من يبرود الى تل أبيب طائرات بدون طيار تحسم وتؤرق
حسين طليس –
صحيفة الديار اللبنانية:
تجاوزت المعركة المفتوحة اليوم بين حزب الله والعدو الإسرائيلي الصواريخ بأنواعها وأعدادها، وبات الحديث عن هذا الأمر عادياً لا يحمل في طياته أي تشويق او مخاطر معلنة كما كان سابقاً، بل بات أي كشف في هذا الإطار هو كشف للمعلوم والمتوقع، فالعدو الإسرائيلي بات على قناعة تامة، وبحسب تعبير ضباطه، “أن مخازن الجيش السوري مفتوحة على مصريعها أمام حزب الله، وما يملكه الجيش السوري حاليا وسابقاً بات وجوده اليوم في يد حزب الله أمراً حتمياً.”
الا أن جنرالات الكيان الصهيوني تجاوزوا في تعبيرهم عن مخاوفهم الحديث عن انواع الصواريخ ومداها، وظهر اليوم تهديداً جديداً يؤرق إسرائيل وأجهزتها الأمنية ويقف عقبة في وجه اطمئنانهم على سلامة الجبهة الداخلية بكاملها في أي حرب مقبلة، تهديداً طائر بأجنحة ومن دون سائق، خطير في استخداماته المتعددة ما بين التجسس والتصوير والقصف، والأخطر هو المنظومة المتكاملة الملحقة بوجوده والتي من الممكن أن تشكل بوجودها في يد حزب الله أن تشكل خرقا في التوازنات بحد ذاتها، إنها الطائرات من دون طيار… كابوس الصهاينة الحالي.
مسؤول كبير في جيش الإحتلال الصهيوني، يتحدث عن قلق سلطات بلاده من نشر جماعات المقاومة في لبنان وغزة لطائرات بدون طيار تحمل متفجرات تستخدمها ضد إسرائيل في حرب مستقبلية إلى جانب ترساناتها الرئيسية من الصواريخ. وقال رئيس سلاح الجو اللواء شاكار شوحاط إنه سيتعين على إسرائيل في المستقبل التعامل مع العشرات من الطائرات بدون طيار في الجبهة الشمالية على الحدود مع لبنان والجبهة الجنوبية على الحدود مع قطاع غزة، والتي باتت الآن جزء من إستراتيجيات تلك الجماعات. وأوضح شوحاط، خلال مؤتمر نظمه معهد دراسات الأمن القومي بتل أبيب حول الشؤون الأمنية، أن قدرات تلك الطائرات بدون طيار تتفاوت بين طائرات يجري التحكم فيها باللاسلكي وتزن بضعة كيلوغرامات وأخرى كبيرة تصل حمولتها إلى مئات الكيلوغرامات. فيما قال ضابط آخر في سلاح الجو إن شوحاط كان يشير للطائرات بدون طيار التي تحمل المتفجرات والمصممة للاصطدام بالأهداف، والإشارة للنوع الأثقل من المركبات تشير إلى أن “إسرائيل” تعتقد أن حزب الله اللبناني سيحصل على السلاح من إيران.
معاناة إسرائيل ليست بالجديدة مع هذا النوع من الأسلحة، فقد بدأ الأمر منذ العام 2004 حين اخترقت اولى طائرات حزب الله (مرصاد 1) المجال الجوي لفلسطين المحتلة، وقامت بتصوير المستوطنات والمدن الشمالية وصولاً حتى مدينة نهارياً، من ثم عادت من حيث انطلقت دون أن يتم اكتشافها، ليعود حزب الله ويعلن عن هذه العملية المرفقة بصور للطائرة فوق الأراضي المحتلة. ثم عادت القضية الى الواجهة مجدداً عام 2012 مع طائرة “أيوب” الشهيرة والتي ادخلها حزب الله الى العمق الإسرائيلي والتي وصلت حتى مفاعل ديمونا مروراً بالعديد من القواعد والمطارات العسكرية التابعة للعدو الصهيوني في الأراضي المحتلة، وتتميز أيوب بقدرتها على التصوير الآني بما يسمح بإرسال الصور مباشرة الى القاعدة لتخزينها وتحليلها.
