معركة حلب في الميزان الإستراتيجي والسياسي
موقع قناة المنار ـ
أحمد فرحات:
على مساحة لا تزيد عن 18500 كيلو متر مربع، حضرت الإستراتيجيات الغربية والإقليمية بكامل عدتها وعديدها، وشحذت الهمم العسكرية، فالوقت قد حان !!!
من حلب ثاني أكبر المدن السورية والعاصمة الإقتصادية للبلاد، تريد الدول الغربية والإقليمية صاحبة الحملة على سورية، التأثير على مجريات الأحداث في هذا البلد. منطقة يراد منها أن تكون موطىء قدم للجماعات المسلحة، تنطلق منها عملياتها، بعدما فشلت في دمشق وحمص وادلب.
لماذا وصفت الجماعات المسلحة معركة حلب بالحاسمة، ولم تكن معركة دمشق كذلك، على الرغم من كون الأخيرة عاصمة الدولة؟
اذا لم تحسم الحركة المسلحة أمرها في حلب فاللعبة تكون قد انتهت بالنسبة إليهم
الخبير الإستراتيجي العميد المتقاعد أمين حطيط وفي اتصال هاتفي مع “موقع المنار الإلكتروني”، أشار إلى أن “مسار الحركة الإرهابية التي تسهدف سورية، لم تستطع بعد مضي أكثر من 18 شهراً على بدء الأحداث أن تسيطر على منطقة وتصلها بالحدود، وبالتالي فإن استطاعت السيطرة على حلب، تكون بذلك قد حققت نقلة نوعية، وإلا تكون اللعبة قد انتهت بالنسبة إليهم”.
فشل المسلحين في وضع اليد على دمشق، دفع بهم إلى الإتجاه نحو الشمال، حيث حلب المدينة الثانية في البلاد والعاصمة الإقتصادية، “وإذا نجحت الحركة المسلحة في سورية بوضع اليد على حلب، تحقق بذلك نوع من القسمة بينها وبين النظام، وإذا خسرت، فلا يوجد أي موقع أو مدينة مكافئة توازي حلب”.
وبالنسبة إلى الأتراك، رأى العميد امين حطيط ان حكومة رجب طيب أردوغان تريد من المسلحين السوريين تسجيل انتصار في الميدان، كي تعطي مبرراً لها في دعم واحتضان المسلحين، بعدما بات هذا الدعم عبء على انقرة، “فالنار التي ساهمت تركيا في اشتعالها بسوريا بدأت تلهب أذيال الثوب التركي”، فالحاجة إلى انجاز من طبيعة نوعية للمجوعات المسلحة، يبرر لتركيا الإستمرار بدعمهم.
وقبل إعلان المجموعات المسلحة عن إنطلاق معركتها الحاسمة في حلب، جرت اجتماعات تنسيقة بين أنقرة وواشنطن على أعلى المستويات الاستخباراتية والعسكرية، كما ان سير المعارك في حلب، إذا جرت كما تريد تركيا، يكون رجب طيب اردوغان قد سجل نقاطاً لصالحه بوجه خصومه داخل حزب الحرية والعدالة في مؤتمر الحزب الاسبوع القادم اولاً، وورقة قوة يستخدمها بوجه منتقدي سياساته الخارجية من المعارضة وأطياف عديدة من المجتمع التركي، ثانياً.
حلب كانت المدينة الثانية بعد “القسطنطينية” ابان الحكم العثماني
تاريخياً، لعبت حلب دوراً محورياً في الامبراطورية العثمانية، نظراً لموقعها الاستراتيجي القريب من الأناضول، وكانت المدينة الثانية بعد القسطنطينية (أسطنبول حالياً)، والمدينة الرئيسية للتجارة بين بلاد الشرق والغرب، وإذا كانت السفارات الغربية واقعة في أسطنبول، فإن المهام القنصلية الرئيسية كانت تتم في حلب.
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، حددت معاهدة سيفر (10 آب/ أغسطس 1920 بين العثمانيين والحلفاء) حلب كجزء من سورية، غير أن مصطفى كمال أتاتورك رفض هذه المعاهدة، واستمر بضم حلب والأناضول وأرمينيا إلى تركيا، غير أنه وفي النهاية ومع عقد معاهدة لوزان ( 24 يوليو/تموز 1923) تم سلخ مناطق مختلفة عن حلب وضمها إلى تركيا، وأبرزها لواء الاسكندرونة، فتم حرمان حلب من ميناءها الرئيسي ليجعلها معزولة تماماً.
المجموعات المسلحة حصلت على وعد فرنسي وأميركي بالإعتراف بحكومة انتقالية
وتسعى المجموعات المسلحة إلى تحويل حلب إلى “عاصمة للإرهاب” بحسب العميد المتقاعد أمين حطيط، تقام بها حكومة انتقالية أو مجلس انتقالي، تعترف به الدول الخليجية أولاً، “خاصة وأن المسلحين استحصلوا على وعد من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ومن الإدارة الأميركية بالإعتراف بالحكومة الانتقالية بحال إقامتها”.
ولا تقف الأهداف عند العميد حطيط هنا، بل وبحسب خبرته بالتركيبة السورية وبالأحداث الجارية هناك، رأى حطيط ان “المجتمع الحلبي تصغير عن الوطن، كونه يحوي مختلف الطوائف، ومن شأن سيطرة المعارضة على هذه المنطقة، تعزيز فكرة النظام التعددي الذي تحاول المعارضة ترويجه”، وأكد العميد أن “هذا الشعار هو منافق وكاذب، لأن لا تعددية فيما يبدو في توجهات المعارضة المسلحة، بل هناك حكم اللون الواحد، وسيكون المسيحيون الخاسر الأكبر”.
وعن مستقبل المعركة في حلب، شدد العميد امين حطيط على أن “المسلحين وقعوا في الفخ، وطموحهم غير مبني على أرضية صلبة”، وقال إن “المعركة في سورية انحسمت لصالح النظام، وما على المسلحين إلا تقبل الهزيمة، ولا يجود شيء في الأفق ما يوحي بإمكانية النجاح”.