مصالحات ما بعد الإنتخابات.. والتأليف الحكومي ينطلق
ركّزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على عدد من المواضع الهامة، والتي كان أبرزها الحراك السياسي بين جميع الأفرقاء السياسيين، الذي رافقه عدد من زيارات رؤساء الأحزاب لبعضهم البعض، متناسين التجاذبات الإنتخابية، ومبدين استعدادهم للملمت أوضاع البلد والتعاون في جميع الملفات، بدءًا من تشكيل الحكومة وصولاً الى مكافحة الفساد.
كما أشارت الصحف الى عزل فلسطين لمندوبة أميركا في مجلس الأمن، والتصعيد التركي «الإسرائيلي»، على خلفية مجزرة غزة أول من أمس.
بداية مع صحيفة “النهار”، التي تساءلت عن بدء المرحلة الجديدة لما بعد الانتخابات النيابية التي أُشبعت تشنجات ومزايدات وصدامات؟ وهل انطلق قطار إعادة اصلاح ما أفسده الاستحقاق الذي، بسبب قانونه التفضيلي، فرق الحلفاء، وشرع الخلاف بين أعضاء اللائحة الواحدة؟ حركة الاتصالات واللقاءات والزيارات توحي بذلك في ظل رغبة لدى الجميع بتخطي المرحلة السابقة وتجاوز المطبات التي يمكن أي تطور اقليمي مفاجئ ان يطيح كل الانجازات التي تحققت منذ التسوية الرئاسية قبل أقل من سنتين.
وأضافت الصحيفة أن الرئيس نبيه بري في بعبدا يصف لقاءه والرئيس ميشال عون بـ”الممتاز”. رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في “بيت الوسط” للقاء “ممتاز” والرئيس سعد الحريري. مساع لاعادة ترميم العلاقة بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، والأخير سارع الى اعادة التواصل مع “تيار المردة”. ويجهد الرئيس بري لتوفير شبه اجماع على هيئة مكتب المجلس يكون منطلقا للتوافق على الحكومة المقبلة. فيما يشجع “حزب الله” التوافق السريع على الحكومة لضمان استقرار البلد في الظروف الاقليمية المتفجرة.
وتابعت الصحيفة، اذا كان الرئيس بري وصف لقاء بعبدا بأنه “أكثر من ممتاز”، فإنه أعلن أن “البحث لم يتطرق إلى موضوع الأسماء بالنسبة الى رئاسة المجلس النيابي، ولا الى تفاصيل الحكومة واسماء الوزراء”، لكنه تحدث عن “تطابق في الرؤية لهذه الامور. ولمح الى قبوله بالتواصل مع الوزير جبران باسيل مقدمة للتوافق. وعلم في هذا الاطار ان الرئيسين اتفقا على الخطوط العريضة وعلى تسهيل عمليات الانتخاب والاستشارات وتالياً التأليف الحكومي. وتركا التفاصيل التقنية لممثلين لهما يستبقان جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه وهيئة مكتب المجلس التي ستعقد الأربعاء في 23 أيار، والتي سيوجّه لها رئيس السن النائب ميشال المر الدعوات يوم الاثنين المقبل عند تسلّمه مهماته لدى بدء ولاية المجلس الجديد.
أما المشهد في “بيت الوسط” فلم يكن أقل أهمية، اذ ان الحريري وجعجع لم يلتقيا منذ نحو ثمانية أشهر، كما لم يتم التواصل بينهما، ولو بالواسطة، منذ أزمة استقالة الحريري في الرياض، واتهام أوساط “المستقبل” جعجع بأنه كان “المحرض” على رئيس الوزراء في المملكة العربية السعودية. ويأتي اللقاء في ظروف جديدة داخل “تيار المستقبل” بعد انطلاق حملة “المحاسبة” فيه، وخارجه مع تحقيق حزب “القوات” فوزاً نيابياً يعتد به وارتفاع عدد كتلته من 8 الى 15 أو 16 نائباً، وقرار جعجع توسيع كتلة “الجمهورية القوية” لتضم نواب “القوات” السابقين، واليهم الوزير ميشال فرعون الذي أعلن أمس انه سيشارك في اجتماعات الكتلة. وحضر اللقاء في “بيت الوسط” مهندسا التواصل بين الفريقين الوزيران ملحم رياشي وغطاس خوري، حسب “النهار”.
