نصر الله حاسماً الجدل حول طائرة الإستطلاع: المقاومة أرسلتها
حسم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الجدل الذي دار في الآونة الأخيرة حول جملة من الملفات المرتبطة بالمقاومة وحزب الله، بدءاً بالطائرة التي خرقت الأجواء الإسرائيلية معلناً مسؤولية حزب الله عن هذه العملية، وصولاً إلى الموضوع السوري والإتهامات التي وجهت إلى حزب الله بالقتال إلى جانب النظام السوري حيث وصفها بـ”الكاذبة”، مروراً بتفجير مخزن الأسلحة التابع للمقاومة في منطقة البقاع مؤكداً أن انتشار مخازن السلاح هو من بديهيات عمل القوات الدفاعية سواء كانت جيشاً نظامياً أو مقاومة شعبية.
وفي موضوع الطائرة تبنى السيد نصر الله العملية التي أطلق عليها اسم الشهيد حسين أيوب وهو أحد المؤسسين لهذا السلاح، موضحاً أن الطائرة ليست روسية وإنما هي صناعة إيرانية وتجميع وإنتاج الكادر اللبناني التابع للمقاومة.وقال نصر الله “إن الإنجاز هو بتحليق الطائرة مئات الكيلومترات فوق منشآت ومواقع إسرائيلية حساسة قبل أن يتم إسقاطها بالقرب من مفاعل ديمونة” قائلاً إن “إسرائيل تكذب على شعبها وهي لم تكتشف الطائرة فوق البحر” مضيفاً أن “إمتلاك المقاومة لهذا النوع من الطائرات يمكنها الوصول إلى أهداف بعيدة منها جزر محتلة في البحر الأحمر”.وأكد نصر الله “أن رحلة الطائرة ليست الأولى (سبقتها طائرة المرصاد) ولن تكون الأخيرة ومع هذا النوع من الطائرات نستطيع الوصول إلى أماكن كثيرة” قائلاً “فلندع للإسرائيليين أن يكتشفوا قدرات الطائرة التي حلقت فوق البحر وكلنا يعرف ماذا في البحر وفوق اليابسة وكلنا نعرف ماذا في اليابسة”.
وأكد نصر الله أن “تطوير قدرات المقاومة سيتواصل ليل نهار والمهمة الأولى هي مواجهة العدو الإسرائيلي”.
لا جبهات أمامية وخلفية للمقاومة
وفي ملف آخر يتعلق بانفجار مخزن الأسلحة التابع للمقاومة في بلدة النبي شيت في البقاع أوضح الأمين العام لحزب الله أنه لا يوجد بالنسبة للمقاومة جبهات أمامية وخلفية مؤكداً أن “الجبهة الأمامية هي كامل مساحة عمل العدو والدفاع عن الوطن” معتبراً أن “مشكلة البعض في لبنان ليست مع مخازن السلاح بل مع أصل المقاومة” أيا كانت هويتها.ودعا نصر الله من وصفهم بـ”الخصوم السياسيين” إلى تقليد “العدو الذي تفهم الضرورات العسكرية التي تقتضي نشر المقاومة لمخازن أسلحتها” قائلاً “من المنطق والطبيعي أن قوات الدفاع سواء كانت جيشاً نظامياً أو مقاومة شعبية أن تكون منتشرة وان يكون سلاحها ومخازنها كذلك”.
النظام السوري لم يطلب مساعدة من أي أحد
وجدد السيد نصر الله نفي مشاركة حزب الله في القتال إلى جانب النظام السوري واصفاً الإتهامات التي سيقت ضد الحزب في هذا المجال بـ”الكاذبة وغير الصحيحة” قائلاً إن النظام السوري لم يطلب “أي مساعدة”.وكشف نصر الله أن “ثلاثين ألف لبناني من مختلف الطوائف يقطنون في قرى سورية على الحدود مع لبنان وان هؤلاء تعرضوا لاعتداءات من قبل جماعات مسلحة نهبت وسرقت وإنتهكت الأعراض” موضحاً أن هؤلاء “إتخذوا قراراً بالدفاع عن النفس وأملاكهم في مواجهة هذه الجماعات” في ظل عدم قيام الدولة اللبنانية بأي خطوة تجاههم. وأوضح نصر الله “أن عدداً من أبناء تلك العائلات اللبنانية ينتمي إلى أحزاب لبنانية ومنها حزب الله” وأن هؤلاء يتبعون وفق هيكلية المقاومة “للشهيد أبو عباس مسؤول الهيكلية العسكرية في منطقة البقاع” نافياً ما قيل عن الأخير في وسائل الإعلام.
ونصح السيد نصر الله بعض المعارضة السورية بعدم التهديد والتخويف معتبراً أن شرط الإعتذار بموضوع المخطوفين اللبنانيين في سورية لا يقبله أحد خاتماً خطابه بالقول “دعونا خارج المعركة والصراع ولا يهددنا ويجربنا أحد”.
وفيما يلي النص الكامل لخطاب السيد نصر الله:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام عل سيدنا ونبينا محمد خاتم النبيين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
موضوعي الأساسي هو الحديث عن قضية طائرة الإستطلاع التي عبرت في أجواء فلسطين المحتلة إلى منطقة الجنوب، جنوب فلسطين المحتلة، وأنا إن شاء الله سأسعى أن لا أتجاوز الوقت المحدد. من خلال هذه القضية أريد أن أدخل إلى بعض العناوين التي كانت خلال الأسبوع الماضي أو الأسبوعين الماضيين موضع متابعة واهتمام على المستوى اللبناني، وحتى خارج لبنان طبعاً، بما يتسع له الوقت إذا ساعد الوقت أذكر كل النقاط، وإن لم يساعدني فإن بعض النقاط يمكن تأجيلها إلى وقت آخر.
أولاً: في موضوع الطائرة:
نحن أمام عملية نوعية جداً ومهمة جداً في تاريخ المقاومة في لبنان، بل في تاريخ المقاومة في المنطقة.
وفي كل الأحوال، الآن كثير من اللبنانيين والعرب مشغولون عن الصراع الأساسي. فالقصية بيننا وبين الإسرائيلي، أجمع الصهاينة على أهميتها وخطورة دلالاتها، من خلال متابعتنا للمواقف الإسرائيلية سواء السياسيين أو العسكريين أو الإعلاميين، منذ بداية الحدث حتى هذه اللحظة. الموضوع هو أن المقاومة في لبنانأ طائرة استطلاع متطورة من الأراضي اللبنانية ـ لا داعي أن نحدد من أين في الأراضي اللبنانية ـ باتجاه البحر، وسيّرت هذه الطائرة مئات الكيلومترات فوق البحر ثم اخترقت إجراءات العدو الحديدية ودخلت إلى جنوب فلسطين المحتلة وحلقت فوق منشأت وقواعد حساسة ومهمة لعشرات الكيلومترات في عرض الجنوب إلى أن تم اكتشافها من قبل العدو على مقربة من منطقة ديمونا، فتصدى لها سرب من الطائرات سلاح الجو الإسرائيلي وقام بإسقاطها.
