مستشارة وزير الخارجية اللبناني لشؤون النازحين: يمكن لروسيا القيام بدور مهم في تأمين عودة السوريين

[ad_1]

اعتبرت مستشارة وزير الخارجية اللبناني لشؤون النازحين، الدكتورة علا بطرس، أن لروسيا دورا مهما يمكن أن تقوم به في تأمين عودة النازحين السوريين المقيمين في لبنان، بالنظر إلى كونها لاعبا أساسيا في سوريا من خلال مساهمتها في إعادة الأمن والاستقرار والنهوض بهذا البلد.

وفي حديث إلى لوكالة “سبوتنيك”، قالت بطرس، وهي أيضا منسقة لجنة النازحين في “التيار الوطني الحر”، إن العودة الآمنة للنازحين السوريين ستكون بندا أساسيا في البيان الوزاري المرتقب للحكومة اللبنانية قيد التشكيل حاليا، مشددة على أن ذلك يشكل مدخلا لإزالة الكثير من المعوقات السياسية الداخلية، التي تحول دون الإسراع في العودة، بعدما بات اللجوء السوري عنصرا ضاغطا على لبنان اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.
وفي الآتي نص الحوار:
سبوتنيك: شهد لبنان، خلال الفترة الماضية، حالات عودة طوعية للنازحين السوريين؟ إلى أي مدى تؤشر هذه الخطوات إلى متنفس لحل هذه الأزمة الخطيرة؟

بعد سبع سنوات من الأزمة السورية، وجد النازحون السوريون في لبنان أن الظروف في سوريا في طور التحسن، ما دفعهم الى اتخاذ قرار العودة الطوعية، لا سيما ان واقع لبنان الدستوري لا يسمح بالتوطين، كما ان الظروف الاقتصادية والاجتماعية غير ملائمة لحياة كريمة، إذ أن 76 في المئة منهم يعيشون تحت خط الفقر، فضلا عن أن المساعدات الانسانية التي تقدمها المنظمات الدولية ليست بالحل المستدام، حيث يتقاضى الفرد 27 دولارا فقط. ومما لا شك فيه أن عودة نازحي بيت جن الناجحة (في نيسان/ابريل الماضي)، ساهمت في تحفيز نازحي عرسال. ووفق الإحصاءات فقد عبر أكثر من 96 في المئة من النازحين عن رغبتهم في العودة، وهذا مؤشر إلى بداية واعدة.

سبوتنيك: ما المعوقات التي ما زالت تحول دون إتمام عمليات العودة الطوعية؟

المعوقات التي ما زالت تحول دون إتمام العودة الآمنة (وهو المصطلح الرسمي للحكومة اللبنانية) تتمثل في العامل السياسي، بغياب الموقف الرسمي الموحد في اتخاذ القرار ببدء العودة المتدرجة، ولكن هذا الأمر لن يبقى على هذه الحال مع الحكومة الجديدة المرتقبة، إذ سيكون بندا في البيان الوزاري، لكونه أولوية الأولويات، وفق ما أعلن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وبخاصة أنه بند اساسي في خطاب القسم لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بالاضافة الى موقف المجتمع الدولي غير المشجّع للعودة، لكونه يربطها بالحل السياسي للأزمة السورية وهو ما يرفضه لبنان، الذي يؤكد على العودة الآمنة والكريمة، والتي يجب أن تبدأ فورا، لأن التداعيات الاقتصادية والمالية والأمنية والبيئية والاجتماعية كبيرة، ولا قدرة له على تحملها. لذلك فإن على المجتمع الدولي تفهم واقع لبنان القانوني كبلد عبور وهجرة وليس بلد لجوء، باعتباره لم يوقع لا على اتفاقية اللاجئين للعام 1951، ولا على بروتوكول العام 1967 ذي الصلة، والعمل على تسهيل العودة مع ضخ المساعدات للنازحين في سوريا، وهذا ما عبر عنه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في كافة المؤتمرات الدولية كحل مستدام للأزمة.

