نحن قوم لا تكسرنا الدماء
موقع إنباء الإخباري ـ
ماجدة ريّا:
ها هو ذا، طفلنا صاحب الجراح، يملأ دنيانا أملاً وفلاحاً.
لعل جرحه مختلف وموجع أكثر من غيره.
أن يصبح يتيم الأب والأم، حتى ولو أصبح المجتمع كلّه أهله، فهو قد فقد أعزّ شخصين في الحياة، لكنهما تحولا في حياته إلى نور يرعاه، فالشهداء أحياء لا يموتون، نرى هذا النور وقد تجلّى على وجهه البريء، يضيء دروبنا نحن حيث نمشي، فيشدّنا إليه، فنحزن على أنفسنا أمام هذا العطاء، ونحاول أن نغرّد معه تغريدة الحياة.
يتوافدون إليه، ليتباركوا به، يتسابقون في نشر حنانهم، وهو يلهو بألعابه، لعلّه لا يدري ماذا جرى، وما الذي يمكن أن يجري، لكنّه سيكتشف يوماً أنه حمل في داخله بذورا قوية، وجذوراً شامخة طاولت السماء، فكانت الشجرة الطيبة التي تؤتي أكلها في كل حين.
هكذا هم أبناء الشهداء، شهداء علينا كيف نمضي، وكيف نسير.. بعد أن أناروا لنا الدرب بدمائهم الزكيّة، وعطّروها بعطرهم الشجي.
هي القافلة تسير، والركب من نور، وكلما ازداد عدد الشهداء، ازدادت المسيرة نوراً وارتقاء، وانجلت الرؤيا، لترسم لنا معالم تاريخ واضح.
ليس نضالاً عادياً، وليست أنواراً عادية، فهناك الشهداء الذين يسقطون في سوح الجهاد وهم يقارعون العدو في معقله، وهناك الشهداء الأبرياء الذين يبطش بهم العدو غيلة وغدرا، فيكونون فداء عن الأمة والدين، أيضاً تتلألأ أنوارهم كمشكاة دريّة في هذا الوجود.
كل هذه الدماء ترسم لنا بأنوارها معالم الطريق، فلا نضلّ ولا نخيب، لأن بركاتهم تجول حولنا، في كل بيت وشارع وحي… إنهم العظماء رعاة المسيرة.
من عظمة الجرح نتسامى وننمو، وتكبر شجرة العزة فينا لتظلّلنا.
أرادوها مجزرة، وأردناها حياة، والحياة أقوى من الموت، من وجع الأطفال ودمعات الثكالى ارتسمت معالم الكبرياء، ونادت فينا أن نبقى أقوياء، فنحن قوم لا تكسرنا الدماء، بل ترتقي بنا وتعلمنا كيف نبقى أقوياء.