ملف ساخن | إقرار صهيوني.. لبنان انتصر علينا
صحيفة الوفاق الإيرانية-
علي علاء الدين:
مع تزايد حدّة الخلافات الداخلية حول الإتفاق البحري المتبلور مع لبنان، لم تهدأ الساحة السياسية الصهيونية، التي عصفت بالمزيد من الحروب الكلامية وتبادل الإتهامات، بالخضوع لحزب الله من جهة، وبالمسؤولية عن إلحاق ضرر أمني بالكيان الصهيوني من جهة ثانية. جرى ذلك أساساً بين رئيسي الحكومة والمعارضة يائير لابيد وبنيامين نتنياهو ووزراء الحكومة، على وقع اقتراب انتخابات الكنيست.
وكان لافتاً في هذا السجال مدى استحضار رأي المؤسّسة الأمنية والعسكرية في الكباش السياسي الداخلي حول الإتفاق، الأمر الذي أظهر برأي مُعلّقين، مستوى هيمنة هذه المؤسّسة على القرار السياسي في الكيان الصهيوني، وهذا ما يعزّز- برأي مسؤولين- القناعة بأنّ إسرائيل “ليست دولة لديها جيش بل جيش له دولة”.
المواقف السياسية من المفاوضات
جاءت مواقف رئيس الحكومة الإسرائيلية، يائير لابيد، المرتبطة بملف المفاوضات البحرية مع لبنان، متأثِّرة بالأجواء الخلافيّة والسجاليّة، التي تزداد عصفاً كلّما اقترب موعد الحسم، وفي سياق مشاركته في مراسم عسكريّة، قال لابيد بأنّ “إسرائيل أقوى من كلّ أعدائها ولن تتردّد في استخدام القوّة من أجل الحفاظ على سلامة مواطنيها”. وأضاف “نقف أمامهم صفَّاً واحداً. جدالاتنا الداخلية تنتهي عندما نواجه تهديداً خارجيّاً”.
حكوميّاً أيضاً، واصلت وزيرة الطاقة الصهيونية، كارين الهرار، حملتها الإعلاميّة النشطة، دفاعاً عن الإتفاق المتبلور، وأعادت الهرار التأكيد على أنّ الإتفاق يسحب البساط من تحت أقدام (السيّد) نصرالله، ويُبعد لبنان عن إيران، ويُحافظ على مصالح الكيان الإقتصاديّة.
وفي الضفة المقابلة، واصل رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، هجومه الشرس على الحكومة، مركّزاً خطابه على مقولتين: الإتفاق يُعرّض أمن إسرائيل للخطر؛ وأنّه غير قانوني. وجدّد نتنياهو إتهاماتِه للابيد بالتراجع أمام تهديدات السيّد نصرالله. وقال إنّ لابيد “وزّع الكعكة وبالكاد ترك لنا بعض الفتات”.
وما لم يتوقعه لابيد هو بدء “إطلاق النار” على الإتفاق “من داخل الحكومة”، حيث سُجّلت تحفّظات على مسودّة الإتفاق من رئيس الحكومة البديل، نفتالي بينيت، ومن جملة أمور، قال إنّ “الإتفاق الحالي مختلف عن الذي أعرفه أنا، وعمّا تمّ عرضه على الكابينيت.. لبنان حصل على ما أراد”.
وإلى عقدة الخلافات الداخليّة، بدأ الحديث من قِبل أوساط حكومية يتزايد عن صعوبة تمرير الإتفاق قبل الإنتخابات، “وحتّى أنّ جهات في مكتب رئيس الحكومة تعترف بهذا الأمر وهي الآن تنتظر رأي المستشارة القانونيّة للحكومة، الذي لم يتبلور بعد”.
كما نقلت تقارير إعلامية عن مصدر مقرّب من المفاوضات، قوله إنّ الإتفاق مع لبنان، يمثّل سابقة خطِرة، “قد تفتح شهيّة” حماس وقبرص ومصر على تشديد مطالبهم النفطيّة العالقة مع الكيان الصهيوني.
وكان لتصريحات وزير الطاقة السابق، يوفال شطاينتس (الليكود)، بالأمس، وقد تولّى لفترة طويلة ملف المفاوضات البحريّة مع لبنان خلال حكومات نتنياهو، كان لها وقعٌ هامٌّ في السجالات الداخليّة. وفي حديث إذاعي قال شطاينتس، مُستنداً إلى تصريحات سفير الولايات المتحدة السابق في الكيان الصهيوني دافيد فريدمان “إنّ لبنان حصل على 100% وإسرائيل حصلت على صفر”. وسأل شطاينتس “ما نوع التفاوض إذا حصلوا على 100% وحصلنا على صفر؟” وأضاف “هذا خطأ وهذا سابقة خطِرة”.
وجاءت استقالة رئيس طاقم المفاوضات غير المباشرة مع لبنان اودي اديري لتزيد لائحة المعوّقات التي تبرز تباعاً على طريق إقرار الإتفاق، واما اسباب الاستقالة فكانت متباينة، حيث أفادت مصادر في مكتب رئيس الحكومة أنّه ترك منصبه بسبب خلافات على إدارة المفاوضات مع رئيس مجلس الأمن القومي إيال حولاتا لكنّ الرواية في محيط أديري اختلفت، وأشارت إلى أنّه استقال بسبب معارضته للإتفاق المتبلور وفي أعقاب الإستقالة سيتحمّل حولاتا المسؤوليّة الكاملة عن المفاوضات.
المعركة القانونية
حتى الآن يبدو أنّ الجانب القانونيّ سيُشكّل أحد أهمّ معوِّقات توقيع الإتفاق، خصوصاً بعد توالي الطعون ضدّ الإتفاق إلى محكمة العدل العليا. وهي طعون تدّعي- في الأساس- عدم صلاحيّة توقيع الإتفاق من قِبل حكومة إنتقاليّة، وترى أنَّ إتفاقًا كهذا وفي ظروف كهذه يستوجب إجراء إستفتاءٍ شعبيّ.
الحدود البحرية معضلة خارجية وخلاف داخلي – موقع قناة المنار
ومع الوقت تتوسّع دائرة القائلين والمطالبين، حتى من أوساط الإئتلاف الحكومي، بعرض صيغة الإتفاق على الكنيست للمصادقة عليه. وفي هذا السياق، ذَكَر مُعلّقون أنّ المحكمة العليا ستُناقش الطعون فقط في الـ 27 من الشهر الجاري.
الانقسام ليس سياسيا فقط
في محاولةٍ لكشف إتجاهات الجمهور الصهيوني بشأن الإتفاق البحري مع لبنان أُجري خلال الأيّام القليلة الماضية إستطلاعات رأي عديدة، أظهرت انقسام الجمهور إلى ثلاث فئات: فئة المؤيّدين للإتفاق، ويشكّلون أغلبيةً غير كبيرة نحو 42%، ومعارضون، تفاوتت أرقامهم من إستطلاعٍ إلى آخر بين 16 و36%، والفئة الثالثة وهي وازنة أيضاً هم مَنْ لا رأي لهم.