معادلات سيّد السيّادة
جريدة البناء اللبنانية-
شوقي عواضة:
مرّة جديدة يثبت الأمين العامّ لحزب الله السّيد حسن نصر الله أنّ قوّة لبنان بمقاومته التي ثبتت على مدى سنوات المواجهة مع الكيان الصّهيوني معادلات أدّت إلى تحقيق الانتصار. فبعد معادلة الأرض المفتوحة مقابل الأرض المفتوحة أطلق سيّد المقاومة والسّيادة معادلته الجديدة ألا وهي سيادة المقاومة على البحر بإعلانه عن انطلاق ناقلة نفط إيرانيّة متجهة إلى لبنان. الذي تمارس بحقّه إدارة البيت الأبيض إرهابها الاقتصادي في محاولةٍ لتطويق المقاومة التي أعطت للبنان مجده بالدّفاع عنه وحمايته من الإرهاب الأميركي المتعدّد الأوجه من دحر الكيان الصّهيوني وهزيمته عام 2006، مروراً بسحق مشروع داعش والقضاء على إماراتها، وصولاً إلى العقوبات والعدوان الإرهابي الاقتصادي الذي تشنّه الولايات المتحدة الأميركيّة على لبنان وسورية. إعلان السّيد نصر الله عن انطلاق أولى ناقلات النّفط الإيرانيّة شكّل صدمةً للأميركيين و»الإسرائيليين» وحلفائهم واعتبروه إعلان حربٍ بينما هو إعلان تحرير لبنان من سطوة الإرهاب الأميركي لا بل هو مقدّمة لتحرير المنطقة بكاملها من الاحتلال الأميركي وإخراجها كما أشار سماحته سابقاً إما أفقياً أو عمودياً لا سيّما بعد الهزيمة النكراء التي تلقتها الولايات المتحدة في أفغانستان.
وقد حمل إعلان سماحته العديد من الرسائل أهمّها:
1 ـ شكّل خطاب السيد معادلة ردعٍ جديدة لـ «الإسرائيلي» قبل الأميركي وأدواته في الداخل اللّبناني وأدخلهم في دوامة التخبّط وإعادة التّخطيط بناء على المعادلة الاستراتيجيّة التي توسّعت رقعتها، وبالتالي نسفت كلّ ما كان مخططاً سابقاً.
2 ـ أهمّ منجزات إعلان السّيد أنّه أخرج الأميركي من وكره إلى ميدان المواجهة الذي كان يقاتل فيه بوكلائه لتخرج السفيرة الأميركية وتعلن عن تقديم مجموعةٍ من الحلول مستعينة بمصر والأردن عبر سورية.
3 ـ أرغم خطاب السّيد الأميركيين على الاعتراف أمام الملأ بأنّهم هم سبب الأزمة الاقتصاديّة في لبنان بدليل خروج دوروثي شيا معلنة بعض الحلول ومجرد إعلانها هو اعتراف بإدارتها للأزمة.
4 ـ إنّ إعلان السّيد هو إعلانٌ سياديّ بامتياز وإن قرأه البعض إعلان حرب فستكون تلك الحرب مشروعةً ضدّ الأميركي الذي يحاصر لبنان، وبالتالي من حقّ لبنان المحاصر الدّفاع عن نفسه لفكّ الحصار.
وما الخروج الأميركي المباشر للمواجهة بعد خطاب السّيد إلّا إعلان عن هزيمة أدواتهم في لبنان من جمعيات ال NGOS التي أشار إليها سماحته في الخطاب ومؤشّر جديد للهزيمة القادمة لأميركا في لبنان والمنطقة في معركة سقوط امبراطورية الشّر وتهاويها ومعه انهيار الأنظمة المطبّعة والكيان الصّهيوني الذي أظهر تعاطيه مع الخطاب إرباكاً كبيراً في وسائل الإعلام من خلال تصريحات بعض المحلّلين «الإسرائيليين» على كافّة المستويات حتى وصل بهم الأمر إلى درجةٍ دفعت الكاتب الصّهيوني في صحيفة (إسرائيل ديفينس) عامي روحكس دومبا للقول بأنّ نصر الله وضع «إسرائيل» في مشكلة. إذا أحبط الجيش «الإسرائيلي» عمل النّاقلات، فالجمهور اللّبناني سيتهم (إسرائيل) بمشكلة الوقود في لبنان، وسيؤكد الشّرعية كجهةٍ تقاتلنا وكلّ توقّع بأنّ الأزمة الاقتصاديّة ستدكّ إسفيناً بين حزب الله والجمهور اللّبناني ستدفن. أمّا المحلّل الصّهيوني للشّؤون العربية روعي كايس فقد أشار إلى أنّ نصر الله يتصرّف كراعٍ ومنقذٍ للبنان حيث سيتولّى حزب الله توفير الحاجات الأساسيّة وهذا سيعطيه الشّعبية والدّعم على المستوى العام، وهو يقول إنّنا سنجلب الوقود عبر السّفن في البحر المتوسط وفي حال قرّرت الولايات المتحدة ضربها فإنّني سأردّ وهو يوسّع المعادلة.
كلّ ذلك جزءٌ بسيطٌ من تعاطي الإعلام العبري مع معادلة السّيد التي أخرجت الإدارة الأميركيّة عن صمتها من خلال إعلان السّفيرة الأميركيّة في بيروت دوروثي شيا عن استقدام الكهرباء من الأردن عبر سورية والغاز من مصر وهذا يعني اعترافاً وواضحاً وصريحاً بأنّ إدارتها هي المسبّب الأوّل لكلّ الأزمات التي يعيشها الشّعب اللّبناني وما إعلانها عن تلك الحلول الاستعراضيّة بعد كلمة السيد نصر الله مباشرة إلّا محاولة لتسجيل انتصار وهمي في حربها الاقتصاديّة على لبنان بعد هزيمتها عسكريّاً في أفغانستان وبداية سقوطها في سورية والعراق هزيمة استدعتها لفرض العقوبات وتحقيق انتصارٍ مستحيلٍ عجزت عن تحقيقه عسكرياً. فما تحاول إنجازه دوروثي شيا هو توريط لبنان بالتّطبيع غير المباشر من خلال إدخال الغاز من مصر التي تستورده من الكيان الصّهيوني وإمداد لبنان بالكهرباء من الأردن عبر سورية التي تفرض عليها إدارة البيت الأبيض «قانون قيصر» المتخم بالعقوبات. لم تدرك السّفيرة الأميركيّة في بيروت بعد بأنّ سورية لم ولن تكون ولاية أميركية وأنّ ما لم تأخذه إدارتها من سورية من خلال إرهابها ودواعشها المسحوقين لن تأخذه في ظلّ الحصار.
لم تدرك شيا أنّ ما قاله السّيد نصر الله في بداية فرض العقوبات الإرهابيّة الأميركيّة على لبنان (أنّنا لن نجوع وسنقتلكم) بدأ يتحقّق ونهاية إمبراطورية شرّهم بدأت تخطّها سواعد المقاومين من اليمن إلى فلسطين على صفحات عزّ الأمّة ومجدها بمعادلات سيّد السّيادة.