الخطورة لا تكمن هنا، بل أن الخطورة تتمثل بقدرة هذا النوع من الطائرات على حمل مواد متفجرة، مع سهلوة في التوجيه بشكل خفي على رادارات العدو كون المعدن المصنوعة منه يمتص أشعة الرادار ولا يعكسها، ما يعني أن حزب الله قادر على الوصول الى أي هدف داخل الأراضي المحتلة دون أن يتم كشفه، وفي حال تفخيخ تلك الطائرات فسيكون بإمكانه تنفيذ تفجيرات في اماكن استراتيجية وادارية وعسكرية داخل الكيان دون القدرة على ردعه، وهذا ما يسبب الهلع في صفوف العدو، حيث حطت العملية من أهمية وفعالية دفاعات العدو الجوية، كما وضعت كل زاوية في إسرائيل تحت مرمى نيران حزب الله.
استخدام هذا النوع من الأسلحة ما عاد مقتصراً على العدو الصهيوني فقط، بل تؤكد مصادر ان طائرات مرصاد وأيوب يتم استخدامها اليوم في المعارك التي تخاض في المناطق السورية القريبة من الحدود اللبنانية والتي ينفذ فيها حزب الله عمليات أمنية ويخوض حرب ضد الجماعات التكفيرية لحماية لبنان من خطر امتداد نفوذ تلك المجموعات الى لبنان، والحد من عملية إرسالهم للسيارات المفخخة لتنفيذ عمليات إرهابية داخل لبنان. وتؤكد المصادر أن هذه الطائرات تقوم برصد كام المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا من أجل كشف اي عملية تسلل بشرية او تهريب سيارات مفخخة للتعامل معها، كما أنها تستخدم في مراقبة ورصد الإرهابيين في المناطق التي يخوض فيها الحزب حرباً ضدهم ما يمنحه ميزة تحديد أماكن تجمعهم ومتابعة تحركاتهم.
لإسرائيل أيضاً مخاوف أخرى تندرج في سياق هذا النوع من الأسلحة، الا انها لا تتمثل بالضرورة في تلك الطائرتين فقط، بل ان هناك منظومة تجسسية بيد حزب الله تمنحه ميزة كشف حركة الطائرات التجسسية الإسرائيلية، عبر استقبال الموجات المرسلة من قبل طيران العدو وتحليلها، وكشف البيانات التي راقبها العدو من أجل اخذ الإحتياطات وتدارك أي عملية يعدها الجيش الصهيوني والتحضر له، وهذا الأمر كان قد أعلنه الحزب فيما مضى على لسان امينه العام السيد حسن نصرالله عام 2010حين كشف عن سر نجاح “كمين أنصار” وكشف أيضا حركة طيران العدو التجسسي خلال مراقبته لموكب الشهيد رفيق الحريري.
تبقى منظومتين ايرانيتين يخشى العدو ان تصلا الى يد حزب الله، الأولى تتمثل في منظومة إسقاط هذا النوع من الطائرات، التي تمتلكها ايران و قد قامت بتجربتها ضد طائرة استطلاع أمريكية في وقت سابق، واثبتت قدرتها على اختراق منظومة طائرة التجسس الأمريكية “الشبح” والسيطرة عليها ثم انزالها، ما يهدد مصير طائرات العدو التي يعتمد عليها لتحديد أهدافه. أما الأمر الثاني فيتمثل بالطائرة الأكثر تطوراً من ايوب التي كشف عنها الإيرانيون قائلين أنها تحوي ميزات في التخفي والقدرات تفوق أيوب، ما يسبب كابوساً للعدو الذي لم يستطع حتى الآن إيجاد منظومة لرصد “أيوب” والتعامل معها… فكيف بالأكثر تطوراً ؟ً!