أنا طبعاً لا أريد الآن أن أدخل في التفاصيل الفنية والتقنية، أترك هذا للإختصاصيين، وإنما أريد أن أتحدث عن بعض جوانب هذه القضية ودلالاتها، وسأقول هذه الليلة ما نراه مناسباً أن يقال، ليس كل ما هو معلوم سيقال هذه الليلة.
بالدرجة الأولى، أنا اعتبر هذا الحديث هو إعلان تبني وأعلان مسؤولية من قبل المقاومة الإسلامية عن هذه العملية النوعية.
الجماعة (الإسرائيليون) ما زالوا محتارين بالنقاط التي ذكرتها وليس واضحاً عندهم الأمور، وهم مرتبكون قليلاً في تحديد المسؤوليات. لكن اليوم ناتنياهو أعلن بشكل رسمي تحميل حزب الله مسؤولية العملية، يمكن أنه يودّ أن “يسبّق” علينا، لأنه كان واضحاً من أعلان أمس عن الحديث في هذه الليلة اننا سنتحدث عن الطائرة، فهل سننشد فيها شعراً، بدنا نتبناها.
في الدلالات والنقاط التي أحب أن اقف عندها قليلاً.
أولا هذه هذه المرة الأولى في تاريخ حركات المقاومة في لبنان والمنطقة يتم فيها امتلاك قدرة جوية من هذا النوع، امتلاك هكذا قدرة، هذه هي المرة الأولى.
طبعاً هذه الطائرة هي أكبر وأهم من جوانب عديدة من طائرة مرصاد التي تم استخدامها من قبل المقاومة في عام 2006، وحتى نخفف عنهم التحليل والبحث، هذه الطائرة ليست روسية، هذه الطائرة من صناعة إيرانية، وتجميع وإنتاج الكادر اللبناني المتخصص في حزب الله. وعلى اللبنانيين أن يفخرو أن لديهم شباباً ولديهم عقولاً بهذا المستوى.
ثانياً: أيضا هذه هي المرة الأولى في تاريخ حركات المقاومة يتم فيها استخدام طائرة من هذا النوع وإلى عمق الأراضي الفلسطينية، بل إلى جنوب فلسطين المحتلة، وإلى تلك المنطقة الحساسة جداً.
ثالثاً: الطائرة أقلعت وطارت في المسار المحدد لها بدقة ـ كما قلت ـ لمئات الكيلومترات واخترقت كل الإجراءات الإسرائيلية وصولاً إلى منطقة قريبة من منطقة مفاعل ديمونا.
أما حديث الإسرائيلي الذي يقول إنه اكتشفها بالبحر وهو تركها تدخل إلى اليابسة وسمح لها بالسير ـ وهناك نقاش 50 كيلو 60 كيلو 70 كيلو هذا اتركه للاختصاصيين واكتفي بالقول عشرات الكليلومترات في اليابسة ـ هذا كذب على شعبه وعلى نفسه، والإسرائيليون أنفسهم قالوا إنه بعد أن اكتشفوا الطائرة تركوها تسير باتجاه منطقة غير مأهولة وقاموا بإسقاطها، والسؤال هل كان البحر مأهولاً حتى تركوها تدخل إلى اليابسة بانتظار أن تصل إلى منطقة غير مأهولة ويقوم باسقاطها. هذا يعني أنه يمكن العمل بجد واختراق كل الإجراءات التي يتخذها العدو مهما كانت صعبة أو معقدة في معركة العقول والأدمغة، يجب أن تكون هناك ثقة بعقولنا وبأدمغتنا وبانساننا اللبناني والعربي والمسلم والشرقي.
هنا الإنجاز، أن تسير الطائرة كل هذه المساحة وتخترق الإجراءات وتمشي كل هذه المسافة في جنوب فلسطين، أما أن يتم إسقاطها في نهاية المطاف، فهذا أمر طبيعي ومتوقع. ليس هنا الإنجاز، الإنجاز أن تسير مئات الكيلومترات في منطقة من المفترض انها مليئة بالرادارات الإسرائيلية والأمريكية والحلف أطلسية واليونيفيلية وا وا وا الخ.
في كل الأحوال، بعض الإسرائيليين قالوا بالحرف الواحد، تحدثوا عن فشل موضعي أو عن تصدع في مكان ما بالقول: “الفخر الإسرائيلي بأن المجال الجوي الإسرائيلي، بما في ذلك سماء البحر المتوسط على مسافة بعيدة، هو غير مخترق هذا الفخر تصدع الآن” لا نود القول اكثر من تصدع، نحن نرضى بهذا.
رابعاً: كان واضحاً مستوى الحيرة لدى الإسرائيليين في فهم وادراك ما حصل وكيف حصل ولأيام كانوا ضائعين، إلى إن أعلن اليوم ناتنياهو الأمر بشكل واضح.
خامساً: إن تشغيل هذه الطائرة وإداراتها في المسار الصحيح يعبّر عن مستوى احتراف الكادر المتخصص في المقاومة، وهذا ما اعترف به الإسرائيلي نفسه في سياق التعليق على هذه الحادثة. وهنا يجب أن أنوّه بهولاء الأخوة المجاهدين وأتوجه إليهم بالشكر، هؤلاء الأخوة الذين سخّروا عقولهم وأرواحهم وزهرة شبابهم في خدمة الدفاع عن وطنهم وشعبهم وأمّتهم وفي سبيل تطوير كل إمكانيات هذا الدفاع.
سادساً: سنترك للإسرائيليين أنفسهم أن يجلسو ويدرسوا على مهلهم، ويستنتجوا على مهلهم، و”يشوفوا” (يرَوا) هذه الطائرة، ما هي قدرتها الاستخبارية على مستوى جمع المعلومات، وما هي قدرتها العملاتية، خصوصا إنها تمكنت في التجربة الأولى ان تطير فوق الماء، فوق البحر، وكلنا يعرف ماذا هناك فوق البحر الآن وتطير فوق اليابسة، وكلنا يعرف ماذا يوجد فوق اليابسة في جنوب فلسطين المحتلة.
