مسرى نبيكم الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وثالث الحرمين الشريفين وقبتلكم الأولى يا مسلمين ، فلماذا هذا الصمت والضعف والغياب ؟؟؟
عذراً ….. الأمة العربية والإسلامية مشغولة عنك يا أقصى ، لاتنتظرهم … ، وكن على ثقة يوماً ما ، ــــ ولن يكون بعيداً بإذن الهل تعالى ـــ سيأتيك الفاتحون أفواجاً … أفواجاً ، لاتقلق يابيت الهن المقدّس ، فهو وعد الله الحق ، سيأتي الفاتحون من الجنوب والشمال ومن الشرق , وستبقى يا أقصى شاهداً على أن الله أختص لتحريرك وتطهيرك من دنس اليهود ، عباده المخلصين أولي باس شديدٍ… نحن على الموعد ..
يا الله … ياالله .. نحن والآقصى ، فلسطين وشعبها الأبَّي ، والمسجد الآقصى المبارك ليس لنا سواك يارب ، فانتصر لنا اننا مظلومون .. يارب نصرك الذي وعدت .. فالبيت بيتك ، والحرم حرمك ، وهذا مسرى نبيك الاعظم ( اللهم صل على محمد وآله الطيبين الآطهار وصحابته الأبرار) ، وهذه القبلة الأولى التي توجه اليها المسلمون ليعلنوا لك ولاءهم ، وليقروا لك بواحدنيتك وعظمتك …. يا الله ليس لنا سواك .
*مفكر ومؤرخ إسلامي / فلسطيني
رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني، ومركز القدس للدراسات والاعلام والنشر (القدس نيوز)