سبوتنيك: غالبا ما يتم التمييز بين “النزوح الانساني” و”النزوح الاقتصادي”… هل لديكم أية تقديرات بشأن نسبة توزع النازحين السوريين بين هاتين الفئتين؟ وكيف يمكن التعامل مع كلا الحالتين؟

النزوح الانساني هو الذي ينطبق عليه توصيف اللجوء استنادا إلى تعريف اللاجىء في المادة الأولى من اتفاقية اللاجئين للعام 1951، أي كل “من وجد بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه او جنسيته أو إنتمائه الى فئة اجتماعية معينة بسبب آرائه السياسية، خارج البلاد التي يحمل جنسيتها” أي أن حياته عرضة للخطر، ولذلك يلجأ الى دولة أخرى طلبا للحماية. أما النزوح الاقتصادي فينطبق على من يترك مكانه الأصلي قاصداً مكان آخر للمنفعة الاقتصادية.

في الحالة اللبنانية، النسبة الأكبر من النازحين السوريين هم نازحون اقتصاديون أتوا من مناطق حدودية قريبة من تركيا والعراق والأردن، قاطعين مسافة 500 كيلومتر، وهذا يعني ان العامل الأمني لم يكن دافعاً للنزوح، والدليل على ذلك أنهم شكلوا كتلة عاملة تضم قرابة 384 ألفا، تعمل في البلاد بشكل غير شرعي، وبخلاف القانون، وذلك في القطاعات التنافسية مع اللبنانيين، ما أدى الى ارتفاع البطالة في لبنان من 11 في المئة في العام 2011، إلى 35 في المئة في العام 2018. وبحسب إحصاء أجرته وزارة الشؤون الاجتماعية السابقة في العام 2015، تبين ان 400 ألف من أصل مليون نازح مسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هم نازحون اقتصاديين.

أما بالنسبة إلى التعامل مع هاتين الحالتين، فإن إقرار خطة الوزير جبران باسيل واقتراحه الرامي الى تقسيم النازحين إلى فئات يسهل تحديد النزوح الإنساني من النزوح الاقتصادي، وهذا ما يؤمن جدولة العودة المتدرجة، وعلى مراحل، إذ يكفي تطبيق القانون اللبناني على النازحين الاقتصاديين، وسحب بطاقات النزوح عن غير مستحقيها والمتنقلين بحرية بين البلدين.

أما بالنسبة إلى النزوح الإنساني، فقد وقع لبنان عبر الأمن العام، في العام 2003، مذكرة تفاهم مع المكتب الإقليمي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقضي بأن يكون لبنان بلد عبور بحيث يستحصل النازح من الأمن العام على بطاقة “إثبات وجود” لمدة سنة على أن تؤمن له المفوضية دولة ثالثة.
سبوتنيك: يتردد أن الجانب السوري يسعى دائما إلى ربط عودة النازحين بالتفاوض المباشر، مع ما يشوب ذلك من حساسيات لدى الجانب اللبناني، كيف يمكن تجاوز هذه العقبة؟
العلاقات الدبلوماسية قائمة بين لبنان وسوريا، وحصل تعاون في بداية العام 2018 في ما يتعلق بتسجيل الولادات، وكذلك عبر الأمن العام، وهو جهاز تابع لوزارة الداخلية في ما يرتبط بتأمين العودة الطوعية للنازحين، وبالتالي فإن التعاون قائم، ولكن ليس على المستوى الحكومي بشكل مباشر، وهذا ما يجب التفاهم بشأنه في الحكومة الجديدة عند إقرار بند العودة الآمنة والكريمة لتحقيق المصلحة اللبنانية.

