نصائح مخابراتية اقليمية تحذر من «التحركات المشبوهة» في المخيمات
صحيفة الديار اللبنانية ـ
منال الربيعي:
شكلّت عملية إغتيال قائد كتيبة شهداء شاتيلا العميد «الفتحاوي» طلال بلاونة في مخيم عين الحلوة منذ أيام, وفي وضح النهار ضربة موجعة لقيادة فتح -كبرى الفصائل الفلسطينية المسلّحة- والتي تعاني منذ فترة من محاولات تهميشها وإضعاف نفوذها في المخيمات الفلسطينية وتغيير المرجعية الأمنية والسياسة لصالح قوى يصفها البعض بالمتشدّد والمتطرف .
على أن هذه الحادثة التي وقعت في عين الحلوة من خلال إستهداف القيادي الفتحاوي من قبل مسلحيَن إثنين يستقلان دراجة نارية مكشوفي الوجوه ويرتدون فقط خوذات على رؤوسهم ,تدل على أن الصراع الفلسطيني داخل المخيمات دخل مرحلة دموية تتعلق بتصفية بعض الكوادر من دون خوف كما حصل مع (البلاونة) وإبن شقيقه وهو أحد مرافقيه, حيث كما تقول مصادر من فتح إن المجرمين قد إنكشفت هوياتهم وهم باتوا معروفين وتجري إتصالات مع الجهات المعنية من أجل تسليمهم للقضاء اللبناني ومحاسبتهم .
مصادر سياسية متابعة للشأن الفلسطيني إعتبرت أن التخوف والحذر الذي يلفّ مخيم عين الحلوة بعد عملية الإغتيال يعيد إلى الواجهة موضوع أمن المخيمات الفلسطينية ومدى إنعكاسها على الأمن الداخلي في لبنان , حيث حذّرت أكثر من مرجعية أمنية وعسكرية من تغلغل الفكر التكفيري وبعض الشخصيات الإرهابية إلى داخل المخيمات- وهي تتلطّى بحماية بعض القيادات- التي تدرك أن الدخول أو مهاجمة المخيم دونه عقبات سياسية وأمنية كبيرة لا تبدو الأجهزة الأمنية اللبنانية مستعدة لمقاربتها بالمدى المنظور نظرا لإنشغالها في الشؤون الداخلية وعلى الحدود , تتابع هذه المصادر بالقول إن التحركات المشبوهة داخل المخيمات تبقى تحت الرصد بالتعاون مع الدولة وبعض الفصائل الفلسطينية التي تعترف أن سيطرة المتشددين على المخيمات هو محاولة لنسف وجود منظمة التحرير الفلسطينية التي تعتبر لغاية اليوم الممثل الشرعي الوحيد والناطق الرسمي للفلسطينين في لبنان وبالتالي الحوار يجري معها على هذا الأساس .
تضيف هذه المصادر أن تحذيرات وصلت إلى الأطراف الأساسية داخل المخيمات وتحديدا مخيم عين الحلوة- الذي يعتبر من أكبر المخيمات الفلسطينية الموجودة في لبنان – من جهات مخابراتية محلية وإقليمية تنصحها بضرورة الإلتفات لموضوع الأمن في المخيمات التي لن تسمح السلطات اللبنانية بأن يكون مدخلا لزيادة المخاطر الأمنية التي تحيط بالبلد وخاصة أن تجربة مخيم نهر البارد لا تزال في الذاكرة الفلسطينية واللبنانية ,ومن جهة ثانية لن تسمح بسيطرة الفكر المتشدد داخل المخيمات الفلسطينية الذي بدوره يشكل عامل خطر شديد على الأمن الداخلي اللبناني وتحديدا بوجود معلومات تشير إلى تواجد بعض الفارين الخطيرين داخل مخيم عين الحلوة أمثال أحمد الأسير المطلوب بمذكرات توقيف وأحكام بجرائم عديدة ضد الجيش اللبناني .
أما المصادر الفلسطينية من داخل المخيم وبعد عملية الإغتيال فقد أعلنت حالة الطوارئ داخل بعض أحياء المخيم المنقسم إلى مربّعات أمنية تسيطر على بعض أحيائها بعض الجماعات المتشددة التي بدأت تَلقى إحتضانا ملحوظا من بعض أبناء المخيم تذكِيها الظروف المادية والإجتماعية الصعبة للواقع الفلسطيني في لبنان,وتتابع المصادر الفلسطينية أن حملة لإقامة حوار فلسطيني بين القوى والفصائل الفلسطينية الداخلية قد ينطلق قريبا , وخاصة بين القيادات( الفتحاوية )بشقيهّا محمود عباس ومحمد دحلان ,التي يبدو أن الجماعات الإسلامية المتشددة قد إستغلت فرصة الإنقسامات الداخلية بينهما وحاولت أن تمدّ نفوذها وإن إختيار مخيم عين الحلوة لتوسيع نشاطها , له رمزية خاصة تربط بين الوضع اللبناني والمخيمات الفلسطينية وخاصة أن مخيم عين الحلوة موجود على ابواب الجنوب اللبناني وأن أي زعزعة للأمن في الداخل قد يعرّض أمن منطقة الجنوب بأكمله وهو ما ترفضة المقاومة والقوى العسكرية اللبنانية وبعض الفصائل الفلسطينية الأساسية , وتحديدا( فتح) التي تقوم بعقد لقاءات داخل المخيم بعد الحادثة الأخيرة من أجل توحيد الصف الفلسطيني بمواجهة فكر( فتح الإسلام) الذي وصل إلى مخيم عين الحلوة
بعد الخطة الأمنية في طرابلس وفرار الكثير من المطلوبين وجدوا في عين الحلوة الملاذ الآمن لهم وبدأوا بإستقطاب بعض الأهالي بالترغيب ودفع الأموال وبالترهيب من خلال الرسالة الدموية التي أُرسلت (لفتح) عبر إغتيال القيادي الفتحاوي البلاونة الذي ينتمي إلى جناح محمود دحلان ويعتبر الذراع اليمين للعقيد ( اللينو) وخاصة بعد الكشف مؤخرا عن توجهة للبدء بخطة متكاملة تقضي بتطهير المخيم من الخلايا المتغلغلة داخله فكانت هذه الصفعة الأولى التي وجهت له , ومن المتوقع الأتكون الأخيرة إذا ما قررت الجماعات الإسلامية المضي بمخطط السيطرة والمواجهة داخل المخيم .
تختم المصادر الفلسطينة بالقول إن المرحلة المقبلة سوف تكون حساسة لجهة أمن المخيمات الذي لا يغيب هاجسه عن بال الدولة اللبنانية بسبب الإرتباط العضوي لأمن لبنان ومن أجل إزالة هذا الخطر المحدق فإن إتصالات وتنسيق يجري ما بين القوى الفلسطينية الفاعلة داخل المخيم وبين بعض الجهات اللبنانية بالمستوى المطلوب كي لا يُفتح «حمام دم» فلسطيني داخل المخيم أو لا نكون شرارة لخضّة أمنية حاولنا أن نجّنب أهلنا الوصول إليها منذ إنطلاقة الأزمة السورية ورفَضنا الإنخراط في هذه الحرب أو نكون طرفا فيها مهما حاولت بعض الدول الزجّ بنا أو توريطنا بأحداث تؤثّر على أمن لبنان والمخيمات على حد سواء .
[ad_2]