مذكرات مقاتل في الطريق الى معركة المليحة
في الطريق الى دمشق: بين نقطتي المصنع ومفترق السيدة زينب عبر طريق المطار عليك المرور أولا بالعديد من الحواجز التي تقيمها القوى الأمنية والعسكرية السورية. تمر مر السحاب عبر الخط العسكري، حين يتعرف الجنود على عناصر المقاومة الذاهبة لدعم الجيش السوري وللمشاركة في معركة يعتبرها كل منهم طريقة للتعبير عن وفاء للشعب السوري بالدفاع عنه ضد الإرهابيين.
على الطريق الى السيدة زينب لا بد وان تمر بحاجز عند مفترق بلدة المليحة. البعض يريد المشاركة في القتال فورا، والبعض الآخر يرغب بالصلاة أولا في المسجد الملحق به مقام السيدة التي قاتلت بالكلمة أعتى اباطرة ذلك الزمن. لكن صوت المسئول المشرف على المجموعة يحسم الامر، سنصلي ونزور ثم تتوزعون حيث الحاجة.
يدب الفرح في قلوب الجميع حين يدخلون الى المقام، الذي هدده الارهابيون بالتدمير والذي لا يزال قائما رغم بعض الاضرار التي تسببت بها القذائف التي أطلقها المسلحون قبل انكفائهم. يرى البعض في الاعلام ان المقام جمع حوله شيعة من كل العالم للدفاع عنه لكن الملفت ان هذا الامر ليس صحيحا فقط عند الشيعة بل ان اغلب القوات التي تقاتل مع تشكيلات الجيش السوري هي من اهل الرقة ودير الزور وحماة وريف حلب وادلب وريف درعا ودرعا وارياف حمص، هؤلاء اشد وبالا على الإرهابيين من شيعة العراق او لبنان القادمين للمساهمة في معركة الدفاع عن اهل السنة والجماعة في سورية الذين حموا السلطات التي تاريخها يشهد لها انها حمت المقاومة بما تستطيع وحمت المقاومين خاصة حماس والجهاد وحزب الله وأول الوفاء ان نرد جميل الشعب السوري وخاصة اهل السنة منهم بالدفاع معهم عن عقيدتهم الإسلامية في وجه التتار الوهابيين الراغبين في تحويل المسلمين جميعا والسوريين جميعا الى رعايا لأمراء الفكر الشيطاني المعتمد على التكفير الظلامي ضد السنة أولا وبعدهم ضد باقي الأديان والطوائف.
هذا هو الفهم الذي على أساسه جاء ” منير ” من اقصى الجنوب في صور ليقاتل في المليحة. الشاب الثلاثين الذي قاتل في حرب تموز واستشهد ابوه في مقاومة الاحتلال عام ١٩٨٣ لا يرى معركته في المليحة مختلفة عن معركة ابوه ضد الصهاينة ولا عن المعركة التي جرح فيها في معارك ٢٠٠٦.
” الهدف نفسه لكن الأداة مختلفة، هنا الحرب أصعب لأنها تجري عبر متاريس تستخدمها دول عميلة او مساندة لإسرائيل ولو كانت المعركة مع العدو مباشرة لكانت أسهل لكن لا بد من هزيمة الإرهاب لاستعادة المضللين الى حضن سورية المقاومة حتى يهزم جمعنا جمع الإسرائيلي” يتابع منير وعينه على عيني كاتب هذه السطور: إياك ان تذكر بعضا مما أقوله سهوا ويضر بالمقاومة…يقهقه …بتروحلنا الاجر. ” الكل هنا قادم من اجل الأجر والثواب، لا من اجل حماية مقام فقط بل سورية كلها مقام مقدس كما زينب بالنسبة لنا في المقاومة” سورية وشعبها الذي وقف معنا في حرب الإسرائيليين علينا حين تخلى عنا العالم لا بل حارب عرب ولبنانيون مع إسرائيل ضدنا كيف نتخلى عنها في محنتها؟ هي حربنا على ما يحارب الشعب السوري لا حرب ضد الشعب كما يزعم الاعلام الإسرائيلي الناطق بالعربية. ويؤكد منير: ” ليس منا طائفي، نحنا عشاق القدس وفلسطين وليس لطائفتنا في فلسطين وجود وكل أهلها سنة فلماذا هي اولويتنا ان كنا طائفيين” .
