مسقط تسقط في مستنقع التطبيع
موقع إنباء الإخباري ـ
فاطمة موسى:
اجتاحت حمّى التطبيع الإسرئيلية المنطقة العربية ووصلت شظاياها الى مسقط. ففي خطوة مفاجئة حلّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضيفًا لدى السلطان قابوس بن سعيد على رأس وفد جمع رئيس الموساد يوسي كوهين ورئيس هيئة الأمن القومي مائير بن شباث فضلا عن مسؤولين آخرين. يأتي ذلك بعد يوم من إعلان نتنياهو أنّ العديد من الدول المجاورة تمدّ الآن يدها إلى إسرائيل. فما هي مدلولات هذه الزيارة المفاجئة في هذا التوقيت الحسّاس؟
تاريخ العلاقات العُمانيّة الإسرائيليّة
بالرغم من عدم وجود تمثيل دبلوماسي رسمي بين “مسقط” وعاصمة الكيان الاسرئيلي “تل أبيب” , إلّا أنّ استقبال سلطان عُمان قابوس بن سعيد لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو أعاد إلى الواجهة محطّات من العلاقات بينها .
ففي عام 1994، أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين زيارة لعُمان والتقى السلطان قابوس.
وفي عام 1995، حضر وزير الخارجية العُماني جنازة اسحق رابين، والتقى خلفه وقتئذٍ شيمون بيريز.
وفي العام 1996، وقّعت اتفاقية بين البلدين لفتح تمثيليات اقتصادية، وتم فتح مكتبين في تل أبيب ومسقط. وأُغلقت التمثيليات الاقتصادية في كلٍّ من تل أبيب ومسقط عقب اندلاع انتفاضة الأقصى في 28 أيلول عام 2000.
وفي العام 2008, التقى العمانيّون وزيرة الخارجية الإسرائيلية وقتها، تسيبي ليفني في قطر علنًا.
وفي عام 2009 أبدت عُمان استعدادها لإعادة الاتصالات مع إسرائيل لكن بشرط تجميد البناء الاستيطاني.
وفي العام 2016، أرسلت عُمان وفدا إلى إسرائيل لحضور جنازة شيمون بيريز، ما شكّل محطّة جديدة في علاقات مسقط وتل أبيب.
أهداف الزيارة المعلنة وغير المعلنة
الهدف المعلن للزيارة كان “البحث عن السلام في الشرق الأوسط”. وهذا ما عبّر عنه نتنياهو في موقعه على تويتر أنّ “اللقاء تناول السبل لدفع عمليّة السلام في الشرق الأوسط كما تمّ خلاله بحث قضايا ذات اهتمام مشترك تتعلّق بتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة”. واللافت أنّ الإسرايليّين اعتبروا أن الزيارة جاءت بدعوة من مسقط وهذا ما أنكرته الأخيرة في أكثر من مناسبة وعلى لسان أكثر من مسؤول.
توقيت الزيارة جاء في سياق زيارات إسرائيلية عدّة الى دول خليجية كزيارات رياضيّة الى قطر والامارات، وأخرى فنيّة إلى شمال العراق، وذلك في إطار تطبيع شامل للعلاقات مع الدول العربية.
لا يمكن فصل هذه الزيارة عن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي تباهى في الامم المتحدة بانّ له علاقات واسعة مع الدول العربيّة والتي إذا ظهرت الى الملأ سيتفاجأ الجميع بحجمها. ولا يمكن أيضًا إستبعاد أن تكون الزيارة بتدبير أميركي لأنّ إدارة ترامب سعت جاهدةً إلى تقوية العلاقات بين إسرائيل والدول العربية لإنجاح “صفقة القرن”. وإذا كانت سلطنة عمان قد بررت الزيارة بأنها تقوم بدور “الوسيط” لانجاح عمليّة السلام في المنطقة ـ كما أعلنت ـ فهي لم تستفد من تجارب الآخرين, فمصر والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينيّة قد جنت ثمار الخيبة بعد نسف كلّ مبادرات السلام العربيّة من الجانب الإسرائيلي.
ردود الفعل على الزيارة
أثار استقبال رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي في مسقط في أول زيارة رسمية له إلى السلطنة ردود أفعال غاضبة من قبل مواطنين عمانيين وصفوها بأنّها أول علاقة تطبيع جريئة بين البلدين وما حدث هو جرح عميق في مبادئهم وأخلاقهم وإهانة بكل معنى الكلمة لكلّ عماني شريف.
حركة فتح نظرت إلى الزيارة على أنها تطبيق صريح لخطة نتنياهو التي من أهم بنودها فتح علاقات مع الدول العربية وإسرائيل، ثم النظر في السلام مع الفلسطينيين، مطالبة بردّ شعبي عربي على ما يجري من تطبيع مجاني مع عدوّ لا يحترم الحقوق الفلسطينية والعربية.
أمّا بالنسبة الى موقف إيران من الزيارة, ففقد انتقد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي سلطنة عمان قائلًا “من وجهة نظرنا لا ينبغي للدول الإسلامية بالمنطقة أن تفسح للكيان الصهيوني الغاصب وبضغط من البيت الأبيض بالتحرّك لإثارة فتن ومشاكل جديدة في المنطقة”.
إنّ العلاقات الدبلوماسية بين الدول العربية بما فيها عُمان، مع إسرائيل لم تنقطع، رغم أن ذلك لم يكن بشكل علني. وما زيارة نتنياهو إلى مسقط إلا خير دليل على ذلك، فهي ليست بداية مرحلة جديدة بقدر ما هي العودة إلى العلنية في العلاقات كما كانت عليه قبل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية. بمعنى آخر فإنّ مسقط سقطت في فخّ العلنيّة في التطبيع.