مصير القوات الأجنبية في العراق
صحيفة الوطن السورية-
أحمد ضيف الله:
المتتبع لتصريحات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بشأن العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية منذ أن منح المجلس النيابي الثقة لتشكيلته الوزارية ومنهاجها الحكومي في الـ27 من تشرين الأول 2022، وفي ظل الاهتمام الأميركي برئاسته للحكومة، سيلاحظ دعواته المتكررة للإدارة الأميركية بالابتعاد عن التفكير النمطي الذي يسعى إلى جعل العراق واجهة لسياساتها بالمنطقة، أو أن يكون في خطّ المواجهة الأميركية ضد إيران، أو مسهلاً لها، داعياً إياها إلى الخروج من فكرة أن حكومة عراقية مقربة أو مدعومة من أميركا يمكن أن تقوم بذلك، مؤكداً أن تحقيق الاستقرار في العراق ودعم اقتصاده هو السبيل الوحيد لتحقيق مصلحة البلدين، التي أساسها التوازن الاقتصادي والأمني والسياسي، فلا تابع ولا متبوع.
التصريح الذي أطلقه محمد شياع السوداني في الـ15 من كانون الثاني 2023 والذي نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية المهتمة أساساً بالتجارة والقضايا المالية في أميركا والعالم، قائلاً: «نعتقد أننا بحاجة إلى القوات الأجنبية»، وبأن «القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية سيستغرق بعض الوقت»، أثار تكهنات عديدة حول ما إذا كان هناك ثمّة تغير جوهري وتحول في موقف السوداني من بقاء القوات الأجنبية في العراق، رغم أنه أكد في التصريح ذاته «لسنا بحاجة إلى قوات تقاتل داخل الأراضي العراقية»، وبأن «التهديد للعراق مصدره تسلل خلايا (التنظيم المتطرف) من سورية».
في الـ14 من كانون الثاني 2023، وقبل يوم من نشر صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية تصريح السوداني، قال الأخير في مؤتمر صُحفي مشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتس لدى زيارته ألمانيا بعد توقيع عقد ضخم في مجال الطاقة مع شركة «سيمنس» الألمانية: إن «العراق اليوم لا يحتاج إلى قوات قتالية، فما هو موجود هو فريق استشاري للتدريب والدعم المعلوماتي»، مؤكداً أن «وجود فرق المستشارين للتحالف الدولي يخضع حالياً للمراجعة من الأجهزة الأمنية، لتحدد بشكل مهني وفني حجم البعثات التدريبية ونوعية المهام، والمدة التي تحتاج إليها القوات الأمنية حتى تتمكن من تطوير قدراتها».
تصريحات السوداني لصحيفة «وول ستريت جورنال»، أريد لها إعلامياً، التشويش والتشكيك بموقف رئيس الوزراء العراقي الرافض لبقاء القوات الأجنبية في العراق، من دون أن تحقق أي صدى لذلك، فحتى تاريخه، لم تظهر أي مواقف سياسية رسمية داخل العراق، مهاجمة أو معارضة لتصريحات السوداني، سواء من جانب الأطراف المشاركة بالحكومة العراقية أم المعارضة لها من داخل المجلس النيابي أو خارجه، ولا حتى من أطراف قوى المقاومة العراقية، ولم يُثر أحد أي جدل بشأن ذلك.
السوداني ومن خلال كل تصريحاته، يسعى إلى تبديد القلق والمخاوف الدولية أو الإقليمية، والأخرى المُظللة، التي تسعى إلى إظهار حكومته بأن لديها جملة من المشاكل مع دول الإقليم، وبأنها منغلقة، ومحكومة إيرانياً، رغم تأكيده في التصريح ذاته لصحيفة «وول ستريت جورنال» الذي سوق على أنه مثير، بالقول: «لا أعتقد أنه من المستحيل أن يكون للعراق علاقة جيدة مع كل من إيران والولايات المتحدة».
في الـ5 من كانون الثاني 2020 صوت المجلس النيابي العراقي، حينما كان السوداني نائباً، على قرار «يلزم الحكومة العراقية بإنهاء وجود أي قوات أجنبية على الأراضي العراقية لأي سبب كان»، وبعد انتهاء جولة الحوار الرابعة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية التي جرت في واشنطن في الـ22 من تموز 2021، أُعلن أنه «لن تكون هناك قوات أميركية ذات دور قتالي في العراق بحلول الـ31 من كانون الأول 2021، وبأن «العلاقة الأمنية ستنتقل إلى دور التدريب والإرشاد والمساعدة وتبادل المعلومات الاستخباراتية»، وبالتالي حكومة السوداني «ملزمة بمتابعة دقة تنفيذ ذلك.
ليس هناك أي تحول أو تبدل في موقف السوداني من بقاء القوات الأجنبية في العراق، وخاصة بعد تأكيده في مؤتمره الصحفي لدى زيارته ألمانيا مؤخراً، مراجعة وجود فرق المستشارين للتحالف الدولي من الأجهزة الأمنية لتحدد وفقه «بشكل مهني وفني حجم البعثات التدريبية ونوعية المهام، والمدة التي تحتاج إليها القوات الأمنية (العراقية) حتى تتمكن من تطوير قدراتها».
الوجود العسكري الأميركي في منطقتنا موجه أساساً لخدمة الأهداف الإسرائيلية والقوى الانفصالية، والشعب العراقي وقواه المقاومة يدركان ذلك، وهما لا يمكن أن يقبلا بالوجود الأجنبي على أراضيه، كما أنهما لا يمكن أن يبقيا صامتين بأن تتحول أراضي العراق إلى قواعد خلفية لترهيب الشعب السوري وتجويعه، بنهب وسرقة نفطه وخيراته الزراعية، وبيعها في إقليم كردستان، لتمويل الإرهاب في سورية، والسوداني مطالب بوضع حد لذلك.