سبوتنيك: هل تتفقون مع وجهة النظر القائلة بأنّ الحكومة السورية لا تريد في الوقت الراهن عودة النازحين؟

الحكومة السورية عبرت عن رغبتها في عودة النازحين السوريين إلى ديارهم، ولذلك نأمل في أن يتم تفعيل العودة في أسرع وقت لما في ذلك من مصلحة مشتركة للبلدين في الأمن والاستقرار.

سبوتنيك: هل تراهنون على دورٍ روسي في إيجاد حل لهذه الأزمة؟

لروسيا دور مهم يمكن أن تقوم به في عملية عودة النازحين، والرئيس عون عبر خلال لقاءاته بالمسؤولين الروس عن التفهم الروسي للموقف اللبناني ودعمه. روسيا لاعب أساسي في سوريا من خلال المساهمة في إعادة الأمن والاستقرار والنهوض بهذا البلد نحو مرحلة جديدة من الإعمار والمصالحات وعودة النازحين بكرامة إلى وطنهم، وهي عضو فاعل في مجلس الأمن الدولي الذي أصدر القرار 2254 القاضي بالعودة الآمنة، وهي من الدول الضامنة لاتفاق آستانا كذلك.

سبوتنيك: ثمة مخاوف عديدة يطرحها الجانب اللبناني في ما يتعلق بسعي المجتمع الدولي لحل أزمة اللاجئين على حساب لبنان؟ ما هي زوايا تلك المخاوف؟ وهل يمكن للبنان أن يصمد في حال وجود توجه دولي من هذا القبيل؟

المخاوف اللبنانية تجاه سياسات المجتمع الدولي مبنية على معطيات حسية بسعي الأخير ‘لى التوطين من خلال ما ورد في تقرير الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون عام 2016، الذي اعتبر أن الحل ينبغي أن يقوم على الاندماج، وصولا إلى التجنس؛ وكذلك ما خرج عن مؤتمر بروكسل في نيسان العام 2018، والبيان المشترك الذي صدر في حينه عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، والذي تضمّن مفاهيم ومصطلحات جديدة غير متفق عليها مع الجانب اللبناني، وهي تنسف روحية الدستور اللبناني من خلال العمل على اندماج النازحين، لكونها تشكل جزءا من روحية اتفاقية اللاجئين للعام 1951، وهي العودة الطوعية وخيار البقاء وحق السكن والعمل والإقامة القانونية، لذلك أصدرت رئاسة الجمهورية بيانا أكدت فيه عدم تبنيها لما جاء في مؤتمر بروكسل، وكذلك فعلت الرئاسة الثانية، مع دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكذلك الحكومة عند انعقادها لأن هذا الامر ينسف وجود لبنان بالكامل.

لبنان قادر على الصمود تجاه سلوك المجتمع الدولي الرامي إلى ربط العودة بالحل السياسي أو من خلال المعايير التي يعتمدها والقاضية بالتوطين والتجنس. وموقف لبنان واضح في هذا الصدد، وأبرز دليل على ذلك، كان الإجراء الذي اتخذه الوزير باسيل بحق مفوضية شؤون اللاجئين، بعدما خرقت دورها الإنساني نحو دور سيادي مرتبط بمصلحة الدولة، ما دفعها إلى تعديل في سياستها بانتظار خطوات عملية لتحقيق العودة الآمنة.
سبوتنيك: تحدث الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، قبل أيام عن إمكانية القيام بدور الوسيط بين لبنان وسوريا في ما يتعلق بأزمة النزوح، وأشار إلى تشكيل لجنة خاصة لهذا الملف. إلى أي مدى يمكن لخطوة كهذه أن تساعد في حل المشكلة؟
هناك تقارب بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” حول أهمية العودة الآمنة، وهذا نتيجة الاتفاق الذي حصل بين الوزير جبران باسيل والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عقب الانتخابات النيابية.

