معادلات القوة الجديدة
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
انطلقت المفاوضات الروسية الأميركية حول الأزمة السورية وظهرت سلسلة من المؤشرات التي تكشف لنا خيبة كبيرة في معسكر الخاسرين بعد المجابهة الكبرى التي أعقبت قرار اوباما بالعدوان على سوريا بينما تقوم الإمبراطورية الروسية الصاعدة ببلورة حصاد حلفائها في المنطقة من نتائج انكسار العدوانية الأميركية بعد المبادرة الروسية الاحتوائية التي تؤسس لمنظومة دولية جديدة ولتوازنات إقليمية متحولة.
أولا اظهرت مواقف الرئيسين بشار الأسد وفلاديمير بوتين معا ان المبادرة الروسية المتصلة بالسلاح الكيماوي السوري تنطوي على جدول زمني لتنفيذ التزامات متقابلة اميركية وسورية فانضمام سوريا للمعاهدة ومباشرة آليات الرقابة الأممية التي تتضمنها يقابله تفكيك منصة العدوان الأميركي وهو يشمل سحب البوارج والمدمرات الأميركية والإلتزام الصريح والعلني بالتراجع عن التهديد بالعدوان وتلي ذلك المباشرة فورا بوقف تصدير الإرهابيين والامتناع عن مدهم بالمال والسلاح والولايات المتحدة ستكون مسؤولة امام روسيا وتحت رقابتها المباشرة في إلزام جميع الحكومات المشاركة منذ عامين ونصف في الحرب على سوريا وبالمقابل ستنطلق آلية الحوار السياسي السوري التي نصت عليها تفاهمات موسكو التي نكل بها الأميركوين وانقلبوا عليها وجربوا حظهم الخائب في ما سموه مع شركاهم المعتدين بتعديل التوازن.
ثانيا ضمانة الإلزام هي توازن القوى الاستراتيجي فالارتداد الأميركي إلى العدوان على سوريا مجددا سيعني انطلاق المجابهة العسكرية من نقطة توازن متقدمة تضع فيها منظومة المقاومة المدعومة من روسيا والصين تحت مطرها الصاروخي الأساطيل الغربية المعتدية وكلا من إسرائيل ومنابع النفط في محميات الخليج وطرق النقل البحري للنفط وهكذا تبلورت بالتجربة معادلة مشرقية جديدة منيعة وحصينة تشمل سوريا وإيران والمقاومة اللبنانية.
من الآن فصاعدا بات أي عدوان على أي من أطراف هذه الكتلة سيواجه بحرب إقليمية شاملة تحت مظلة روسية تنخرط فيها موسكو وبقوة في تأمين المستلزمات العسكرية والمعلوماتية الرادعة التي اختبرها الأميركيون بصاروخين باليستيين أبلغت بهما غرف العمليات السورية خلال دقيقة من إطلاقهما وبالتالي كانا في مرمى قوة الاعتراض والتدمير الصاروخية السورية المتطورة.
ثالثا على المستوى السياسي كشف اختبار القوة تعاظم الرفض الشعبي الواسع للمغامرات الاستعمارية في الغرب وفي قلب الولايات المتحدة وقد تكفل ردع العدوان بتدشين عهد ما بعد الهيمنة الأحادية بينما تبلورت حالة شعبية عربية جديدة داعمة لصمود سوريا في وجه العدوان الاستعماري وهذا النهوض القومي المتصاعد يمثل عنصرا متحولا في المشهد العربي ستكون له نتائج كثيرة ومهمة خصوصا مع ظهور ملامح التطورات المصرية المقبلة والتي تفسح في المجال امام التلاقي الممكن بين القاهرة ودمشق في تكوين كتلة عربية مناهضة للهيمنة الغربية وسوف تكون معركة سوريا ضد عملاء الناتو وفلول القاعدة محكومة بتوازنات جديدة بعد فرض تجفيف مستنقع التآمر البندري الداعم للإرهاب الذي تنفذه جحافل اجنبية من ثلاثة وثمانين دولة في العالم في حال انجزت تلك الخطوات سيتحرك عمليا مشروع الحل السياسي الذي طرحه الرئيس بشار الأسد وهو سيؤهل سوريا لمكانة قيادية مرموقة في المنطقة والعالم بينما تنطلق فيها عملية إعادة البناء الوطني الشامل بعد العدوان.