سابعاً: نحن هنا بطبيعة الحال نكشف جزءاً من قدرتنا هذه، ونخفي أجزاء كثيرة، وهنا أيضاً للإسرائيلي أن يجلس ويحلّل ويتوقع ما يشاء، وأنا عندما أكشف عن هذا الجزء من القدرة، فإن هذا لا ينتقص من المفاجآت الموعودة ان شاء الله إذا إضطررنا في يوم من الأيام أن نواجه حربا وندافع فيها عن بلدنا وشعبنا وسيادتنا وكرامتنا.
ثامناً: هذه العملية تكشف أيضاً في الدلالات أن المقاومة تملك الاستطاعة على إخفاء قدراتها وكذلك على إظهار هذه القدرات أو بعض هذه القدرات في الوقت المناسب والبعث بالرسائل المناسبة في اللحظة المناسبة، وهذا الأمر هو من خصوصيات المقاومة السريّة المقفلة. أما المقاومة أو التشكيل العسكري الذي يطّلع عليه الجميع ويتداول هنا وهناك لا يمكنه أن يخفي قدراته ولا أن يظهر قدراتها بالوقت الذي يستطيع أن يخدم فيه سياسة الردع أو جهوزية الدفاع.
تاسعاً: في هذا السياق يجب التذكير بحجم الخروقات الجوية الإسرائيلية لسماء لبنان. لنبقِ الخروقات البحرية جانبا والخروقات البرية ونتحدث فقط عن الخروقات الجوية: منذ بدء تطبيق القرار 1701 العام 2006 حتى يوم أمس 20864 خرق إسرائيلي جوي لسماء لبنان وللسيادة اللبنانية في ظل عجز الدولة اللبنانية. وأنا طبعا أدعو الدولة اللبنانية ومؤسسات الدولة اللبنانية أن تدرس هذا الموضوع كيف يمكن أن يواجه؟ هل هناك معادلة ربما تنشأ لحماية هذه السيادة وفي ظل صمت المجتمع الدولي على انتهاك قرارات صادرة عنه، وطبعاً في ظل الصمت المريب لأولئك من البعض من اللبنانيين الذين يزايدون كل يوم على مواطنيهم بالسيادة والسيادية.
في المقابل أيضاً يجب أن أذكر وأن أؤكد أننا من حقنا الطبيعي أن نسيّر رحلات استطلاع أخرى إلى داخل فلسطين المحتلة وقت نشاء. فهذه الرحلة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة بإذن الله سبحانه وتعالى، ومع هذا النوع الجديد من طائرات الإستطلاع نحن نستطيع الوصول إلى أي نقطة نخطط أن نصل إليها، ولو إلى بعض الأماكن المنسية في الوجدان العربي وفي العقل العربي، على سبيل المثال ولو إلى جزيرتي تيران وصنافر العربيتين في البحر الأحمر اللتين ما زالتا تحت الإحتلال الإسرائيلي ويرتفع فيها العلم الإسرائيلي ومتروكة.
عاشراً: لقد أطلقنا على هذه العملية النوعية للمقاومة اسم عملية الشهيد حسين أيوب “الأخ ربيع” الذي كان من أوائل المؤسسين في هذا الإختصاص وفي هذا المجال في المقاومة، واستشهد على هذا الطريق. أيضاً نود أن نطلق على هذه الطائرة ـ حتى لا نبقى نقول هذه الطائرة، كما سمينا أختها الصغيرة مرصاد ـ نود أن نطلق عليها اسم “أيوب”، أولاً تيمّناً بنبي الله أيوب عليه السلام، نبي الصبر والتأني والتحمل والفوز والنجاح في نهاية المطاف، وتخليداً لاسم شهيدنا المجاهد العزيز الشهيد حسين أيوب.
أخيراً بموضوع الطائرة: إن هذا العمل الذي أُنجز، وهذه القدرة التي تم تحصيلها استلزمت تحضيراً ووقتاً طويل وجهداً كبيراً، وهو يؤكد على أن فريقنا الأساسي في حزب الله لا يشغله عن عدو لبنان والأمة شاغل مهما كانت التطورات والأحداث والنزاعات المحلية والإقليمية. ونحن معنيون دائماً أن نطوّر هذه القدرة وهذه الأمكانية لأننا نتحدث في مواجهة إسرائيل التي تعمل في الليل وفي النهار وتزودها الولايات المتحدة الأمريكية وكل الغرب بأحدث التكنولوجية وبأحدث النظريات وبكل الإمكانات المتاحة للتفوق على كل الوضع العربي. وأيضاً نحن معنيون أن لا نغفل لحظة واحدة في هذا المجال في الحفاظ على هذه القدرات وعلى هذه الأمكانات وعلى هذه المقاومة، ونعرف أننا نتحمل مع هذه المسؤولية تبعات وصعوبات وتضحيات كبيرة، وهذا ما نواجهه كلَ يوم للحفاظ على هذه المقاومة ووجود هذه المقاومة وسلاح المقاومة ومقدرات المقاومة وسريّة المقاومة من حيث يجب أن تكون.
في هذا السياق أود الدخول إلى بعض العناوين وهي ضمن موضوع المقاومة:
أولا: العنوان الأول أريد أن أسميه جغرافيا السلاح والموضوع يدخل ضمنه قضية المخازن، مخازن السلاح والذخائر والمستودعات وأماكن تواجدها وما تتعرض له من أحداث. وفي هذا السياق تأتي حادثة ما سُمِّيَ بمخزن النبي شيت الذي أدى إلى استشهاد ثلاثة من خيرة إخواننا ومجاهدينا رضوان الله تعالى عليهم، من الممكن أن نسميها جغرافيا السلاح كنقطة نقاش. هذا الموضوع أمام كل حادثة وكل تفصيل يُطرح وفي بعض الخطابات السياسية يُطرح كذلك. في الحقيقة في لبنان لا يمكن الحديث عن جبهة أمامية وعن جبهة خلفية لكي نقول المنطقة الحدودية جبهة أمامية، ومثلاً صور والنبطية (جبهة) خلفية أو الجنوب أمامية والبقاع خلفية، سوف أتحدث عن الجنوب والبقاع من أجل أن لا أكثر من ضرب الأمثلة.
