«متفائلون بتفاهم نووي .. ولا بديل من تسوية سياسية في سوريا»…. عبد اللهيان لـ«السفير»: الأفراد لا يفسدون وُدّنا مع السعودية
صحيفة السفير اللبنانية ـ
حسين ايوب :
برغم الجريمة الارهابية التي تعرضت لها السفارة الايرانية في بيروت، يوم الثلاثاء الماضي، وانشغال الطاقم الديبلوماسي بتقبل التعازي، طيلة اليومين الماضيين، فإن الضحكة لا تفارق محيا معاون وزير الخارجية الإيراني الدكتور حسين أمير عبد اللهيان، المتخصص في الشؤون العربية والعارف بملفات وخفايا دولية كثيرة.
وبرغم ضيق وقته، فلقد كان برنامج عبد اللهيان الاستثنائي، حافلا بلقاءات رسمية وسياسية واعلامية وأخرى خص بها الجالية الايرانية في بيروت. كان موكبه يتنقل في شوارع العاصمة والضاحية الجنوبية، وفق اجراءات اعتيادية، في رسالة واضحة أراد الايرانيون توجيهها لأصحاب رسالة التفجير الانتحارية ضد سفارتهم في بيروت: «نحن لدينا تجربة تاريخية مع هذا النوع من الأعمال الارهابية منذ اليوم الأول لانتصار الثورة قبل 34 عاما، لكن مثل هذه الأعمال الجبانة والدنيئة ستزيد عزيمتنا وسنبقى ننظر الى الأمام، ولسان حالنا أن الارهاب واحد.. وأمن لبنان من أمن ايران وكل دول المنطقة، ولذلك علينا أن نتكاتف جميعا في مواجهة ظاهرة الارهاب والتكفير ونحن على قناعة أن الكيان الصهيوني هو المسؤول عن هذه الجريمة ولو استخدم بعض الأدوات التكفيرية».
في بداية حواره مع «السفير»، استشهد عبد اللهيان بقول المناضل الرئيس نلسون مانديلا «نسامح لكن لا ننسى»، وقال «نحن ندرك كيف تعاملت قلة من دول المنطقة مع موضوع تشديد العقوبات الدولية ضد ايران في المرحلة السابقة، وفي الوقت نفسه، نقدر لبعض هذه الدول، أنها رفضت التماشي مع الضغوط الأميركية».
وأضاف: «أي تفاهم نووي بيننا وبين مجموعة خمسة +1، لا ينبغي أن يقلق الآخرين وعلى بعض الأصدقاء والجيران في المنطقة أن يعيدوا النظر في مسلكهم ازاء ايران»، وقال: «ايران والسعودية بلدان متجاوران ومهمان في المنطقة وهما يتمتعان بإمكانات وطاقات كبيرة جدا لو قاما بتسخيرها في خدمة شعوب المنطقة، فان المردود سيكون ايجابيا وكبيرا جدا».
وتابع: «نحن نعرف أن الملك عبدالله بن عبد العزيز لديه نظرة ايجابية وعادلة ومتوازنة ازاء ايران والمنطقة بأسرها، لكن بعض الأفراد يبدون وجهات نظر أو يقومون بخطوات سلبية يمكن أن ترتد سلبا على شعوب المنطقة ولكنها لا تفسد ودا بين الدول. المهم أن القيادة السعودية تتمتع بوجهة نظر ايجابية ونحن نعتقد أن هناك آفاقا رحبة للتعاون بين بلدينا في مجالات كثيرة».
وردا على سؤال، قال عبد اللهيان ان الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني بعث منذ اليوم الأول لانتخابه برسائل ودية الى السعودية «وقناعتنا الراسخة ألا مشكلة جدية بيننا وبين السعودية في ما يخص الملفات الثنائية»، وأضاف: «هناك تباين أو سوء فهم في مقاربة ملفات اقليمية معينة، غير أن الآلية الصالحة لمقاربة هذه التباينات تكون بالحوار.. أما الظاهرة التكفيرية فانها ترتد سلبا على كل شعوب المنطقة ولذلك هناك مسؤولية مشتركة في مواجهتها».
وجدد تأكيد الرئيس روحاني على المضي في الاتجاه الايجابي مع السعودية، وقال «هناك ارادة مماثلة عند الملك عبدالله.. ولذلك ينبغي تسليط الضوء على الأفراد الذين يضمرون شرا بالعلاقات بين البلدين ومصالحهما المشتركة».
وحول امكان قيام روحاني بزيارة السعودية، قال عبد اللهيان ان روحاني ومع بداية تسلمه زمام الرئاسة، قال ان أحد أبرز أولوياته في المرحلة المقبلة، هو الانفتاح على دول الجوار، ومنها السعودية، «أما مسألة الزيارات الرئاسية الى مختلف البلدان، ومنها السعودية، فهي أمر طبيعي في جدول أعمال الرئاسة الايرانية».
عبد اللهيان الذي بدا مرتاحا جدا للقاء المطول الذي جمعه ليل الأربعاء ـ الخميس بالأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله بحضور السفير الايراني غضنفر ركن أبادي، جدد دعم ايران لكل حلفائها في المنطقة، وبينهم المقاومة في لبنان، وشدد على أولوية الوحدة الاسلامية، وقال أن معيار الموقف الايراني هو الانحياز لكل من يقاتل الكيان الصهيوني، بمعزل عن هويته المذهبية.
