مفاوضات أخرى فاشلة
صحيفة الخليج الإماراتية ـ
افتتاحية الخليج:
بعد جهود حثيثة وزيارات ماراثونية قام بها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى المنطقة، وخصوصاً بين رام الله والقدس المحتلة، تم الاتفاق على استئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية و”إسرائيل” .
الملفت أن الاتفاق جاء بعد ساعات على إعلان فشل كيري في تحقيق اختراق يؤدي إلى استئناف المفاوضات بسبب شروط مستحيلة وضعها رئيس وزراء “إسرائيل” بنيامين نتنياهو، ثم تم اتصال هاتفي بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونتنياهو، وتم بعده الإعلان عن استئناف المفاوضات .
من الواضح أن الاتفاق كان بهدف انقاذ مهمة كيري من الفشل، وتأثير ذلك في هيبته وهيبة دولته العظمى، للايحاء بأن إنجازاً تحقق لفتح أبواب المفاوضات وصولاً إلى تسوية .
لكن هذا “الإنجاز” يبدو في واقع الأمر بلا أفق أو مستقبل، إذ لم يعلن أي شيء عن مضمونه، وتم الإبقاء على تفاصيله سراً، إما لأن الأطراف المعنية تقصدت الإبقاء على المضامين في الكتمان تفادياً للإحراج الداخلي لأنها تتعارض مع ما كانت طرحتها كشرط لدخول المفاوضات، وإما أنها قبلت بدخول مفاوضات مفتوحة من دون مرجعيات، مثل مرجعية حدود العام ،1967 ووقف الاستيطان وحق العودة وإطلاق سراح الأسرى .
أجل، هي مفاوضات بلا مرجعية على الأرجح سوف يتولاها مارتن انديك المسؤول الفاعل في “الايباك” والداعم للسياسات “الإسرائيلية”، أي أن هذه المفاوضات سوف تكون في عهدة مسؤول أمريكي صهيوني الهوى، وبهذا المعنى سوف تكون بين طرفين، طرف فلسطيني من جهة، وطرف “إسرائيلي” وأمريكي من جهة أخرى، ولهذا السبب على ما يبدو وافق نتنياهو على استئنافها لأنها تعفيه من أية مسؤولية طالما يقودها ويشرف عليها مسؤول صهيوني آخر .
أما لماذا لم تكشف السلطة الفلسطينية عن مضامين الاتفاق ومرجعيات المفاوضات، فلأنها محرجة ولا تستطيع القول إنها اكتفت بالتعهدات الأمريكية وبدور “الوسيط النزيه” مارتن انديك، وتخلت عن المرجعيات التي تشكل حداً أدنى من الضمانات المفترضة لنجاح المفاوضات والوصول إلى تسوية معقولة .
لا يضير نتنياهو أن يدخل هكذا مفاوضات تتم فيما تمضي عمليات الاستيطان والتهويد على قدم وساق وبوتائر متسارعة، من دون أن يحصل الفلسطينيون إلا على الفشل والخيبة من جديد .