لو أخذنا حرب تموز كمثال، في حرب تموز مثلما كان يقصف الجنوب كان هناك قصف في البقاع، وأغلب القرى في البقاع، خصوصاً في البقاع الغربي وبعلبك الهرمل تعرضت لقصف شديد من قبل العدو الإسرائيلي، مثلما كان هناك إنزالات لقوات كومندوس في الجنوب أيضا كان هناك إنزالات لقوات كومندوس في البقاع، على سبل المثال الإنزال في تلال بعلبك والإنزال في مستشفى الحكمة بجوار مدينة بعلبك والإنزال في منطقة بوداي، هل نسمي (هذه المنطقة) جبهة خلفية؟ قبل حرب تموز وحتى قبل عام 2000 مثلما كان الإسرائيلي ينزل في جبشيت وينفذ إنزالاً ليخطف أخونا سماحة الشيخ عبد الكريم عبيد كذلك نفّذ إنزالاً في قصرنبا البقاعية ليخطف أخونا العزيز الحاج أبو علي الديراني، مثلما عمل عمليات اغتيال في الجنوب وفي الضاحية وفي البقاع عمل في البقاع أيضا وفي الضاحية أيضا… إذاً هذا التقسيم هو تقسيم غير صحيح، الجبهة في الحقيقة أو المنطقة الأمامية في الحقيقة هي كامل مساحة عمل العدو وهذه اسمها جبهة أمامية، هذه هي ساحة المواجهة وكامل مساحة الدفاع الوطني.
النقطة الثانية: لو سلمنا جدلا وقبلنا أنّ هناك منطقة أمامية ومنطقة خلفية، أي مقاومة في التاريخ وفي الدنيا وفي العالم المعاصر وأي جيش نظامي، لا أحد يأخذ كل قواته وكل سلاحه وكل ذخائره وكل إمكاناته ويضعها في المنطقة الحدودية أو في المنطقة الأمامية إذا توسعنا فيها، هذا أصلاً عمل غير عقلائي، هذا ليس بحاجة إلى جنرالات ولا كلية حربية ولا مدارس حربية، فأبسط إنسان لا يزال (في مرحلة) محو أميّة في العمل العسكري يعرف أنّ هذا الأمر غير عقلائي، وبالتالي من المنطقي ومن الطبيعي جداً أنّ قوات الدفاع سواء كانت جيشاً نظامياً أو كانت مقاومة شعبية أن تكون متواجدة ومنتشرة في كامل المساحة وأن يكون سلاحها كذلك وأن تكون مخازنها كذلك.
ثالثاً، عندما نأتي لموضوع المخازن بالتحديد، هناك أناس يقولون “شو يعني” مخزن في البقاع أو في جوار النبي شيث، وهم أنفسهم قبل أكثر من سنة في حادث مشابه في منطقة خربة سلم قالوا : “شو بيعمل” مخزن في محيط خربة سلم وطبعا هو خارج البلدة، ولو حدث شيء على الحدود سيقولون (شو بيعمل) على الحدود! لأنّ مشكلتهم ليست مع المخزن أكان في البقاع أو في الجنوب أو في النبي شيث أو في الخربة أو في كفركلا، مشكلتهم مع أصل المقاومة وأصل وجود المقاومة في لبنان وليس مع حزب الله، والآن إذا ترك حزب الله المقاومة سيكون بحث ثانٍ ويمكن أن تختلف المشكلة، مشكلتهم مع أصل وجود مقاومة لبنانية تقاتل العدو الإسرائيلي وتقف في وجه المشروع الإسرائيلي في لبنان والمنطقة، هذه المقاومة اسمها حزب الله واسمها حركة أمل واسمها الحزب القومي واسمها شيوعي ويساري ويميني وإسلامي وعلماني، هذا تفصيل، مشكلتهم مع هذه المقاومة.
أي مقاومة من الطبيعي أن توزّع مخازنها لعدة أسباب وأكتفي بذكر سببين: الأول إذا جمعنا كل سلاحنا ومدافعنا وذخائرنا وصواريخنا وقذائفنا بعدد قليل من المخازن فيمكن اكتشاف هذه المخازن، بالنهاية هي أهداف قليلة يُعمل عليها سواء من خلال العملاء والمصادر البشرية أو حركة الإستطلاع الجوي وهذا أيضاً سوف يجعل العدو طامعاً في قصفها ويجرئه على قصفها ويقوم بتدميرها، هذا عمل غير عقلائي فلا أحد يقوم بتجميع سلاحه وذخيرته بمواجهة عدو مثل إسرائيل تستبيح الجو وتستبيح الأرض ويجمعهما في مخازن قليلة ومعدودة. وثانياً وهذا هو المحزن أنّ الإسرائيلي يتفهّم الموضوع لأنّه أنا قرأت تعليق الإسرائيليين على حادث المخزن في جوار النبي شيث، ماذا يقول الإسرائيلي، يقول : من الطبيعي أن يقوم حزب الله بتوزيع مخازنه في أوسع دائرة ممكنة وإقامة مخازن صغيرة هنا وهناك لأنّه يعرف أنه في أي حرب كما في الحروب السابقة إسرائيل ستقوم بمحاصرة المناطق وتقطيع أوصالها، هذا محزن أنّ عدوّك يشرح للرأي العام الخاص به ما هي قصة المخزن بينما هناك أناس يقولون إنهم لبنانيون وحريصون على البلد وعلى دماء اللبنانيين وعلى سيادة البلد غير حاضرين أصلاً أن يتفهموا، لأنّ العداوة والبغضاء هي التي تعمي العيون والعقول والقلوب في آن واحد.
عندما نقرأ كل الحروب السابقة تقوم إسرائيل بقدرتها الجوية بتقطيع المناطق عن بعضها البعض وليس المناطق والمحافظات بل تقطّع المحاورعن بعضها البعض والضِيَع عن بعضها البعض، لذلك أي إنسان عاقل وعنده قرار بالمدافعة عن وجوده وكيانه وبلده يجب عليه أن يوزع مخازنه في أوسع توزيع ممكن مع الحفاظ على سريته، وهذا يحميه من القصف الجوي ويحميه من التدمير الشامل ويمكّن هذه المقاومة من أن تدافع بحقّ في أي استحقاق أو في أي مواجهة أو في أي نقطة من النقاط.
هذا هو المنطق الذي تعتمده المقاومة، وطبعاً يجب أن تكون مخازنها سرية ومخبّأة وتُتَّبع فيها إجراءات، ونحن نتّبع إجراءات مهمّة جداً لكن بطبيعة الحال عندما يكون هناك عدد كبير من المخازن وعدد كبير من الإمكانات المتاحة ومثل ما يجري في الجيوش النظامية المحترفة ـ ونحن لا ندّعي أننا جيش نظامي محترف ـ يمكن أن يحدث أي خلل تقني أو بشري يؤدي إلى استشهاد إخوة أعزاء كما حصل في النبي شيث مع هؤلاء الشهداء الأعزاء والمجاهدين والأطهار. أتمنى بهذا الموضوع أن يكون هناك وضوح والرأي العام أن يكون متفهماً الموضوع وبعض أسبابه وطبعا له أسباب أخرى، أتمنّى ولو قليلاً (من) خصومنا السياسيين بالحد الأدنى أن يقلّدوا عدونا قليلاً الذي يشرح أن هناك شيئاً منطقياً وموضوعياً طالما هناك مقاومة، لذلك أنا أعرف أنّ الإشكال هو أساساً ليس مع هذا التوزيع بل هو مع أصل وجود هذا السلاح ومع أصل وجود هذه المقاومة في عقل هؤلاء.
