من قوات قتالية إلى استشارية.. الاحتلال الأمريكي مستمر!
صحيفة البعث السورية-
سمر سامي السمارة:
بعد أكثر من 18 عاماً على احتلال القوات الأمريكية للعراق، وقّع مؤخراً، الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي اتفاقاً ينهي رسمياً المهمة القتالية للقوات الأمريكية في العراق.
وعلى الرغم من زعم الرئيس الأمريكي أن دور الولايات المتحدة سيكون الاستمرار في التدريب والمساعدة ومحاربة فلول “داعش”، ولن تكون هناك مهمّة قتالية بحلول نهاية العام الحالي، فمن غير المتوقع، أن تحول الولايات المتحدة بالفعل تركيزها إلى تدريب القوات العراقية.
في كانون الثاني من عام 2020 وافق البرلمان العراقي، على أثر اغتيال الولايات المتحدة الجنرال قاسم سليماني ونائب قائد الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، إلى جانب ثمانية عراقيين آخرين في مطار بغداد الدولي، على مشروع قرار موجّه من البرلمان للحكومة بإنهاء العمليات التي تتولاها قوات أجنبية على أرض العراق.
وكان البرلمان قد انتخب الكاظمي خلفاً لعبد المهدي، في أيار عام 2020، ومنذ ذلك الحين، فشلت ثلاث جولات من الحوار بين واشنطن وبغداد لتحديد جدول زمني للانسحاب الكامل لقوات الاحتلال الأمريكية. وبدلاً عن ذلك، أعلنت واشنطن وبغداد اتفاقهما على تحويل دور القوات الأمريكية والتحالف الدولي في محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي في العراق إلى “استشاري تدريبي”، مع انسحاب “القوات القتالية”. وبحسب وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، الذي كان مؤخراً في واشنطن، فإن المحادثات هذه المرة ستحدّد جدولاً زمنياً لانسحاب القوات الأمريكية، ومع ذلك، فإن القوات الأمنية لا تزال بحاجة إلى البرامج التي تقدمها الولايات المتحدة المتعلقة بالتدريب والتسليح والتجهيز وبناء القدرات، لكن وسائل الإعلام الأمريكية تشير إلى غير ذلك، ويبدو أن العراق يقول شيئاً والأميركيون يقولون شيئاً آخر!.
وبحسب، صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن البنتاغون سيسحب عدداً صغيراً غير محدّد من القوات الأمريكية ويحتفظ بالباقي عن طريق إعادة تصنيف دورها. وعلى الرغم من أن وزارة الدفاع الأمريكية تقول إن هناك حالياً 2500 جندي أمريكي يتمركزون في العراق، إلا أن العدد موضع خلاف.
ومع وجود سفارة أمريكية ضخمة شديدة التحصين في المنطقة الخضراء ببغداد، أشبه بقلعة من القرون الوسطى، تحرسها مجموعة كبيرة من القوات، لا توجد معلومات لمعرفة عدد الجنود الأمريكيين بدقة، ولا عدد القوات المتمركزة في قاعدة “عين الأسد” العسكرية شديدة التحصين في غرب محافظة الأنبار والتي تحتلها القوات الأمريكية فقط، بالإضافة إلى وجود الكثير من التقارير التي تشير إلى تحركات قوات الاحتلال بين العراق وسورية. إضافة إلى ذلك، لا يوجد دليل على أن القوات “القتالية” الأمريكية شاركت في عمليات عسكرية على الأرض ضد الإرهابيين.
وهذا يثير السؤال الأكبر حول ما هي بالضبط طبيعة الاحتلال الأمريكي للعراق، وما إذا كانت القوات الأمريكية تساعد في القتال ضد “داعش”، فقد صرّح وزير الخارجية العراقي بالفعل أن بلاده لديها ما يكفي من القوات لمواجهة الجماعة الإرهابية. وهنا لابد لنا من الإشارة إلى أن القوات العراقية هزمت هذه المجموعة الإرهابية أواخر عام 2017، باستثناء بعض الخلايا النائمة.
في الحقيقة، تستخدم الولايات المتحدة المجال الجوي للعراق للتجسّس على المقاومة العراقية التي اكتسبت قوة كبيرة، ويشير المراقبون إلى أن الشاغل الرئيسي لأمريكا كان العلاقات المتنامية بين بغداد وطهران. ومن الطبيعي ألا تتمكن أمريكا من تحقيق أهدافها في المنطقة من واشنطن، لذا فإنها بحاجة لإبقاء قواتها داخل العراق للقيام بهذه المهمة.
في غضون ذلك، تقول فصائل المقاومة العراقية إنها لن توافق على ما لا يقلّ عن انسحاب كامل للقوات وفق جدول زمني محدّد، وفي حال عدم حدوث ذلك، فإنها ستكثف هجماتها على الاحتلال الأمريكي وتشنّ المزيد من العمليات ضد المصالح الأمريكية، وستقوم بإجراءات أكثر تعقيداً لإنهاء الاحتلال، والحفاظ على وحدة أراضي العراق، وعلى الرغم من الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في واشنطن، فإن نضال الوطنيين العراقيين من أجل الانسحاب الكامل للمحتلين الأمريكيين سيستمر بل وسيتسع، وسيستمر هذا الصراع حتى يغادر آخر جندي أمريكي أرض بلاد ما بين النهرين القديمة.