معادلة ’الامونيا’ مقابل عقيدة الضاحية

 

 


موقع العهد الإخباري ـ
جهاد حيدر:

منذ انتهاء عدوان تموز 2006، اعتمدت “تل أبيب” سياسة جديدة في التعامل مع الخطابات والمواقف التي يدلي بها الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله بهدف الحد من مفاعيل تأثيره على العقل الجمعي الإسرائيلي. وتم تبني هذه السياسة كجزء من العبر التي تم استخلاصها من تلك الحرب. رغم ذلك، لم تستطع “إسرائيل” تجاهل المواقف والتهديدات التي اطلقها سماحة السيد خلال احياء ذكرى القادة الشهداء. وما إن انهى السيد نصر الله كلمته حتى اشتعلت المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي في إسرائيل، بالتهديدات التي اطلقها. وبلغ الامر أن رئيس اركان جيش العدو غادي ايزنكوت اضطر إلى التصدي بنفسه لهذا الموضوع وحاول تهدئة روع الجمهور من خلال التأكيد على قوة ردع الجيش الإسرائيلي.

احتلت التهديدات التي اطلقها السيد نصرالله باستهداف حاويات غاز الامونيا ردا على عقيدة الضاحية، التي يكثر المسؤولون الإسرائيليون من التلويح بها، العناوين الرئيسية في وسائل الاعلام الإسرائيلية، وحضرت بقوة في الرأي العام الإسرائيلي. وبدت الرسائل التي وجهها السيد نصر الله، إلى الداخل الإسرائيلي، كما لو أنها اخترقت منظومة “القبة الحديدية” الاعلامية التي نصبتها مؤسسة الرقابة التابعة للجيش الإسرائيلي. وشكل التفاعل الإسرائيلي، قيادة وجمهورا، مع مواقف سماحته، كسرا للقوالب التي هدفت إلى حماية وعي وقلوب الإسرائيليين. إلا أن كل الحواجز لم تنجح في احباط الرسائل الصاروخية التي أصابت من الإسرائيليين مقتلا.

israel-haifa-amonia

المزايا التي تمتعت بها رسائل السيد نصر الله، ومكنتها من تجاوز المنظومة الاعتراضية الإسرائيلية، تعود إلى كونها تناولت قضية يلمس الإسرائيليون صحتها. عندما تحدث سماحته عن حاويات الغاز وما تشكل من خطورة انطلق الخبراء الإسرائيليون الذين اكدوا دقة ما ادلى به سماحة السيد. كما أن سكان حيفا يعلمون بهذه الحاويات وما تحتويه ودرجة الخطورة التي تشكلها. وبالتالي لم تستطع المؤسسة الإسرائيلية انكار أو تجاهل أو التوهين مما ادلى به.

من جهة أخرى، يدرك الإسرائيليون كلهم، واستنادا إلى مواقف قادتهم السياسيين والعسكريين بأن حزب الله يملك من القدرات الصاروخية ما يُمكِّنه من استهداف هذه الحاويات. سواء لجهة ما تتمتع هذه الصواريخ من مدى، أو لقدرتها التدميرية أو دقة اصابتها. وبالتالي الانطباع الذي حضر في وجدان كل إسرائيلي أن صواريخ حزب الله مصوبة الان وفي كل لحظة، نحو هذه الحاويات ان ارتكبت قيادته أي حماقة ازاء لبنان.

ماذا عن مواقف ايزنكوت؟

يلاحظ على مواقف ايزنكوت، أنها هدفت إلى احتواء مفاعيل تهديدات سماحة السيد. ومن هنا كان حرصه على التأكيد على قدرة الردع الإسرائيلية في مقابل حزب الله. وهو اراد بذلك القول للجمهور الإسرائيلي أن الجيش هو الضمانة لحمايتهم من تنفيذ أي تهديدات.

مع ذلك، أقر ايزنكوت أن حزب الله يملك القدرات الاكثر أهمية في محيط “اسرائيل”. وبالتالي اقر ايضا بأن حزب الله يملك القدرات المطلوبة لاستهداف حاويات الغاز التي هدد السيد نصر الله باستهدافهم.

إلى ذلك، كان لافتا جدا، أن ايزنكوت تحدث عن ان “حزب الله يطور قدراته من اجل تحقيق توازن استراتيجي امام  إسرائيل ومع ذلك نجح الجيش الإسرائيلي في تحقيق الردع”. إذ أن المعادلة الحقيقية معكوسة. وبالرغم من من إسرائيل تتفوق على لبنان على المستوى التكنولوجي والعسكري، نوعا وكما، لكن حزب الله استطاع أن يحقق توازنا في الردع.

مع ذلك، فإن حديث ايزنكوت عن المعادلة بـ”المقلوب”، ينطوي على اقرار بحجم معادلة الردع المتبادل ونظرة الإسرائيلي إلى مستوى تطور قدرات حزب الله.

ولجهة حديث رئيس اركان جيش العدو عن هدوء الجبهة اللبنانية منذ عقد، فهو أتى في سياق الاستدلال على فعالية قدرة الردع الإسرائيلية. لكنه تجاهل بأن هذا الهدوء هو مطلب لحزب الله ايضا. ومقرون بردع مضاد قيد إسرائيل عن الكثير من الاعتداءات العسكرية المباشرة ازاء المقاومة ولبنان. وفي هذا السياق تحضر حقيقة أن حزب الله استطاع منع العدو ايضا من تثمير الحدث السوري وانشغال حزب الله بمواجهة الخطر التكفيري في سوريا، لفرض معادلات جديدة على الساحة اللبنانية. وعلى ما تقدم، لم تقتصر انجازات حزب الله، على الدور الذي لعبه في مواجهة الخطر التكفيري، من خلال المبارة إلى التدخل العسكري في سوريا. بل عطلل ايضا محاولة إسرائيل تثمير هذا الخطر، وقطع الطريق عبر تثبيت معادلة الردع وتعزيزها.

تبقى حقيقة اساسية بالتأكيد هي حاضرة لدى قادة العدو، بأن تهديد سماحة الامين العام أتى في مقابل التلويح المتكرر للعدو بتطبيق عقيدة الضاحية، ازاء لبنان. وبالتالي فإن الحديث عن أن الجيش الإسرائيلي يملك من القدرات لردع حزب الله عن هذا الخيار لا معنى لها. لأن تلويح حزب الله باستهداف حاويات الامونيا هو في مقام الرد والدفاع والردع، وليس كخيار عملاني ابتدائي. ومن المعلوم أن حزب الله يملك ما يكفي من القدرات لتنفيذ تهديداته ردا على اي اعتداء واسع ضد لبنان. في هذه الحالة تكون معادلة “غاز الايمونيا” مقابل عقيدة الضاحية التي أرساها امين عام حزب الله قد حققت اهدافها، عبر تثبيت معادلة الردع المتبادل وقطع الطريق على العدو لإحداث تغيير في معادلة الردع المتبادل.

[ad_2]

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.