النقطة الأخرى: سوريا وحكاية التدخل العسكري والقتال إلى جانب النظام ومسألة استشهاد الأخ العزيز الحاج أبو عباس والتي عُمل عليها خلال أسبوعين في وسائل الإعلام والفضائيّات والإنترنت، وأنا أحببت أن تأخذوا راحتكم وأن تقولوا كل شيء، والآن يحق لنا أن نقول رأينا وموقفنا ونحدد المسؤوليات بشكل واضح. منذ بداية الأحداث في سوريا كان لدينا موقف سياسي واضح لم نخبئه ولم نستحِ به، منذ الأول شرحنا رؤيتنا وفهمنا لما يجري في سوريا وخلفياته وأبعاده ومخاطره على سوريا ولبنان وعلى القضية الفلسطينية وعلى المنطقة ككل. وبناءً على أصول فكرية وشرعية وسياسية واضحة حددنا موقفنا السياسي الذي شرحناه وعبّرنا عنه في الخطب وفي المناسبات وفي المقابلات الصحفية والتلفزيونية أنا وإخواني في مناسبات كثيرة، في الموقف السياسي لسنا مترددين ولا خجلين ولا خائفين من أحد، هذا موقفنا وهذه قناعتنا وهذه رؤيتنا نتحدث بها كل يوم، وهناك أناس يقولون لنا أنتم تدفعون ثمن موقفكم السياسي في سوريا، ولا مشكلة فالحياة هكذا أن تأخذ موقفاً وعليك أن تحمل تبعات هذا الموقف، والأمور بخواتيمها وعواقبها ولنرَ النتائج بكل الأحوال…
لكن منذ البداية، منذ أول يومين ثلاثة لبدء الأحداث طلعت بعض الأطراف في المعارضة السورية في وسائل الإعلام وبعض الفضائيات العربية وقالوا ـ ولم يكن قد بدأ القتال في سوريا ـ حزب الله أرسل 3000 مقاتل إلى سوريا وهو يقاتل إلى جانب النظام وقلنا أنّ هذا كذب وغير صحيح، وأنا أقول لكم هذا لا يزال كذباً وغير صحيح. وكل مدة ومدة (يقولون) 1500 مقاتل وساعة 2000 مقاتل وساعة 4000 وساعة 5000 مقاتل وطبعاً هؤلاء المقاتلون نضع إلى جانبهم شهداء، مئة شهيد ومئتين شهيد وثلاثمئة شهيد، أين هم هؤلاء ؟! في أكثر من مناسبة في السابق قلت إنّه في لبنان لا يمكن أن نخفي شيئاً ونحن لا نخفي وعندما يسقط شهيد نأتي لأهله ولأبيه وأمه وزوجته وأولاده ونقول لهم الحقيقة كما هي : أين ومتى وكيف استشهد هذا الأخ العزيز. تاريخنا ثلاثين سنة ولا نمزح وأصلاً يوجد إشكال شرعي وإشكال أخلاقي أن نقول لعائلة الشهيد شيء والحقيقة والواقع شيء آخر.
في لبنان لا يمكن ان نخبىء شيء أي أحد يتشيع في أي قرية من القرى اهل الشهيد يعرفون اهل البلدة يعرفون، مع العلم اننا لا نشيّع في الخفاء نحن نشيّع بالعلن، وفي التلفزيون ايضاً، حسناً، هؤلاء ال500 و300 و200 شهيد اين هم ؟ مثلاً من يومين أو ثلاثة المواقع التابعة ل “14 اذار” وبعض الفضائيات العربية مصرّة انه الان يوجد 75 شهيد لحزب الله في بلدة ربلة الحدودية الموجودة على مقربة من منطقة الهرمل، وهذا كذب ليس لديه أي اساس من الصحة. وبالعكس هم حتى يكملوا القصة التي يقولونها، يزعمون ان حزب الله يجري مفاوضات لأجل وقف إطلاق النار، وتمكّن من سحب جثث ثلاثين شهيداً وما زال هناك البقية، وهذا مثل “سالفة” ان الجماعات المسلحة تمكنت من أسر 13 عنصر من حزب الله خلال هذين اليومين في ريف القصير. بكل الاحوال كان واضحاً منذ بداية الاحداث أن المطلوب زج إسم حزب الله ومقاتليه وتشكيله، أن هذا الحزب يقاتل الى جانب النظام، وأعيد واكرر ان موقفنا السياسي واضح، لكن نحن حتى هذه اللحظة لم نقاتل إلى جانب النظام،
أولاً، النظام لم يطلب منا
ثانيا، من يقول إن هذا الموضوع يوجد فيه مصلحة، من يقول حتى هذه اللحظة هو مسؤوليتنا، وهنا انا أحتاط وجريء وواضح وشجاع قدر ما تريدون ، ممكن أن يسألني أحد ما، حتى هذه اللحظة يعني انه ممكن ذلك في المستقبل؟ حسناً، أقول له إن علم الغيب عند الله سبحانه وتعالى، لأنه انا أحب في هذه النقطة أن أكون واضحاً فيها.
الملاحظة الاخيرة التي أريد أن أقولها في كلامي، حسناً، هذا ليس بصحيح، فما هي قصة الشهيد ابو عباس وعدد من الشهداء الذين استشهدوا في بعض القرى المحاذية لمنطقة الهرم؟ حسناً ما هي هذه القصة؟ نعم، هذه قصة فلنحكِ بها باللبناني، ونفهم على بعضنا البعض ونحدد المسؤوليات، وأنا أتكلم في هذا الموضوع ليس لأجل ان اوضح، بل أيضاً أنا قلت اننا ليس فقط نحن لا ننكر بل نحن نفاخر بما نقوم به
عندما يتحدد أن هذه مسؤولية ويجب أن نقوم بها. وانما ساتكلم لأجل أن تتحمل الدولة المسؤولية التي لا تتحمل المسؤولية، وأيضا القوى السياسية يجب أن تتحمل المسؤولية ولأنها لا تتحمل الكثير من هذه المسؤولية. والذي سأتكلم عنه ليس جديداً وانما موجود في الصحف اللبنانية، وراجعوا الأرشيف، ومختلف الصحف التي تؤيد 8 آذار او 14 اذار، وهذا حُكي عنه في وسائل الاعلام، لكنّ الناس في لبنان منشغلون عنه، الدولة مشغولة عنه والكثير من القوى السياسية التي لا يعنيها اللبنانيين أصلاً مشغولة عنه.