يتابع منير: أول ما يدخل المقاتل الى محاور القتال المتداخلة في بساتين المليحة، ويستقر في المكان الذي يجب ان يشتبك من خلاله مع العدو او ان ينطلق منه لمشاركة اخرين في هجوم منسق ضد مواقع الإرهابيين فان أصوات أولئك تصلك بالتعابير والشتائم الطائفية.
هم يعرفون اننا هنا نشارك الجيش السوري حربه على الإرهاب، لذا يحاولون رفع الصوت بالشعارات الطائفية علهم يؤثرون على معنويات وأداء العسكريين السوريين من أهلنا السنة، لكن في الليلة التي وصلنا فيها، تركنا زميلا من مقاتلي المقاومة الإسلامية يرد عليهم اذ صرخ فيهم: أيها المشركون بعبادة الله، لا تتحدثوا باسم السنة، انا أبا بكر البيروتي مقاوم من مقاومي حزب الله ويشرفني ان اقاتلكم أيها الوهابيون القاتلين للسنة من مكة والطائف وعسير الى العراق والشام طوال تاريخكم، فمن كان مثلكم حري به ان يزعم انه سني ليخفي حقيقته البشعة بحقيقة اهل السنة الناصعة. لكن خسئتم ستهزمون ستهزمون.
والمضحك (يتابع منير): يصرخون بنا وهم سعوديون وشيشان وافغان ولبنانيون ارهابيون وعراقيون ارهابيون يصرخون بنا ” ليش تجون سورية تقاتلون روح بلدكم قاتلوا إسرائيل “!!! فنرد عبر بضعنا: انت سعودي شو جايي تعمل في سورية ولماذا لا تقاتل الإسرائيلي في فلسطين المحتلة بدلا من تخريبك وتدميرك لسورية؟ أحيانا (يتابع منير) تصل المسافة بيننا وبين مقاتلي الإرهاب بضعة أمتار ونراهم ويرونا فنطلق النار على بعضنا عن قرب، ولكنهم مشتتون يبحثون عن موت سهل ظنا بانه الخلاص من حصار يعرفون ان لا مخرج منه الا حتفهم او الاستسلام. الغوطة بحكم المحررة، لكن بين دفع ثمن اخراج الإرهابيين بالدم وبين الصبر والتقطيع والتجزئة والاطباق ولو مع وقت أطول اختارت القيادات العسكرية القضم اليومي. وهو كما قال أبا بكر اخونا المقاوم …في المليحة وفي كل سورية سيهزمون، سيهزمون.
ملاحظات على هامش اللقاء مع المقاوم لا يمكن بأي شكل من الاشكال اقناع المقاتلين اللبنانيين في سورية بالحديث عن تفاصيل المعارك التي يخوضونها، هم أكثر الناس التزاما بعدم إطلاق العنتريات، وعملهم اثبت نجاحه بفضل تكتم شامل يلف رأس كل فرد من عناصرهم، لكن ان اقسمت على أحدهم في قلب مقام السيدة زينب عليها السلام في ريف دمشق إلا ان يروي للناس بعضا مما لا غرور فيه ولا كشفا للمعلومات فانه قد يعطيك ما لا يروي ظمأ العطاشى للتفاصيل لكنه ما يقوله كاف لرسم صورة الشخصية المقاومة التي تقاتل في سورية دفاعا عن شعبها ووفاء له.
وكالة أنباء آسيا