من جهة أخرى، رأت الصحيفة أنه “وعلى رغم الضباب في سماء علاقة الثنائي المسيحي، واستمرار السجال بينهما أمس، فإن أوساطاً قواتية قالت لـ”المركزية” إن المصالحة المسيحية صامدة ولن تهتز، ولا عودة الى الوراء أو الى حقبة ما قبل “إعلان النيات”. قد يكون هناك توتر سياسي، ولكن لا أكثر. وأشارت الى ان معراب ستسعى الى احياء التواصل مع التيار لوضع حد للتدهور في العلاقة. وسيتواصل وزير الاعلام في مرحلة أولى مع الوزير باسيل في أول اتصال بين ا”لقوات” و”التيار” بعد الانتخابات، في لقاء سيكون هدفه جس النبض واستطلاع امكان عقد أي لقاء بين “الحكيم” ورئيس التيار، على ان يكون اللقاء تمهيداً لاجتماع على مستوى القيادة. غير ان جعجع، كما أفادت الأوساط، قد يقرر التوجه الى بعبدا للاجتماع مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل اي خطوة أخرى. أما مصادر التيار البرتقالي، فتقول انها تفضل لقاء مباشراً لرئيسه وجعجع من دون المرور بوسطاء واضاعة الوقت”.
بدورها صحيفة “الأخبار”، رأت أن أوساط كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري أجمعت أن اللقاء الذي جمعهما، في بعبدا، أمس، «كان إيجابياً جداً». فكرة اللقاء جاءت خلال اتصال جرى بين الاثنين، بمبادرة من بري، مع عودته من المصيلح إلى بيروت. كان الهدف من الاتصال تبادل التهاني بإنجاز الإنتخابات وما يليها من إجراءات. وجّه عون الدعوة إلى بري إلى مأدبة غداء في بعبدا، فسارع بري إلى تلبية الدعوة التي تم تحديدها، أمس. تجاوز الرجلان كل ما رافق الاستحقاق الرئاسي من حملات. كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قد أعلن أنه سيدخل على خط ضبط العلاقة بين حليفيه التيار الوطني الحر وحركة أمل. وبالفعل، كان طيف «السيد»، ولو بشكل غير مباشر، هو قوة الدفع التي تدفع باتجاه ليس عقد اللقاء بل تطوير العلاقة.
وأضافت “الأخبار” أن “لقاء على مدى ساعتين، تخلله غداء عمل، خرج بعده الرئيس بري للحديث ليس عن صفحة جديدة «بل صفحة متجددة، لأنه أصلاً ومنذ انتخاب فخامة الرئيس، وأنا أبدي الاستعداد للتعاون مع الرئاسة الاولى»، واصفاً الجلسة بأنها «أكثر من ممتازة» وقال: «تطرقنا إلى كل المواضيع المستقبلية، من دون الدخول في التفاصيل، كموضوع الحكومة وشكلها، إنما عمل المجلس النيابي والمشاريع التي يجب استعجالها والقطاعات التي يجب إعادة الاهتمام بها وتغييرها». وأضاف «هناك تطابق في الرؤية إلى هذه الامور، وتبقى العبرة في التنفيذ، وهو ليس على همّة فخامة الرئيس فقط، بل على همّتنا جميعاً كلبنانيين».
لسان حال عون وبري، حسب مصدر، أنهما يستعجلان التأليف «من أجل ترسيخ وحدة الموقف الوطني في مواجهة التحديات الخارجية، بالتوازي مع الاستحقاقات الداخلية المتصلة بالإصلاح ومكافحة الفساد كممر إجباري لمعالجة الوضع الاقتصادي – المالي المتدهور»، حسب الصحيفة.
وتابعت الصحيفة أنه ورداً على سؤال، قال بري للصحافيين في بعبدا «اتفقنا على أن هناك انتخاباً لرئيس المجلس ومكتب المجلس، ولم ندخل في الاسماء، إن بالنسبة إليّ أو بالنسبة إلى غيري. أنا لم أطلب ولم أتلقّ وعداً»، ونفى أن يكون البحث قد تطرق إلى موضوع الحكومة ومواصفاتها والحقائب وأسماء الوزراء.
وإذا كان يفصل في علاقته بين رئيس الجمهورية والوزير جبران باسيل، أوضح بري «أنا أقيم علاقات مع كل شرائح المجتمع، وجبران باسيل من هذه الشرائح».
ولدى سؤاله عمّا إذا كان رئيس الجمهورية سيعامله بالمثل في انتخاب رئيس المجلس، اكتفى بري بالقول «هذا حقه إذا أراد»، مشيراً الى أن ميله الى نائب رئيس المجلس «سيعبّر عنه في ورقة الاقتراع».