يوجد عدد من القرى اللبنانية داخل الحدود السورية بمحاذاة منطقة الهرمل. هذه القرى هي بلدات سورية، وهذه الأرض هي أرض سورية، ولكن يسكن هذه القرى والبلدات لبنانيون، وهذه البلدات التي يسكنها اللبنانيون ـ يمكن البلدة أن يكون سكانها لبنانيين أو جزء معتد به من سكانها لبنانيين ـ يبلغ عددها 23 بلدة و12 مزرعة، وهناك لائحة بالأسماء، يسكنها لبنانيون من طوائف مختلفة، فيهم شيعة وسنة ومسيحيون وعلويون، وعدد سكان اللبنانيين في هذه البلدات الواقعة داخل الاراضي السورية على الحدود اللبنانية ما يقارب الـ 30000 لبناني، ويمكن أن يكون هناك لبنانيون لم يسمعوا بها.
هؤلاء لبنانيون، وهم من عائلات لبنانية، وموجودون في هذه الأراضي، ويملكون عقارات وبيوتهم ومزارعهم وعندهم تجارة بالمنطقة، ورزقهم هناك وتجارتهم مع الريف والقصير ومدينة حمص. هذا معروف، وهم مختلطون بكل سكان المنطقة، ومعروفون بأنهم لبنانيون ويحملون الجنسية اللبنانية، وهم موجودون على هذه الأرض من عشرات السنين، ويمكن من مئات السنيين، وبعض الأخوة قالوا أكثر من 150 سنة، وذلك قبل أن يتم تقسيم وترسيم الحدود. وهذ العائلات تحمل نفس أسماء العائلات البقاعية، وأتُوا باللوائح، وهي نفس العائلات وأصلا هم أبناء منطقة واحدة، وكذلك مثلما جاء “سايكس بيكو” وقسّم العالم كله، وأيضاً قسّم لبنان وسوريا، وجاء بهذه الحدود بهذه الطريقة، وأصبح جزء من العائلة هنا وجزء آخر هنا وهم نفس العائلة، وحافظوا على جنسيتهم اللبنانية وعلى علاقتهم بلبنان وهم ينتخبون في لبنان، قلوبهم في لبنان وعقولهم في لبنان، ولكن هم يعيشون على الأراضي السورية .
بعض شباب هذه العائلات اللبنانية في هذه البلدات السورية الحدودية، هم أيضاً منتمون إلى أحزاب لبنانية منذ عشرات السنين، ليس فقط لحزب الله، بل أكثر من حزب لبناني، وهؤلاء الشباب منتمون إلى هذه الأحزاب. نعم هناك عدد كبير منهم أعضاء في حزب الله، وليست القضية انهم شباب دفع حزب الله بهم إلى تلك القرى وماذا سيفعل؟ لا، أهل هذه القرى اللبنانيون هناك جزء كبير من شبابهم وأولادهم هم مع حزب الله وجزء من تشكيلات حزب الله العسكرية في منطقة البقاع، وجزء منهم متفرغون في المقاومة وقاتلوا في الجنوب وقاتلوا في البقاع الغربي على مدى ثلاثين عاما من تاريخ المقاومة من العام 1982 وهم من سكان هذه البلدات داخل الاراضي السورية.
بدايةً، لما بدأت الأحداث، هؤلاء اللبنانيون داخل الاراضي السورية أجرى الكثير منهم اتصالات ولا أحد قال لهم ماذا يفعلون، حتى نحن لم نقل لهم ماذا سيفعلون، يبقون، يخرجون، يقاتلون أو لا، ينأوا بالنفس او لا ينأوا بالنفس. هذا قرار أنتم تأخذونه كسكان قرى، أهل بلدات موجودون هناك بالفعل هو خيار أهل هؤلاء اللبنانيين من سكان هذه المنطقة، وبامكانكم ان تعملوا التحقيقات التي تريدونها، الخيار بالبداية كان خيار مثل اللبناني النأي بالنفس عن المعركة بين النظام والمجموعات المسلحة.
طيب ببداية الاحداث الجيش السوري النظامي وبنتيجة طبيعة انتشاره انكفأ عن عدد كبير من هذه البلدات وثبّت حواجز وضربت هذه الحواجز وهؤلاء الناس بقوا في منازلهم.
ما الذي حصل؟
الذي حصل أن الجماعات المسلحة اعتدت عليهم وهاجمتهم وطردت العديد منهم من بيوتهم وأحرقت البيوت وقتلت وخطفت ونهبت واعتدت حتى على الاعراض، وهذا كله موثق، واللبناني غير مصدق، يذهب ويحقق اذا يهمهم اللبنانيين،
ذهبوا وسالوا عن لبنانيين متحدرين من أصول لبنانية بالبرازيل والارجنتين والارغواي هذا جيد ونحن ندعم هذا.
وهناك لبنانيون معهم جنسية لبنانية وعائلات لبنانية داخلين خارجين على لبنان وقاتلوا دفاعاً عن لبنان واستشهدوا لكي يدافعوا عن لبنان، ها هم موجودون، اسألوا عنهم .
حسناً، بعض الأهالي لما تعرضوا للاعتداء والقتل والخطف، وانا لست معنيا بالأسماء والتفاصيل، التلفزيونات ووسائل الاعلام قادرة على أن تأتي بالتفاصيل، من قتل ومن خطف ومَن الناس الذين أحرقت بيوتهم ومن الناس الذين تهجروا ومن الناس الذين هددوا، بعض أهالي هذه القرى أخذوا قراراص بأن يرحلوا ورحلوا، منهم في البقاع ومنهم ببيروت والى الجنوب. لكن الجزء الأكبر من أهالي هذه القرى أخذوا قراراً بالبقاء بأرضهم جانب قراهم وممتلكاتهم، و،صبح يشتري السلاح ويحصّل السلاح. وانتم تعرفون الحدود مفتوحة وليس فقط حدود الهرمل مفتوحة، من الهرمل لعرسال للبقاع الاوسط وللبقاع الغربي إلى الشمال، وكل الحدود مفتوحة والسوريون ياخذون السلاح، الذي مع النظام من لبنان، والذي مع المعارضة المسلحة والمجموعات المسلحة ياخذون السلاح من لبنان، الآن من الذي يسلح وأي تيارات، نتكلم لاحقا .
