مصدر أمني لـ”النهار”: لا يمكن النوم على حرير في طرابلس ما حصل مع العسكريّين يستدعي انتباهاً أكبر

الاشتباكات المسلحة التي وقعت فجر أمس بين قوة من الجيش ومسلحين مطلوبين في شارع البازار بباب التبانة في طرابلس، وأسفرت عن سقوط أكثر من 8 جرحى في صفوف العسكريين بينهم اصابات حرجة، طرحت أكثر من تساؤل وأكثر من علامة استفهام، ولا سيما أن الجرحى العسكريين كانوا جميعهم داخل ناقلة جند واحدة من نوع “هامفي” وتم استهدافهم بقذيفة “ار. بي. جي.” أحرقت السيارة العسكرية بمن فيها.

الاشتباكات وقعت على خلفية عملية دهم روتينية كان يقوم بها الجيش لتوقيف مطلوبين يبدو انهم كانوا متحسبين للواقعة، فأقدموا على مباغتة القوة الامنية وأمطروها بزخات من الرصاص والقذائف الصاروخية والقنابل التي ادت في ما ادت اليه الى احراق سيارة كانت تنقل العسكريين بإلقاء قذيفة صاروخية عليها، كما اصابت ملالة للجيش وآليات عسكرية أخرى احترقت احداها بالكامل.

الحادث ليس منعزلا عن سلسلة حوادث امنية تقع بين الفينة والاخرى في باب التبانة، لكنه يشير بوضوح الى ان ما حصل ليس مسألة عابرة ويجب الا يمر مهما كان ثمنه، باعتبار انه يؤشر لتفلت أمني خطير في تلك المنطقة، وتكمن خطورته في انه يكبر بسهولة ككرة ثلج ويتحول الى حالة يصعب لاحقا معالجتها ووأدها، بلا خسائر جسيمة.

فقد اعلنت مديرية التوجيه في قيادة الجيش في بيان فجر أمس عن “تعرض دورية مؤللة تابعة للجيش في محلة التبانة – طرابلس، لإطلاق نار كثيف عند الساعة 1:30 فجراً ولقذائف صاروخية من مسلحين، مصدرها المحلة، مما أدى إلى اصابة ثمانية عسكريين بجروح مختلفة بينهم ضابط برتبة ملازم، تم نقلهم إلى المستشفيات للمعالجة”.

واضاف: “لقد ردّت قوى الجيش على النار بالمثل، كما باشرت ولا تزال تنفيذ عمليات دهم واسعة لمصادر إطلاق النار، وتعقب المعتدين لإلقاء القبض عليهم”.

وبقراءة أمنية لأبعاد ما جرى على المستوى الامني سألت “النهار” مرجعا امنياً، فقال إنه لا يمكن التساهل مع ما جرى في طرابلس، فالمسألة أكثر خطورة مما يظن البعض، ولا ينبغي ان تمر كغيرها، والاهم من كل ذلك ان تشكل موعظة يجب ان تتعظ منها القوى العسكرية والامنية بحيث تصبح أكثر تحسبا وانتباها لدى اي عملية دهم تقوم بها لاحقا، وبالتالي على كل المعنيين بالعملية على مستوى الامن والقضاء والسياسة ان يتعاملوا مع ما جرى بروح المسؤولية العالية وبهدوء ورباطة جأش ولا سيما ان القرار الامني مغطى سياسيا بالكامل في طرابلس، وبالتالي فإن المرحلة تتطلب مراقبة دقيقة للاوضاع وتطوراتها بحيث تبقى الاعين مفتوحة على ما يجري في طرابلس، كما ان على الاجهزة الامنية ان تكثف استقصاءاتها وتحرياتها الفعلية في كل العمليات الامنية لمعرفة حركة واقع الساحات التي تعمل فيها، قبل القيام بأي عملية دهم، والاسترخاء في هذا الصدد غير مقبول نهائيا لانه يؤدي الى ما جرى فجرا او ما يفوق ذلك من حيث التداعيات والنتائج لا سمح الله، اذ لولا العناية الربانية الواضحة، لكان كل العسكريين داخل الناقلة احترقوا بالكامل.

ويرى المرجع الامني ان التحسب لصغار المطلوبين في هذا السياق يجب ان يكون أكثر مما هو حيال كبار المطلوبين، وان الحل بتكثيف الانتباه عند التحرك في اي بقعة مماثلة، حتى ولو كانت في بيئة صديقة ومريحة، فذلك لا يعني النوم على حرير.

ويقول ان البيئة في باب التبانة تغيرت كثيرا وأصبحت أكثر ايجابية مع الجيش والقوى الشرعية، لكن لا ينبغي النوم على حرير قد يؤدي في النهاية الى انتكاسة، تشبه الانتكاسة التي سجّلت فجر أمس مع دورية الجيش، علما انه يمكن ادراج ذلك في خانة الحوادث التي تحصل لكن الأمر يجب ان يكون حافزا لاتخاذ اجراءات تحسبية أكثر انتباها، لان ما حصل مع العسكريين حرام، وتعريضهم للسوء لاحقا جريمة.