مشروع “تجميد حلب” على مشرحة المصداقية
صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:
من المقرر أن يجري موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا خلال الأيام المقبلة محادثات مع قادة في (المجاميع المسلحة السورية في مدينة غازي عنتاب التركية تتركز خصوصا حول اقتراحه “تجميد القتال” في مدينة حلب في شمال سوريا، يتوجه بعدها إلى أنقرة للقاء معارضة الخارج، بحسب ما ذكرت المتحدثة باسمه. في وقت من المفترض أن يصل إلى دمشق مساعده عزالدين حاملا معه التفاصيل النهائية لمشروع تجميد حلب، والذي يتم تفصيله في جنيف من قبل مسؤول سويسري من أصل لبناني، ولذا يعتبر المشروع نسخة قريبة مما صارت إليه وضعية بيروت في العام 1984 حين تحولت إلى قسمين شرقية وغربية، واليوم ينظر إلى وضعية حلب من هذه الزاوية، بحيث تقسم بين شرقية وفيها المعارضة، والغربية حيث يمسك بها الجيش العربي السوري. وترى الخطة أن يتم تجميد القتال تماما في حلب والريف لمدة ستة أشهر.
الخطة على ما يبدو وافق عليها الرئيس بشار الأسد أثناء لقائه دي ميستورا في دمشق قبل فترة، إلا أنه طلب عددا من الأسئلة يجري الإجابة عليها فور عودة الجميع إلى سوريا والتي تبدأ بعودة المساعد رمزي في 13 الشهر الحالي على ان يتبعه دي ميستورا ذاته.
الواضح أن خطة المبعوث الأممي ليست من بنات أفكاره بل هي جهد مشغول يحظى بموافقة روسية ودعم أميركي ومن المفترض أن تنصاع القوى المشكلة لدعم المعارضة إلى الحالة الجديدة. إذ ليس هنالك خيار أمام تلك القوى أن تقفز فوق الحل المقترح، وستكون بالتالي مرغمة على المضي بمشروع دي مستورا، في الوقت الذي مازالت تتكالب في دعم المعارضة. ولعل زيارة مساعد وزير الخارجية الروسي بوغدانوف الى أنقره ومن لبنان مباشرة، قد يكون لها علاقة باقتراح تجميد حلب ومعرفة رأي الاتراك بذلك، وفي الوقت ذاته، اطلاع القيادة التركية على تفاصيل الاجتماع المقترح بين المعارضة السورية والنظام السوري خلال هذا الشهر في موسكو.
واضح أن مشروع دي ميستورا سيخفف من حدة الواقع السوري المر، فهل تتمكن تلك المبادرة من تحقيق غايتها الأولية وهي سحب كل الذرائع من يد المعارضة المسلحة ومموليها، خصوصا ان اجتماعات جرت على أعلى المستويات بين مساعد دي ميستورا وبعض القوى المؤثرة في حلب لإطلاعها على المشروع، بينما يقال إن هنالك من حمل هذا المشروع إلى المعنيين للإطلاع ايضا، وتقول المعلومات ان الاميركي الذي سلم الملف السوري كليا الى موسكو، يقوم في الوقت نفسه برسم واقع جديد للعرب الممولين والداعمين والضغط عليهم بغية تمرير المشروع الأممي من أجل إيقاف القتال في حلب تمهيدا لأن يكون اختبارا لبقية المناطق، لكن المشكلة تظل في ان جبهة ” النصرة ” تسيطر على المياه في حلب، في حين يسيطر ” داعش” على المحطة الحرارية الكهربائية فيها.
في كل الأحوال نحن أمام ملف سوف يفتح، يعد اختبارا حقيقيا للمتدخلين في الشأن السوري ولمصداقيتهم عما إذا كانو حقا راغبين في وقف مداخلاتهم وإيجاد حل للأزمة السورية، ووضع نهاية لدموع التماسيح التي يذرفونها على ما آلت إليه الحال في سوريا وهم المتسببون الرئيسيون فيها. وهل تكون خطوة “تجميد حلب”، مقدمة تهدئة تتيح الانتقال إلى ماهو أبعد من التجميد، بل نكون أمام مشروع يلحظ تمدده إلى كل الأراضي السورية بما يكون وسيلة ناجعة لوقف القتال على كل الأراضي السورية.