وأكد أنه اذا كان البعض يعتقد أن التفاهم النووي يمكن أن يخفف من حماسة ايران ودعمها للمقاومة، «فاننا نطمئنهم أن بعض المسائل هي خط أحمر بالنسبة لنا».
وشدد معاون وزير الخارجية الايراني على حصرية التفاوض مع مجموعة «خمسة + واحد» في المجال النووي فقط، وقال ان لهذه المفاوضات الجارية حاليا في جنيف خصوصيات عدة أبرزها:
أولا، لسنا في وارد التنازل ابدا عن حقوقنا المشروعة في الملف النووي.
ثانيا، تتمتع المفاوضات بالمرونة الموازية لحقوقنا المشروعة.
ثالثا، لسنا في وارد التنازل ازاء الطلبات المتزايدة من الطرف الآخر.
رابعا، لن نسمح للكيان الصهيوني الغاصب وغير الشرعي بأن يحدث خللا في مسار المفاوضات النووية التي نجريها مع الآخرين.
خامسا، لا نستهدف أحدا من الأطراف، خاصة بعض دول المنطقة التي اعتراها القلق غير المبرر من احتمال التوصل الى تفاهم في الملف النووي.
وشدد عبد اللهيان على أن ايران ليست أبدا في وارد اتخاذ أي قرار يخص جيرانها بمعزل عنهم، «فنحن كلنا أهل المنطقة وادرى بمصالحها المترابطة، ولطالما رددنا وما زلنا أن كل الدول العربية والاسلامية التي هي في صلب نسيج المنطقة، عليها أن تقرر وحدها مستقبل هذه المنطقة».
ونفى أن يكون هناك أي ملف مطروح للتفاوض على طاولة جنيف الايرانية ـ الدولية، باستثناء الملف النووي الذي يخص ايران وحدها، وقال ان نتيجة هذه المفاوضات يمكن أن تترك أثرا على باقي ملفات المنطقة.
وردا على سؤال قال عبد اللهيان ان أي توافق في الملف النووي لن يكون موجها ضد أي طرف في المنطقة، «ونحن بعثنا بشكل متزامن رسائل ودية مطمئنة للسعوديين وأثبتنا حسن نيتنا حول وجود فرص للتعاون في كل ما يخص ملفات المنطقة وشعوبها، ونحن على ثقة أن السعوديين يدركون أن ايران لا يمكن أن تقوم بأي عمل يمكن أن يرتد سلبا على شعوب المنطقة ودولها».
واوضح أنه عندما طلبت الدول الغربية من دول اقليمية في السابق أن تتماشى معها في موضوع تشديد العقوبات ضد ايران، فان بلدا واحدا أو بلدين تماشيا الى أقصى حد، لذلك نجد هؤلاء قلقين اليوم ويريدون ربط الملف النووي بباقي الملفات في المنطقة.
وردا على سؤال قال عبد اللهيان لـ«السفير» ان ما تم التوافق عليه سابقا بين ايران ومجموعة «5+1» هو أننا اذا لم نتوصل الى المرحلة النهائية، علينا عدم افشاء ما تم التفاهم جزئيا عليه حتى الآن، «فاذا تم التوصل الى وثيقة نهائية تفصيلية في غضون 48 ساعة، يمكنني أن أتحدث عن الخطوات الأساسية التي توافقنا عليها وهي الآتية:
أولا، الاتفاق على الأهداف المشتركة، وبينها على سبيل المثال لا الحصر، حق ايران في استمرار التخصيب لأهداف سلمية.
ثانيا، في هذه المرحلة، لنتفق على مرحلة زمنية من ستة أشهر الى سنة، يمكن خلالها، على سبيل المثال أن نأخذ منكم التفاح ونعطيكم في المقابل البرتقال.
ثالثا، الاتفاق سوية على سلة من التفاصيل خلال هذه المرحلة الزمنية، بشكل يتيح للطرفين، أن يبين كل واحد منهما للآخر مدى التزامه بهذه السلة.
رابعا، أن نقول في التسوية النهائية ماذا سينتج عن الحل النهائي، وهذا من شأنه أن يقطع الطريق على اية امكانية لتفسير من جانب واحد لاي بند من بنود الاتفاق.
وشدد على أنه ليس مطلوبا توقيع وثيقة تعطي كل طرف لاحقا حق تقديم تفسير لها، لا يتفق مع تفسير الآخر.
وأوضح أن الجانب الايراني متفائل بنتيجة المفاوضات وقال: «نحن نعتقد أنه بنتيجة هذه المرحلة من المفاوضات، اذا لم تترافق مع طلبات جديدة ومتزايدة من الطرف الآخر، يمكن التوصل الى نتائج مرضية «. وأضاف: «يحدونا الأمل أن مسألة انعدام الثقة بين الطرفين تتبدل الى مرحلة من الثقة المتبادلة».
وفي الشأن السوري، قال عبد اللهيان ان ايران متمسكة بالخيار السياسي لحل الأزمة السورية، مجددا دعوة بلاده لوضع حد نهائي لتصدير الإرهاب والمسلحين والمال والسلاح الى الأرض السورية.