وعُلم أن بري أبلغ عون أن من حق كتلة لبنان القوي تسمية نائب رئيس المجلس، لأنها الكتلة الأكبر عدداً في المجلس الجديد. وشدد بري على أن الرغبة في التعجيل بالتأليف الحكومي في مواجهة الاستحقاقات الداخلية والخارجية، لا تنفي وجود عقبات يجب أن تذلل.
ونقل زوار بري عنه قوله إنه متفق وعون على تسمية الحريري لرئاسة الحكومة، علماً بأن الرجل «يريدها البارحة قبل اليوم»، وقال بري إنه بعد جلسة انتخاب رئيس المجلس وهيئة المكتب، سيبادر بروتوكولياً إلى زيارة رئيس الجمهورية برفقة هيئة المكتب الجديدة، حسب “الأخبار”.
يذكر أن الحكومة تعتبر مستقيلة حكماً بحسب المادة 69 من الدستور، وذلك مع بدء ولاية مجلس النواب (الساعة الصفر من ليل 21 ـــ 22 أيار)، أي من دون الحاجة إلى تقديم الاستقالة، وعلى الفور، يصدر عن رئاسة الجمهورية بيان (وليس مرسوماً) يدعو الحكومة إلى تصريف الأعمال، تليه الدعوة إلى استشارات تسمية رئيس الحكومة المرجّح أن تتم يوم السبت في السادس والعشرين من أيار (25 أيار العيد الوطني للتحرير)، أو الإثنين في الثامن والعشرين من أيار.
وعلمت «الأخبار» أن الاجتماع الذي بدأ قرابة التاسعة مساء، واستمر إلى ما بعد منتصف ليل الثلثاء ــــ الأربعاء، بين الرئيس الحريري وسمير جعجع في بيت الوسط، اكد فيه جعجع أن تفاهم معراب «لم ينته»، وقال «نشعر بالفرح نتيجة العلاقة الموجودة بين الحريري والعهد، وتفاهمنا مع الحريري يأتي في السياق ذاته، ومكانة الرئيس بري معروفة لدينا منذ السابق وحتى اليوم، وبالسياسة لكل حادث حديث، وأكرر أمام الجميع أننا لا نطالب بحقيبة معينة».
أما صحيفة “البناء” فقد رأت أن “الملحمة الفلسطينية بسخاء دماء شهدائها وجرحاها نجحت في التحوّل حدثاً عالمياً أوّل، وبدأت ترسم مساراتها المقبلة، ففي مجلس الأمن الدولي الذي عقد جلسة مخصّصة للأوضاع في فلسطين ومواجهات غزة والإرهاب الصهيوني وحجم الجرائم المرتكبة يوم أمس من قبل جيش الاحتلال، تحوّلت المندوبة الأميركية نيكي هايلي إلى طائر يغرّد خارج السرب، وبدا كلامها من مجاهل التاريخ، كما بدا نقل السفارة الأميركية إلى القدس الذي أريدَ له أن يكون حدثاً طاغياً لمجرد عمل باهت حجبت عنه الأضواء الدماء الفلسطينية، وتحوّلت المطالبات بتحقيق دولي محايد دعوة جامعة تشترك فيها الدول الأوروبية بوجه الممانعة الأميركية، فيما الاتجاه نحو المحكمة الجنائية الدولية فلسطينياً لاقى قبول المحكمة وإعلانها بدء التحقيق، بينما بدأت حركات الرأي العام في أوروبا تستعدّ لتحركات تضامنية فاعلة على إيقاع ما هو آتٍ من مواجهات أعلنت قيادة الحراك الفلسطيني أنّ كلّ يوم جمعة سيكون موعداً لمواصلة مسيرات العودة، وأنّ الخامس من حزيران سيكون موعداً ليوم مليونية ثانية. فيما كان الأبرز على الصعيد السياسي التصعيد في العلاقات التركية الإسرائيلية على خلفية المشهد الفلسطيني وتبادل طرد السفراء، ودعوة تركية لاجتماع طارئ لوزراء خارجية الدول الإسلامية”.
وأضافت أن “لبنان تظاهر تضامناً مع فلسطين بحشد شعبي وسياسي في منطقة قلعة الشقيف المطلة على فلسطين، واكبه موقف لرئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف بالدعوة لنصرة الانتفاضة الفلسطينية، بينما كان الإعلام الإسرائيلي منشغلاً بفك شيفرة المعادلات التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حول ليلة الصواريخ، والردع عبر الجولان”