حسناً، هؤلاء الناس، هؤلاء اللبنانيون، سكان هذه القرى، هم أخذوا القرار بالبقاء وأن يدافعوا عن أنفسهم، هذا ليس له علاقة بالقتال إلى جانب النظام ضد المجموعات المسلحة، هذا له علاقة بهدف انساني شريف اسمه الدفاع عن أنفسهم، عن أرواحهم، عن أولادهم، عن أعراضهم، عن أملاكهم التي عمرها عشرات السنين في مواجهة مجموعات مسلحة بعضها سورية وبعضها من كل حدب وصوب.
طيّب، الجماعة يدافعون عن انفسهم ولم يدخلوا بمعركة النظام والمعارضة، هؤلاء الناس اللبنانيون في هذه القرى يدافعون عن أنفسهم، اخذوا السلاح واشتروا السلاح ، نحن كنا نرسل حصص تموينية مثلما نرسل الى ناس آخرين، كانوا يبيعوا التموين لكي يشتروا السلاح، لانه يقول ادافع عن روحي، بطني أشبعها لاحقاً.
هذه حقيقة ما جرى هناك، الآن من حقهم أن يحصلوا على المساعدة المناسبة منا ومن غيرناـ يجب ان يحصلوا على هذه المساعدة المناسبةـ لكن هم الذين يقاتلوا ولا أحد يقاتل بالنيابة عنهم ولا أحد مفترض أن هناك جبهة جديدة لحزب الله او المقاومة (قوموا لينا بدنا نقاتل بهذه الجبهة، لا)
الآن اذا اهل هذه البلدات وسكانها هم ياخذون خياراً أو قراراً أن يغادروها ويهاجروا الى لبنان، نحن ما لنا علاقة امنعهم او اقول لهم غادروا، انا سارسل شباب حزب الله يقاتلوا ليحافظوا على اموالكم وممتلكاتكم واراضيكم وحقولكم من النهب او الحرق او التدمير، هذه ليست مسؤوليتي هم احرار، نعم هم قادرون على القتال، أنا لا امنعهم، لا الذين هم ينتمون الى حزب الله من اولاد هذه العائلات، ولا الذين ينتمون الى احزاب لبنانية اخرى انا لا امنعهم.
هذه صورة المسألة، وارجع اليها بتفصيل آخر، لكن ما قيل في السياسة لما قالوا اننا فتحنا جبهة جديدة. لا نحن لم نفتح جبهة جديدة، نحن حزب الله جبهتنا معروفة أين.
في اناس حكوا خيالات، بعضهم قال ان حزب الله يطالب بهذه قرى وبلدات لبنانية، يطالب باستعادتها من سورية. مَن مِن حزب الله طلب هذا الشيء؟
عيب الافتراء والكذب والاتهام، ساعة انه نحن مع دمج لبنان وسوريا، وسوريا الكبرى والطبيعية. ومن جهة اخرى انه نحن نريد ان نأخذ اراضي من سوريا ونضمها الى لبنان، هذا غير صحيح. والبعض قال لإن حزب الله يريد إعادة ترسيم الحدود في تلك المنطقة وهذا غير صحيح، والبعض قال إن حزب الله يعمل على ربط نزاع حتى مثلا اذا صار هناك تغيير سياسي في سوريا باتجاه معين يكون قد خلق ربط نزاع على هذه القرى، هذه خيالات وأوهام واكاذيب وافتراءات ليس لها أي اساس من الصحة، واعود واكرر هذه ارض سورية وبلدات سورية وحدود سورية مع لبنان ونحن لا ندعي شيئا غير هذا، يسكنها لبنانيون ومشكورة سورية انه هؤلاء لبنانيين قبلتهم وبقوا عندها وعاشوا بشكل طبيعي ووو …الخ
لكن هؤلاء لبنانيون، ما يقارب 30000 مصيرهم على المحك في البداية نأوا بانفسهم عن الصراع ولكن اعتدي عليهم، ما هو تكليفهم؟ وما هو واجبهم الجهادي؟ الان الكثير يطلع جيداً على مصطلحات الآخرين وادبياتهم ولكن جيد ان يفتش عنها بجدية.
نحن دعونا على جنب. اذا جاء هؤلاء اللبنانيين وأخذوا اجوبة وسألوا الحكومة اللبنانية والتي نحن جزء منها، نحن الاف اللبنانيين موجودون بهذه القرى ماذا نفعل يا دولتنا ويا حكومتنا؟ يا احزابنا اللبنانية ويا قياداتنا السياسية ويا مرجعياتنا الدينية والسياسية ماذا نفعل؟؟
لا احد عنده جواب! هل من احد عنده جواب؟ اذا في جواب في لبنان نحن اول الملتزمين ونشجع هؤلاء اللبنانيين على الالتزام من سكان هذه المنطقة وانا الزم شباب حزب الله الذين هم من أولاد هذه المنطقة ان يكونوا اول الملتزمين، جدوا جواباً واجيبوا على هؤلاء اللبنانيين كيف يجب أن يتصرفوا، أن يتركوا ديارهم أموالهم حقولهم تاريخهم حياتهم، أن يهاجروا أو يبقوا، ان يدافعوا عن حالهم، طيّب، اذا بقوا ما هي مسؤولية الدولة وما هي مسؤولية المرجعيات الدينية والسياسية والاحزاب وما هي مسؤولية أهاليهم عن هذا الخيار، هذا برسم اللبنانيين والدولة اللبنانية والحكومة اللبنانية، لا احد يقول إنك تسألنا متاخراً عن اننا لم نأخذ هذا القرار، هم الناس اخذوا هذا القرار وهم الذين يقاتلوا ويدافعون عن وجودهم وكيانهم واعراضهم واموالهم، طيّب هذه كل القصة التي عمل عليه حديث خلال اسبوعين “له اول ما له آخر”..
