مصر والصراع في السودان بين دعم البرهان في الخفاء والصمت في العلن
وكالة أنباء آسيا:
منذ اندلاع الصراع في السودان بين الجيش السوداني بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، لم تتخذ مصر اي موقف معلن مما يحدث في جوارها من جهة الشمال، بل ظلت صامتة رافعة شعار عدم التدخل في الشؤون الداخلية السودانية للابد رغم الأهمية الاستراتيجية التي يمثلها السودان وخطورة وضعه على مصر.
ويبدو أن مصر أصبحت غير قادرة على اتخاذ موقف واضح من الصراع الدائر على السلطة في السودان، فقد اختارات دعم الجيش السوداني في الخفاء، خشية من غضب الإمارات التي تساند وتدعم حميدتي قائد قوات الدعم السريع وبخاصة أن الدولة الخليحية تعد أكبر الداعمين لمصر ماليا في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها مصر.
وظهر دعم الإمارات لحميدتي علناً خلال الفترة الأخيرة التي اشتد فيها الصراع، إذ تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في السودان والعالم العربي صوراً مأخوذة من صفحة قائد قوات الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو المعروف بـ “حميدتي” على موقع فيسبوك، تظهر أن حسابه على الموقع يتم إدارته من قِبَل ثلاثة أشخاص، أحدهم من دولة الإمارات.
وتفاعل نشطاء ومستخدمو منصات التواصل على نطاق واسع مع بيانات صفحة دقلو على فيسبوك الموثقة بالعلامة الزرقاء، قبل أن تقوم الصفحة بإخفاء المعلومات من خاصية “شفافية الصفحة”، التي تظهر للمتابعين مَن يقوم بإدارتها ومواقعهم الحالية.
وتعتبِر مصرُ السودان حليفا لا يمكن الاستغناء عنه في نزاعها الطويل مع إثيوبيا حول سد النهضة المثير للجدل. ووصفت مصر مشروع الطاقة الكهرومائية العملاق على النيل الأزرق بأنه تهديد وجودي نظرا لما ينطوي على استكماله من احتمالات التحكم في تدفق مياه النيل إلى مصر، التي تُعد العامل الأكثر أهمية لحياة المصريين.
ورغم الأهمية الاستراتيجية الكبيرة التي تتمتع بها السودان بالنسبة لمصالح مصر الاستراتيجية، يبدو أن حكومة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تواجه صعوبة بالغة في اتخاذ موقف واضح يخرج للنور والعلن مما يحدث في السودان.
حيث أن الجيش المصري لم يصدر سوى بيانًا مقتضبًا بعد أن تبين أن بعض جنوده قد أسرتهم قوات الدعم السريع، وهو ما تعهد الرئيس السيسي بعده بيومين بعدم الانحياز إلى أيَ من طرفي الصراع، عارضا الوساطة من أجل تسوية الأزمة، دون الإعلان عن دعمه لأحد الأطراف، رغم موقفه المعروف في الخفاء.
وفي السياق ذاته، نشرت صحيفة “التايمز” تقريرًا بعنوان “المعارك في السودان: اتهامات لمرتزقة بتأجيج الصراع”، سلّطت من خلاله الضوء على شكوك في أن مرتزقة فاغنر الروس، يلعبون دوراً في المعارك.
وأشار الكاتب إلى أن مسؤولين أمنيين غربيين كشفوا لصحيفة وول ستريت جورنال أن الولايات المتحدة تشك في وجود صفقة بين “فاغنر” وحميدتي، وبالتالي فقد دفعت واشنطن مصر إلى مساندة ودعم القوات المسلحة السودانية، ورئيس المجلس السيادي، عبد الفتاح البرهان، بهدف طرد “فاغنر” من البلاد.
كما كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن مصر لديها مصلحة فورية أكثر من غيرها في كيفية التطور الدراماتيكي، إذ تسعى القاهرة إلى مساعدةٍ من الخرطوم في معارضة بناء سد ضخم وخزان في أقصى الجنوب على نهر النيل من قبل إثيوبيا.
وألقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بثقله وراء الجنرال البرهان، وأرسل بالفعل مقاتلات لدعم القوات الجوية السودانية، مما عزز سيطرة البرهان على سماء البلاد وقدرته على ضرب مواقع منافسيه من الجو، بحسب الصحيفة.
وبدأ القتال بين الجيش السوداني بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة دقلو في 15 أبريل وخلّف 413 قتيلا و3551 جريحا، بحسب منظمة الصحة العالمية.
واندلع القتال على خلفية تباين بين القائدين العسكريين على طريقة دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة، علمًا بأن الآلاف من عناصر “الدعم” كانوا ضمن مجموعات متهمة بارتكاب تجاوزات عرفت باسم “الجنجويد” شكلها الرئيس السوداني السابق عمر البشير الذي أطاحه انقلاب عسكري في العام 2019.