“مودرن دبلوماسي”: الأساس المنطقي وراء تحالف الصين مع الجنوب العالمي
موقع قناة الميادين:
الجنوب العالمي يكتسب دوراً بارزاً متزايداً في السياسة الدولية والشؤون العامة في إشارة إلى ظهوره كقوة جديدة مهمة تشكل النظام العالمي.
ذكر موقع “Modern Diplomacy” أنّه من المُلّحِ استراتيجياً أن تتحالف الصين مع دول الجنوب العالمي للتخلص من هيمنة المنظور الغربي، وأشار الموقع إلى أنّه مع ظهور تغييرات عالمية غير مسبوقة، لم يعد الجنوب العالمي “الأغلبية الصامتة” بل أصبح قوة رئيسية لإعادة تشكيل النظام الدولي.
النص منقولاً إلى اللغة العربية
على مدى العقد الماضي، لم يُنظر إلى صعود الصين على أنه تحدي شامل لهيمنة الولايات المتحدة فحسب، بل أصبح أيضاً تحالف بكين المتزايد مع الجنوب العالمي يُنظر إليه بسرعة على أنه الند المحتمل لمجموعة السبع وشركائها على مستوى العالم فيما يتعلق بالنظام المتعدد الأطراف والأعراف العالمية.
ومن المتفق عليه أنه على الرغم من أن مجموعة السبع أكثر تماسكاً، إلا أن النادي العالمي الغني قد فعل أقل بكثير من الصين في تقديم رؤية محدثة للحوكمة العالمية التي تجتذب الجنوب العالمي. وتظل الحقيقة أنها تمثل أكثر من 80% من سكان العالم، وكمية هائلة من الموارد الطبيعية، وخاصة القوى الاقتصادية الناشئة مثل البريكس.
تؤكد الصين أن الاستقلال هو السمة المميزة للجنوب العالمي وأن البحث عن القوة من خلال الوحدة هو إرثها. والآن مع ظهور تغييرات عالمية غير مسبوقة، لم يعد الجنوب العالمي “الأغلبية الصامتة”، بل أصبح قوة رئيسية لإعادة تشكيل النظام الدولي ومصدراً للأمل في الوقت الذي يشهد فيه العالم تغيرات عميقة لم يسبق لها مثيل منذ قرن من الزمان.
بكل المقاييس، يكتسب الجنوب العالمي دوراً بارزاً متزايداً في السياسة الدولية والشؤون العامة، في إشارة إلى ظهوره كقوة جديدة مهمة تشكل النظام العالمي. بالإضافة إلى ذلك، فإن قوة البريكس تعني قوة متزايدة من أجل السلام وزيادة الدعم الدولي للعدالة والمساواة في الحوكمة العالمية.
وفي الوقت نفسه، من المعقول أن نزعم أن أصوات بلدان الجنوب العالمي ليست ممثلة بشكل كافٍ حتى الآن في التغطية الإعلامية العالمية الرئيسية. وكما نعلم الآن، فقد نشط عدد لا بأس به من مصادر الإعلام الغربي في تشويه دول الجنوب العالمي والصين، لتضليل الرأي العام ووضع الأجندات. ونظراً لهذا، فمن الملح استراتيجياً أن تتحالف الصين مع دول الجنوب العالمي للتخلص من هيمنة المنظور الغربي وسرد قصص تطورها بأصواتها.
كخطوة أولى، يجب على الصين معالجة مخاوف الجنوب العالمي من خلال تقديم رؤى وحلول للموضوعات الساخنة الحالية من منظور الجنوب العالمي. على سبيل المثال، تعهدت الصين بمواصلة إظهار الوجه الحقيقي للاقتصاد الصيني، إذ حاولت وسائل الإعلام الغربية والنخبة السياسية تشويه صورة الصين مثل نظرية المؤامرة حول الانهيار الاقتصادي في الصين و”فخ الديون” بالنسبة للدول النامية.
ثانياً، تحتاج الصين إلى عرض مفاهيم سياستها الخارجية وممارسات الحوكمة العالمية. ثالثاً، تحتاج الصين إلى استخدام مبادرة الحضارة العالمية الصينية بحكمة كمثال لشرح الاختلافات بين نموذج التنمية الصيني ونموذج التنمية في الدول الغربية.
باختصار، إن حداثة الصين لا تعني بأي حال من الأحوال أن الدول الأخرى يجب أن تتبع ثقافة الصين، أو لغتها، أو نظام القيم الصيني لقياس نفسها. بل يعني بدلاً من ذلك أن كل دولة لديها تراثها الثقافي وأساسها الاجتماعي والاقتصادي، ناهيك عن معتقداتها الدينية، وأنظمتها السياسية، وأيديولوجياتها. وعلى المدى الطويل، يجب على الجنوب العالمي أن يتصرف بشكل أكثر مسؤولية في إعادة تأسيس عالم مستقبلي يتمتع بأنظمة قيم وأيديولوجيات متنوعة.
وبشأن السعي إلى عالم متعدد الأقطاب متساوٍ ومنظم، فإن الصين تحدده بغياب سياسات الكتلة أو الانقسامات، والذي يتميز بحقوق متساوية وقواعد متساوية. وعلى النقيض من سياسات القوة التي تستخدمها الدول الغربية، ترى الصين أنه في الشؤون الخارجية، لا ينبغي أن يكون للدول الأقوى والأكثر ثراء الكلمة الأخيرة. وبدلاً من ذلك، تتعهد الصين بأن “تعزيز دور الأمم المتحدة يشكل أهمية بالغة نظراً للأزمات والتحديات التي شهدناها في الأعوام الأخيرة، ولكن الإصلاح مطلوب لزيادة تمثيل وقول الدول النامية من الجنوب العالمي”.
ولجعل الحوكمة العالمية ممكنة، تعهدت الصين بالعمل بشكل وثيق ومتبادل مع التركيز على ثلاثة مبادئ رئيسية: “الاحترام المتبادل هو شرط مسبق، والتعايش السلمي هو خط الأساس، لأن الصراع بين الدول سيكون له عواقب لا يمكن تصورها”، وبالتالي فإن التعاون المربح للجانبين هو الهدف. ويمكن تعريفها بأنها الأساسيات وراء اصطفاف الصين مع الجنوب العالمي منذ منتصف الخمسينيات وحتى يومنا هذا. باختصار، تصرفت الصين بما يتماشى مع تفكيرها الاستراتيجي وعقليتها الثقافية.