أما الشهيد المجاهد الاخ العزيز ابو عباس، إن كل ما قيل عنه بوسائل الاعلام غير صحيح، مواصفات ومواقع، بعضهم قال القائد التنظيمي للمشاة في سوريا، وبعض قال القائد التنظيمي لعمليات حزب الله في سوريا، وما فيه هكذا شيء، الاخ الحاج ابو عباس كل اهل البقاع يعرفونه. عندنا حديث شريف يقول: الصدق منجاة، أفضل الأشياء أن يكون الانسان صادقاً.اذهبوا واسألوا أهل البقاع كلهم، الذين هم مع حزب الله والذين هم ليسوا مع حزب الله، أن ابو عباس هو مسؤول في الهيكلية العسكرية لمنطقة البقاع وهو في هذه الهيكلية مسؤول المشاة، طبعا الأخ له تاريخ جهادي طويل في المقاومة، مشرّف، وبطبيعة الحال كونه هو مسؤول المشاة، مسؤول كل التشكيلات الشباب والمقاتلين، والشباب الذين هم أولاد هذه القرى والتابعين لهذه المنطقة هم ضمن مسؤوليته، ومسؤوليته أن يساعدهم ويعتني بهم. وهذه المنطقة ووالبلدات اللبنانية حتى اليوم تتعرض بشكل يومي لقصف مدفعي، ويتم زرع عبوات فيها لتفجيرها بسكان المنطقة ويسقط فيها شهداء، ومن جملة هؤلاء الشهداء الشهيد أبو عباس.
هذا هو حجم الموضوع كله.
أنا قرّبت على النهاية وأريد أن أختم، والنقاط الثانية سأقوم بتأجيلها، أرجع وأحب أن أقول: نحن موقفنا السياسي في سوريا واضح، لكن كل الضغط التي مورست علينا لم تغيّرنا، لم تغيّر لا في قناعاتنا ولا في أفكارنا. هذا موقفنا وهذه هي رؤيتنا.
نحن نرى أن الوضع في سوريا هو خطر على سوريا وخطر على فلسطين وخطر على القضية الفلسطينية، وخطر على لبنان وعلى العراق وعلى تركيا وعلى الأردن وعلى كل المنطقة. وما ندعو إليه في الليل وفي النهار هو حوار وحل سياسي وتسوية سياسية وحقن دماء. هذا هو موقفنا.
الآن لو ينزل مليار شخص أو ملياري شخص في العالم، يمدحوننا أو يسبوننا، هذا لا يغير شيئاً في الموقف. وحتى هذه اللحظة ليس صحيحاً، النظام ليس بحاجة لا إلينا ولا إلى أحد ليقاتل إلى جانبه، أصلاً ليس من مصلحته أن تدخل أي قوة غير سورية إلى ميدان القتال لأسباب كثيرة لا أريد أن أدخل بالتفصيل فيها الآن، ليس من مصلحته وليس هو بحاجة ولا هو طلب ولا نحن أخذنا هكذا قرار، ولذلك هذا غير موجود حتى هذه اللحظة.
وأنا أحب أن أقول لكم بكل جرأة وصراحة، إذا أتى يوم المطلوب أن المسؤولية تقتضي هذا، هذا الموضوع لا نُخفيه، ولا نختبىء وراء أصبعنا، لا نخفي شيئاً على الإطلاق من هذا، لكن هذا غير مطروح وغير موجود بشكل فعلي. نعم هو موجود بالفضائيات العربية، طبعاً كل واحد يستطيع أن يأتي ببضع أوراق ويقوم بطباعتها ويختمها ويقول هذه هي وثائق، هذه وثائق من المعارضة السورية، أنا أستطيع أن آتي بوثائق من كل الدنيا. هناك معارضات، هناك معارضة في السعودية وهناك معارضة في البحرين وفي تركيا، آتي بوثائق وأختمها وأقول لك هذه أعطتني إياها المعارضة في البلد الفلاني وهذه صارت وثائق.
النقطة الأخيرة التي أريد أن أقولها، أنه في هذا الموضوع أنا أنصح بعض الجهات في المعارضة السورية أن لا تُهوّل علينا، ومع حزب الله هذا التهويل والتهديد والتخويف “وجايين لكم ونعمل ونساوي”،هذا لا يقدم ولا يؤخر شيئاً.
نحن أناس هذه هي تجربتنا، وعمرنا ثلاثون سنة منذ 1982، أنا اتكلم عن حزب الله، ومعروف بمراحله المختلفة، بكل إمتحاناته وبكل صعوباته وبكل مواجهاته، ما هو الذي ينفع مع حزب الله وما هو الذي لا ينفع مع حزب الله. الإفتراء لن ينفع والتضليل لن ينفع وكذلك التهويل والتهديد لن ينفع. لذلك أنا أتمنى أن هذه اللغة ليس هناك داعي لإستخدامها. حتى الاستمرار في إستخدام المخطوفين اللبنانيين، الآن كلما أختُطف واحد لبناني في سوريا أو يمر في سوريا، (يقولون) هذا ضابط في حزب الله وهذا كادر في حزب الله وإلى جانب النظام، ما هذه الحكايات”السوالف”؟!
في سوريا هناك عشرات آلاف اللبنانيين، ويمكن يوجد مئات الآلاف من اللبنانيين، يعيشون هناك منذ خمسين سنة أو مئة سنة، ومن كل الطوائف، كلما تم اختطاف شخص لبناني يقولون هذا من حزب الله وضابط في حزب الله.
تصوروا أننا وصلنا إلى وضع ـ الآن في لبنان ـ أن الخاطفين هم موضع شكر وتقدير، والضحية هو المجرم، ما هي علاقتهم هؤلاء الأبرياء، لماذا ما زلتم محتفظين بهم؟! فلتفرجوا عنهم.
إذا كنتم تنتظرون أنني أعتذر، لا أعتقد أنا أنه يوجد أحد يقبل معي أن أعتذر، “شو بدكم برأيي الشخصي، لا أعتقد”، هذا لا يفيد، أصلاً هذه إدانة لكم، إذا كنتم أصحاب قضية، فأن تبقوا محتجزين أناساً أبرياء من أجل أن تأخذوا من إنسان معين موقف سياسي، هذا أمر معيب، أخلاقياً معيب ودينياً معيب، سياسياً معيب، هذا دليل ضعف وليس دليل قوة. ليس هكذا تأخذ مني إحترامي أو تأخذ مني إعتذاري، بالعكس أنت تأخذني إلى خيارات أنا لا أريدها، لذلك أجعلونا خارج المعركة، وأجعلونا خارج الصراع.
وأختم بالقول: لا أحد يهددنا ولا أحد يهول علينا ولا أحد يُجربنا والسلام.
هذا الذي أحببت أنا اليوم أن أقوله بهذا الموضوع، ونحن كل شيء نأمله نسأل الله سبحانه وتعالى في الليل والنهار، ـ مثلما يقولون ـ أن يكشف هذه الغمة عن هذه الأمة، وأن ينهي هذه المحنة بما يحقق آمال وتطلعات الشعب السوري وشعوب المنطقة وكل الحريصين والمخلصين لهذه الأمة وعلى مصالح هذه الأمة.
نكتفي بهذا المقدار والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.