من ضمّ لبنان إلى التحالف السعودي لمكافحة الارهاب؟
قبل يومين، تلقى رئيس الحكومة تمام سلام اتصالاً هاتفياً من قلب الرياض. بعد السلام والسؤال عن الحال، فاتح المتصّل الرئيس سلام بفكرة انضمام لبنان الى تحالف إسلامي- عسكري شكّلته الرياض تواً لمحاربة الإرهاب. لم يتردد الرجل أبداً. سارع الى الترحيب بالفكرة. وفق مصادره، وهل يستطيع رئيس الحكومة الوقوف على الحياد والقول لا أريد مكافحة الإرهاب؟!. وزنها الرئيس جيداً: هذا أضعف الإيمان، محاربة الإرهاب قضية وطنية لا مجال للتردد حيالها. وعليه، تباحث الطرفان بخطر التنظيمات الإرهابية التي بدأت تُشوّه صورة الإسلام، وكان تأكيد على ضرورة محاربتها وتشكيل غرفة عمليات مشتركة لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب. انتهى الإتصال بين الطرفين، وأصبح لبنان – على حين غرة – عضواً في تحالف إسلامي عاجل ضد “الإرهاب” بإمرة السعودية. ما يطرح سيلاً من الأسئلة: هل يستطيع رئيس الحكومة اتخاذ موقف فردي حيال هكذا تطور، أم أنّ الحدث يستدعي جلسة حكومية؟.
لم تُنكر مصادر السراي الحكومي في حديثها لـ”العهد” أحقية إدراج هكذا قرار على جدول أعمال مجلس الوزراء لحصوله على إمضاء الكتل السياسية قبل إبلاغ الرياض موقف لبنان، لكنها تسأل ” ما العمل في ظل تعذّر اجتماع مجلس الوزراء؟”، وفق قناعاتها لا يمكن الوقوف على الحياد إزاء هكذا خطوة وسط تنامي الإرهاب في العالم. وبعد الأخذ والرد، تلفت المصادر الى أنّ الرئيس سلام سيُناقش الموضوع مع الأفرقاء في أول جلسة لمجلس الوزراء، وتستدرك بالقول “الرئيس سلام أعطى السعودية موافقة أولية، ولا يوجد أي بنية توافق”، تُضيف ” لم يطلب منا أحد إرسال عشرة آلاف عسكري لمحاربة الإرهاب، الموضوع لا يزال في سياق الموافقة المبدئية”. ورُبّ سؤال يُطرح: “إذا كانت الأمور فعلاً لا تزال في إطار التشاور والموافقة المبدئية؟، فعلى أي أساس يُعلن ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان في مؤتمره “الليلي” انضمام لبنان رسمياً الى التحالف وتمييزه عن الدول التي أبدت تأييدها لهذا التحالف؟!”.
ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان
لا يستطيع لبنان -بشخص أي كان- تجاوز صلاحيات مجلس الوزراء مجتمعاً. بهذه الكلمات يُجيب وزير الخارجية السابق عدنان منصور لدى سؤاله عن الخطوة. منصور “الدبلوماسي العتيق” والخبير في شؤون علاقات الدول يؤكّد أنّ الدعوة السعودية تحتاج الى موافقة مجلس الوزراء مجتمعاً”. برأيه، لبنان وافق مبدئياً، ولكن الكلمة الفصل تبقى للكتل السياسية المختلفة. وهنا، لا بد من الإشارة الى أنّ إعلان السعودية بانضمام لبنان الى التحالف الذي أنشأته لا يزال كلاماً في مهب الريح ما لم يتم ترجمته داخل مجلس الوزراء، وهو الأمر الذي سيصطدم بالعديد من العقبات خاصة من قبل الكتل التي لا ترى في السعودية سوى الجهة “الداعمة للإرهاب”. أسئلة كثيرة تتسلّل الى ذهن أعضاء تلك الكتل قبل طرحها داخل جلسة الحكومة حول “شرعية” السعودية بتأليف هكذا تحالف وهي الغارقة أصلاً في وحول اليمن والمسؤولة عن العديد من الجرائم الإرهابية بحق الأطفال والنساء والشيوخ باعتراف منظمات حقوق الانسان. فمن نصّب السعودية لهكذا مقام؟ ومن أين استمدت الأهلية لتنصّب نفسها “مرشداً روحياً” للدول المكافحة للإرهاب وهي صاحبة اليد الطولى في تمويل هذا “الإرهاب” ودعمه على مدى السنوات الماضية في غير دولة اسلامية؟ وكيف يريد حكام الرياض منا تصديق أنهم سيقودون جهود مكافحة الارهاب في العالم الاسلامي وهم الذين يصفون من يقاوم الارهاب الحقيقي في المنطقة “الكيان الصهيوني” بالمغامرين، لا بل ويتفاخرون بعقد اللقاءات مع جلاوزته؟، أضف الى إشكالية جديرة بالتوقف عندها وهي من الذي سيحدد المنظمات الارهابية وضمن أي منظور، وما تراه تنظيماً “لا إرهابياً” في ميزان حساباتها قد نرى فيه العكس. يسأل أحدهم.