ملف ماجد الماجد لم ولن يقفل
موقع العهد الإخباري ـ
منار الصباغ:
لطالما لقيت الديبلوماسية الايرانية اعجاب الخصوم والاعداء قبل الاصدقاء…في الحديث عن هذه الديبلوماسية، ربط دوماً بين المهارة الفارسية والاتقان في حياكة السجاد، الذي قد يستمر لاكثر من عشرة اعوام احياناً، قبل ان ينتهي الى ما يفترض ان تكون تحفة فنية.
بهذا النفس واجهت الجمهورية الاسلامية الايرانية العالم منذ اكثر من ثلاثة عقود وما زالت، وقد شكلت الازمة السورية اقرب نموذج لهذه المدرسة الناحجة في التعامل مع الدول الصديقة والعدوة وما بينهما، فهي الداعمة والحليفة لدمشق المقاومة، لم تقطع علاقاتها مع رأس حربة العدوان ضد سوريا اي تركيا وقطر، فحُول التهديد الى فرصة اكثر من مرة.
وهذه الديبلوماسية نجحت في التوصل الى اتفاق تاريخي مع دول الخمسة زائد واحد، بعد اكثر من عقد من المفاوضات الشاقة، تمكنت ايران من خلاله من انتزاع الاعتراف بحقها ان تكون دولة تمتلك التقنية النووية السلمية، وهذه الديبلوماسية، رسمت حدوداً قاسية للتواصل مع العدو الاميركي، دون ان تتخلى عن ثوابت الجمهورية، التي تنظر الى واشنطن بوصفها شيطاناً اكبر فيما يطبق من سياسات في المنطقة والعالم، بل بات حلفاء اميركا التقليديون ولا سيما دول الخليج، يتخوفون من الاتي في ظل تقارب، يعلم خصوم ايران، انه لن يكون مطلقاً على حساب ثوابتها ومصالحها الاستراتيجية وفي المقدمة دعم قوى المقاومة في المنطقة.
محمد جواد ظريف…اي عنوان لزيارته لبنان؟
الى هذه المدرسة الديبلوماسية العريقة ينتسب الدكتور محمد جواد ظريف، وهو الذي يمتلك صفات اكاديمية وشخصية ومهنية، تشكل رافعة هامة للسياسة الخارجية الايرانية في عهد الشيخ حسن روحاني، ولعل من ابرز عناوين هذه السياسة، الانفتاح والحوار، اذ لا يمكن تخطي المقالة التي كتبها ظريف في صحيفة الشرق الاوسط السعودية، تحت عنوان: “الاولوية لجيراننا”، ومن هذا المنطلق كانت جولته الخليجية باستثناء السعودية لاسباب تتعلق بالمملكة، الغارقة في الرمال السورية الى ما فوق الرأس.
الرجل الخبير بثقافة وسياسة الولايات المتحدة، التي درس وبدأ باكورة نشاطه السياسي بعد الثورة فيها، يزور لبنان من ضمن جولة على دول المنطقة، تشمل سوريا، الاردن والعراق، الذي سبق ان زاره مؤخراً.
مصدر ديبلوماسي ايراني، تحدث لموقع العهد عن العنوان الرئيسي لهذه الجولة: ” فهي تأتي بعد الانتخابات الرئاسية الايرانية وفي اطار الزيارات الطبيعية للدول الصديقة لايران في المنطقة، وعلى اعتاب مؤتمر جنيف السوري، الذي يشكل سبباً مباشراً لهذه الجولة، حيث لا بد من التشاور مع المسؤولين والرؤساء، بعد كل العمل السياسي في المرحلة الماضية بين اصدقاء سوريا وايران في طليعتهم.”
فبحسب الديبلوماسي الايراني: ” للازمة السورية تأثيرات كبيرة على دول الجوار ولا سيما العراق و الاردن ولبنان، وبالتالي رأي هذه الدول يجب ان يكون اساسياً في المؤتمر الدولي، الذي ستحاول بعض القوى فرض اجندتها الخاصة عليه، ومصالحها التي لا تصب غالباً في خانة خير شعوب المنطقة”.
بما يتعلق بلبنان، ينفي المصدر الايراني، ان تكون زيارة ظريف، قد فرضتها التطورات الحكومية التي بدأت منذ اكثر من عشرة ايام، او حتى قضية اعتقال الارهابي السعودي ماجد الماجد.
فالموعد محدد منذ فترة للاسباب السالفة الذكر، لكن الزيارة فرصة حقيقية لتعزيز التعاون و العلاقات الثنائية بين البلدين، يؤكد الديبلوماسي الايراني، مشيراً الى ان العلاقات مع لبنان، على افضل ما يرام والتشاور طبيعي ودائم بين الجانبين.
لكن ايران بما تملك من صداقات على الساحة اللبنانية، تلعب وهي لعبت سابقاً دوراً هاماً في تقريب وجهات النظر في العديد من المحطات، والاكيد ان موقف ايران من الملف الحكومي، هو ضرورة التشجيع على الحوار والحفاظ على الاستقرار والوحدة الوطنية لا سيما في هذه المرحلة، التي يواجه فيها لبنان كما دول المنطقة والعالم ظاهرة التكفير الارهابي، هذا ما اكد عليه ظريف مع مختلف القيادات الرسمية والسياسية التي التقاها في زيارته.
لكن ما يلفت اليه الديبلوماسي الايراني، هو ان من ثوابت بلاده عدم التدخل في الشؤون الداخلية، مع الاستعداد لاي نوع من المساعدة، وعند السؤال عن رأيه عما يقال في لبنان، حول الربط بين ضرورة حدوث انفراج سعودي ايراني لكي يحدث اي اختراق في الازمة السياسية اللبنانية، يؤكد المصدر لموقع العهد:” ايران اعلنت مراراً انها تريد احسن العلاقات مع الجميع ولا سيما الجيران وفي طليعتهم السعودية”، كاشفاً عن وجود تواصل ايراني سعودي عبر اكثر من قناة، ديبلوماسية او موفد خاص، لكن هذا التواصل يشمل الكثير من الملفات ولبنان جزء بسيط منها…
اذاً، دور مساعد لا معرقل هو الذي تلعبه ايران على الساحة اللبنانية، لكن هذين الصداقة والانفتاح، لا يعنيان ابداً ان الجمهورية الاسلامية، دولة تتساهل بحقوقها وتاريخها يشهد على هذه النقطة.
فقضية الارهابي السعودي ماجد الماجد، لم تنته بعد، المتابعة دقيقة وحاسمة، والمعطيات التي لا يمكن الكشف عن الكثير منها، تؤكد ان الملف لم ولن يقفل الا بتحقيق العدالة، ومهما كبرت الجهات التي قد تطالها هذه العدالة، هذا ما حرص ظريف على ايصاله للمعنيين ممن التقاهم في زيارته الى لبنان.