نضوب المياه الجوفية في المملكة: فتشوا عن أرامكو!
نقلًا عن موقع خبير السعودي
ببساطة يقابل وزير المياه الانتقادات على تعرفة المياه الجديدة، بالقول … إن “تكلفة فاتورة مياه المنزل لا تصل إلى نصف قيمة فاتورة جوال فرد واحد من الأسرة”!
يبدو أن الوزير لا يكترث لما يُكتب في الصحف السعودية، وكأنه لم يمر على تحذيرات الخبير والمحلل الاقتصادي السعودي فضل بن سعد البوعينين التي أكد فيها أن التأثير السلبي لتعريفة المياه الجديدة ينعكس على دخل 95% من مواطني المملكة، وأن البيانات التي بني عليها قرار رفع التعريفة لم تكن دقيقة.
الكاتب السعودي “فهيد العديم” تساءل: “هل نكمل العنوان بـ “يا قلب لا تحزن”، أم ننتظر حتى يقول مسؤول قادم إن تباطؤ أداء وزارته سببه قلب المواطن الذي أصبح نبضه غير منتظم؟!”
“الأمر لا يحتمل هذه الضجة فالوزارة تقول بصراحة: (فاتورة المياه لا تصل إلى نصف فاتورة جوال أحد أفراد الأسرة)، والمقصود طبعا هو أحد أفراد أسرة المسؤول وليس المواطن”.
ويضيف:” لكن كالعادة المواطن بلا فكر ولا وعي ويعتقد أنه المقصود، ثم – وهو الأهم – إذا كانت شركات الاتصالات تسرقك ليلا ونهارا، ومع ذلك تتعايش معها فلماذا الاعتراض على الماء؟”
تأتي أزمة المياه الجوفية في المملكة بالتزامن الأزمة العالمية الحادة المتعلقة بالمياه والتي تتفاقم يوماً بعد يوم. ولكن لطالما حذر متخصصون من أزمة مياه مقبلة في المملكة السعودية نتيجة للهدر المائي الكبير، مع ما تعانيه المنطقة من شح الأمطار في السنوات الأخيرة.
الباحث والخبير في علوم المياه “عبد العزيز الطرباق” علق بأن المملكة منطقة صحراوية لا توجد فيها أنهار جارية ولا توجد فيها مصادر مائية طبيعية ضخمة ما عدا مياه جوفية قابلة للنضوب. إلا أن هذا التفسير لا ينطبق على محافظتي القطيف والأحساء ، لطالما شكلت هذه المنطقة واحة تنبع فيها مياه العيون تلقائية بشكل طبيعي دون الحاجة للمضخات، وسبق أن وصف أحد الجيولوجيين المنطقة بأنها تقع فوق نهر ضخم جداً.
منسوب المياه الجوفية بدأ بالنضوب شيءاً فشيئاً منذ نهاية الثمانينات، وفي منتصف التسعينيات جفت تلك العيون. ما هو السبب؟ الاجابة: فتش عن “أرامكو”.
يقول الخبراء البيئيون عن الأحساء إن الشركة كانت لعقود تضع مضخاتها بقرب “جبل بوغنيمة” قبل افتتاح تحلية القرية، حتى استنزفت بصورة كارثية مجرى مياه “عين نجم” وغيرها عبر الشفط من تلك المضخات وتوزيعها على حقول البترول لمضخّات فرعية، وهو ما ترتب عليه كارثة مياه بيئية تاريخية تعرضّت لها الأحساء. وبدلاً من تعويضها من ثروة الذهب الأسود في جوفها شكّل الأمر كارثة استنزفت ثروتها المائية وصحيح أنّ هناك عوامل أُخرى لنقص المياه منها طبيعية وبشرية لكن ذلك لا يُقلّل من مسؤولية “أرامكو” التاريخية .
في تصريح لـ “خبير” ينقل مصدر من “أرامكو” رفض الكشف عن اسمه أنَّ “السبب في نضوب مياه عيون القطيف يعود إلى السحب الجائر لمياه الخزانات الحاوية لمياه هذه العيون من قبل شركة أرامكو التي كانت ولا زالت تسحب كميات هائلة جداً من خزانات المياه الجوفية في المنطقة التي كانت تغذي العيون”.
ويضيف المصدر “كذلك من قبل بعض ملاك المزارع الكبيرة مع عدم تعويض هذه الخزانات من مصادرها الواقعة في جبال السروات، غرب الجزيرة العربية، وذلك إما لشح في الأمطار، أو بسبب إقامة السدود الضخمة، التي صارت تمنع تسرب المياه من منطقة الدرع العربي إلى سهول المنطقة”.
لماذا أقدمت “أرامكو” على تجفيف منابع المياه؟ الأمر متعلق بالإستراتجية الأمريكية التي لطالما كان هدفها الحصول على النفط بأبخس الأثمان، ولو جاء ذلك ذلك عبر الدمار البيئي.
أوصلت سياسات “أرامكو” إلى تجفيف الآبار الارتوازية، وأدى إلى زيادة الاحتباس الحرارة، وساهم في التقليل من الأمطار في السنوات العشر الأخيرة، وهي مشكلة فاقمها غياب أي مشروع لتجميع الأمطار، هذه السياسة كلها أدت إلى تجفيف المياه وانعكست بالتالي على الزراعة.
يفسر مصدر “أرامكو” أن النظام الرأسمالي الذي يتحكم بسياسات الشركة ولا ينظر إلا إلى تحقيق الربحية هو السبب وراء الأوضاع الكارثية التي تعاني منها المملكة. أما المشاريع الإنمائية والاجتماعية والبيئة التي تقوم بها “أرامكو” تفرضها شروط الحصول على شهادة “أيزو”، وهي نظام إدارة الجودة والمقاييس الدولية، التي تطلع إليها الشركة. لا تتطلع “أرامكو” إلا لتحقيق الربحية دون مراعاة مصالح الموطنين والمنطقة.
ويختم المصدر حديثه لـ”خبير” أن هناك بعض الشخصيات في القطيف قد تنبأت مبكراً إلى أن “أرامكو” في سياستها التي تستجلب الدمار البيئي وتدمير ثروات المنطقة الطبيعية، ويردف: “هذا مايحصل الآن، وبالمحصلة من يدفع الثمن والضرر دائماً هم المواطنون!”