خاص: مصر التي لم تعد حتى فاطمية
موقع إنباء الإخباري ـ
فيصل الأشمر:
“المد الشيعي، التشيع الإيراني، التشيع الصفوي، الشيعة قادمون، الخوف من الشيعة”، عبارات تملأ مع غيرها مما يشبهها عناوين الصحف والمواقع المصرية، تخويفاً من الشيعة القادمين إلى مصر لإثارة القلاقل والاضطرابات فيها، وربما للانقلاب على النظام القائم وجعل المذهب الرسمي للدولة هو المذهب الشيعي.
لا مغالاة فيما نقول، راجعوا الصحف المصرية لتقرأوا أكثر من هذا، ثم راجعوا أنفسكم واسألوها: متى كان التشيع خطراً على مصر، على الأقل في المائتي سنة الماضية؟ متى اعتدت إيران ـ مثلاً ـ عسكرياً، أو حتى سياسياً على مصر؟ متى شكّل حزب الله تهديداً لها؟ وهل كان سامي شهاب “الشيعي اللبناني” يريد قلب نظام الحكم أو زعزعة استقرار مصر حقاً – كما زعم الإعلام المصري بعد إلقاء القبض عليه – في حين كان يؤدي واجبه في دعم المقاومة الفلسطينية؟ وهل زيارة عالم الدين الشيعي الشيخ علي كوراني إلى مصر منذ أشهر مرعبة إلى هذا الحد لعلماء الدين المصريين وللسلطات المصرية التي وافقت على دخوله إلى مصر حتى تقوم ضده حملات في الصحف ووسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية؟
في أيام حسني مبارك لم يكن للتيارات أو الشخصيات الشيعية المصرية أي تحرك ظاهر، مثلهم مثل الشخصيات والتيارات المصرية الأخرى التي منع النظام وقتها إلى حد كبير أي تحرك سياسي أو ديني لها، ثم حصلت الثورة الأخيرة التي أطاحت بمبارك فتنفس الناس الصعداء وأتيح لكل التيارات السياسية والدينية أن تنشئ أحزاباً وجمعيات كما تشاء. حينها تحركت شخصيات شيعية مصرية، لا إيرانية ولا غير إيرانية، ووجدت أن الظرف مناسب لها أن تعمل على إنشاء تيارات شيعية مصرية، وتم إنشاء حسينية اعتُبرت أول حسينية في مصر.
هذه الشخصيات الشيعية المصرية التي تحركت ومارست حقوقها في التشكّل والانتظام في جمعيات لم تكن كلها شخصيات صديقة لإيران، أو مؤيدة لنظرية ولاية الفقيه، بل ربما لم تكن لها أية معرفة أو علاقة بالساسة أو الشخصيات الإيرانية. ومع ذلك تم اتهامها بالعمل على تخريب الوضع في مصر والتعاون مع دولة أجنبية – أي إيران – في ذلك، دون أية أدلة واضحة فاضحة.
باختصار، إن مصر الفاطمية، مصر الجامع الأزهر والسيدة زينب ورأس الحسين ضاقت اليوم بحسينية للشيعة يبكون فيها السيدة زينب والإمام الحسين، ولم تضق بسفارة إسرائيلية، الله وحده يعلم – والراسخون في العلم – دورها الحقيقي في مصر الكنانة.
مصر المكبلة باتفاقية الذل مع العدو الصهيوني ، المحتضنة لسفارة إسرائيلية في القاهرة ، مصر التي يعيش خمسة ملايين من مواطنيها بين القبور ، ويعيش أضعاف هذا الرقم تحت خط الفقر ، تشغل بالها حسينية للشيعة ، ويوهم الإعلام فيها الشعب أن هناك من يعمل على تشييع ثمانين مليون إنسان !!
إنه زمن العقول المعطلة