مناورة مركبات النار والأهداف غير المعلنة
جريدة البناء اللبنانية-
حمزة البشتاوي:
في ميادين الخطر والخوف يجري الجيش «الإسرائيلي» منذ التاسع من أيار الحالي مناورة قال إنها تحاكي مواجهة حرب شاملة على كافة الجبهات من الشمال إلى الجنوب، مطلقاً عليها اسم «مركبات النار»، بهدف تعزيز قدراته للتعامل مع مجموعة واسعة من التهديدات من السكين حتى النووي كما قال مع بداية المناورة أفيف كوخافي رئيس أركان الجيش «الإسرائيلي»، ولكن المعطيات الداخلية تشير إلى أنّ معظم ما قيل عن هذه المناورة عبارة عن تضليل تقوم به الدعاية «الإسرائيلية» لإخفاء هدفين أساسيين للمناورة وهما:
أولاً: مواجهة خطر حدوث حرب داخلية في ظلّ تصاعد الانقسام الأفقي والعمودي داخل مجتمع المستوطنين في كيان العدو، وخاصة بين الشريحة العلمانية والصهيونية الدينية والحريديم، مما يقلّص المسافة للوصول إلى حرب داخلية كان قد حذر منها يهودا باراك وكذلك وزير الأمن السابق موشيه يعالون الذي قال: (إنّ (إسرائيل) سائرة إلى تدمير ذاتها عبر إنقساماتها الداخلية وتشظيها. وقال أيضا غابي أزنكوت رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق: علينا أن نخش وقوع حرب داخلية أكثر مما نخشى الخطر الخارجي».
ويتوقع ان تدور هذه الحرب حين اندلاعها بين اليهود من مختلف التيارات المنقسمة بين من هو متطرف ومن هو أكثر تطرفاً. وهذا التهديد تعمل مناورة «مركبات النار» على محاكاته كتهديد قائم ويشكل هاجساً كبيراً مع تراجع الثقة بمستقبل الكيان وقدرات الجيش ويعتبر الصراع الداخلي اليوم هو الأخطر منذ اغتيال إسحاق رابين، ولذلك ستعمل مناورة «مركبات النار» على كيفية التدخل بحال نشوب الحرب الأهلية والدخول في سيناريو الفوضى والانهيار والاغتيالات السياسية مما يستدعي تدخل الجيش وانتشاره وسيطرته على الطرق الرئيسية ومراكز المدن ومساعدة جهاز الشاباك في حماية المراكز الحساسة والمؤسسات والشخصيات وإعلان حالة طوارئ عسكرية لمواجهة الفوضى والحرب.
ثانياً: مع تنامي الخوف الكبير من فلسطينيي الداخل سوف تحاكي المناورة خططاً متعددة لكيفية التعامل معهم بحال وقوع مواجهات مع الجيش والشرطة ومنها العودة للحكم العسكري الذي انتهى عام 1966، وكذلك التعاطي معهم كعدو يجب رصده والإيقاع به ومحاصرته ومنعه من ايّ حراك مرتبط بهويته وانتمائه للأرض ومنعه من التفاعل مع محيطه ومجتمعه الفلسطيني والعربي والإسلامي.
وستركز المناورة على التدريب بغرض الانتشار السريع في المدن والبلدات المختلطة لمنع الفلسطينيين بالداخل من التحرك في ظلّ تقديرات أمنية «إسرائيلية» تقول بأنّ الفلسطينيين بالداخل لن يقفوا مكتوفي الأيدي بحال اندلاع حرب في ايّ جبهة من الجبهات وهم الآن يرفضون هذه المناورة داخل مدنهم وأحيائهم التي ستجري بين 22 و26 أيار خاصة داخل مدينة أم الفحم، ويقولون: إذا كنتم تخافون من حزب الله فهذا شأنكم. والأهمّ اليوم هو وجود حالة نهوض معنوي للفلسطينيين بالداخل تشكل خطراً على معنويات الجيش «الإسرائيلي» الذي تطالبه الأجهزة الأمنية «الإسرائيلية» بتقصير مدة المناورة والتركيز أكثر على العمل الأمني في الداخل بسبب فشله في تحقيق إنجاز بساحة واحدة فكيف بحرب متعددة الساحات.
وهذه الحرب متعددة الساحات قال عنها اللواء احتياط إسحاق بريك: إنّ الجيش الإسرائيلي غير جاهز لها وإنّ (إسرائيل) في طريقها للضياع». هذا التوصيف يؤكد حالة الضعف والخوف والإرباك مما يطرح سؤالاً مهماً وهو ماذا يمكن لمناورة «مركبات النار» أن تفعل في ظلّ فشل عقيدة الحسم وتراجع عقيدة الردع للجيش «الإسرائيلي» المحاصر اليوم بالأزمات الداخلية وداخل مركبات الحديد والنار؟