في “التيار الوطني الحر”، لدينا لجنة خاصة بهذا الملف برئاسة الوزير جبران باسيل، والتيار كان سباقا في وضع مقاربة علمية للعودة، تؤمن المصلحة اللبنانية من خلال ما يعرف بورقة “سياسة النزوح”، أما الأحزاب الأخرى، وإن كانت تتحسس حجم تداعيات النزوح، إلا أنها لم تقم بأي شيء جدي حتى الآن.

إعلان “حزب الله” عن خطوات عملية هو أمر إيجابي، لأن هذا الملف مرتبط بالمصلحة اللبنانية، ولا يعني فقط “التيار الوطني الحر”، وإن كان الرافعة له، لذلك فإن المهم هو إقرار العودة الآمنة كبند في البيان الوزاري، خاصة وأن الطرح الذي تقدم به الوزير باسيل بتقسيم النازحين الى فئات هو طرح عملي وافقت المفوضية عليه، وهو يندرج في إطار وضع معايير للعودة المتدرجة، وعلى مراحل، ما يؤمن الحل المستدام بشكل نهائي للعودة.

سبوتنيك: شهدت العلاقات بين لبنان والمفوضية العليا للاجئين توترا في الآونة الأخيرة، ثم حدثت انفراجة من خلال الرسالة الجوابية التي أرسلتها المفوضية الأممية لوزارة الخارجية… هل تم تجاوز هذه الأزمة؟ وهل لمستم توجها من قبل المفوضية للاستجابة للمطالب اللبنانية؟

وضعت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين الأولويات الرئيسة للعام 2018، ومفادها “منع العودة المبكرة”، مؤكدة على “العودة الفردية والتلقائية”، ولذلك عندما بدأت مجموعات من بيت جن (قرابة ٥٠٠ شخص) في التعبير عن الرغبة في العودة الطوعية، قامت المفوضية بإخافتهم، ما دفع وزارة الخارجية اللبنانية الى التحرك باستدعاء ممثلة مكتب المفوضية في بيروت ميراي جيرار، وإصدار بيان يحذر المفوضية من الاستمرار في هذا الأسلوب الذي يمس بحقوق النازحين الراغبين بالعودة طوعا وبالسيادة اللبنانية كذلك. إلا أن المفوضية لم تأخذ التحذير اللبناني بجدية، وأعادت الكرة مع نازحي عرسال، ما دفع وزارة الخارجية إلى إرسال بعثة مشتركة مع الأمن العام للتحقق. وقد ثبت للبعثة أن دور المفوضية سلبي في تخويف النازحين لثنيهم عن العودة ما يعني البقاء الطويل الأمد، خاصة أن الخوف له طابع قانوني يوفر الحماية للاجئ استنادا الى المادة الأولى من اتفاقية العام 1951، التي تشير إلى “كل ما لا يستطيع او لا يرغب بفعل الخوف من العودة”.

وكانت الأسئلة موجهة الى النازحين عن دور الدولة اللبنانية في دفعهم الى العودة، ولو كان جواب النازحين بـ”نعم” لكانت اتهمت الدولة اللبنانية بمخالفة للقانون الدولي، وبعد جواب النازحين بالنفي بدأت الأسئلة الاخرى تتوالى، ومن بينها احتمال فقدان الممتلكات والخدمة الالزامية وعدم الحصول على المساعدات من الأمم المتحدة.

لذلك اتخذ الوزير باسيل هذا الإجراء (تعليق طلبات الإقامة لموظفي المفوضية الأممية) لوضع حد للمفوضية، مع مطالبتها بوضع مقترحات عملية للعودة الآمنة والكريمة خلال مهلة أسبوعين، وقبل انقضاء المدة المحددة، أرسلت المفوضية كتابا جوابيا يؤكد الموافقة على اقتراح الوزير باسيل بتقسيم النازحين إلى فئات، وتسليم الوزارة “داتا المعلومات”، والأهم من ذلك تعهدها بأنها لن تعيق العودة الطوعية “أفرادا وجماعات” ، وهذا أمر جديد ينتظر الخطوات العملية للعودة.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.