ماذا تريد الولایات المتحدة من لبنان؟؟
موقع الخنادق:
يتواصل الحصار الاميركي على لبنان ويتزايد يوما بعد يوم الضغط الاقتصادي المعيشي على المواطنين فيه، مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية التي تتدخل فيها الادارة الاميركية بشكل مباشر في محاولة لانتزاع الأغلبية من المقاومة وحلفائها، (السفيرة دوروثي شيا تكشف لحلفائها في جلسات مغلقة أنها مكلفة من قبل الإدارة الأميركية بإدارة الانتخابات اللبنانية)، بالإضافة الى الحضور الاميركي بملف ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة ومحاولة سلب لبنان حقوقه.
لكن ماذا تريد اميركا تحديداً من لبنان؟ وهل الهدف فقط الانتخابات النيابية؟ ام وراء الأكمة ما وراءها؟
التدخل الأميركي في لبنان أحد أهدافه تخفيف الضغوط عن اسرائيل
يتّضح في البيّن ان الاميركي يعمل على عدة محاور تهدف للتجييش ضد المقاومة، إثارة الفتن المتنقلة واصطناع الاضطرابات لإشغال المقاومة، واستخدام الموضوع المعيشي للضغط على الناس لإحداث نقمة على المقاومة وتحميلها مع الحلفاء مسؤولية الانهيار الحاصل لا سيما رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر.
إن جزءاً مما يقوم به الاميركي في لبنان ودول المنطقة يندرج في إطار رفض التسليم بانتصار محور المقاومة في مختلف الساحات من اليمن الى لبنان وغزة مروراً بسوريا والعراق وصولاً الى إيران، وذلك لمنع او إبعاد المواجهة المباشرة مع الكيان الإسرائيلي المؤقت وتخفيف الضغط عنه.
الاقتصاد سلاح الأميركي لفرض سياساته على اللبنانيين
وبالعودة الى الساحة اللبنانية، يمكن القول أن الصورة انقلبت بالنسبة للأميركي (كما هو الحال في المنطقة ككل)، فهو سابقا كان قادراً على فعل ما يريد، بينما اليوم تراجعت قدراته على الرغم من استمرار حضوره، فالأميركي فقد الكثير من عناصر قوته ونفوذه حيث ان المقاومة وحلفاءها ازدادوا قوة وتوسعاً وحضوراً شعبياً وسياسيا، وحزب الله استطاع الخروج قوياً من كل الحروب التي شنت عليه في مختلف المجالات، اليوم يجرّب الأميركي خيار الحرب الاقتصادية والضغط المعيشي لا سيما ان لديه نفوذا اقتصاديا وماليا عبر حاكم مصرف لبنان، ومنظومة المصارف، والاحتكارات القائمة منذ عشرات السنين، ومجموعة كبيرة من السياسيين الفاسدين.
فشلت الادارة الاميركية حتى الساعة من تحقيق رغباتها، خاصة انها مسؤولة تاريخياً عما جرى في لبنان، فهي دعمت الفاسدين ورعتهم ومكنت حاكم مصرف لبنان من القيام بالهندسات التي تخدمها، وراقبت الحسابات وحركة الارصدة في البنوك التي أغلقت بعضها، وراقبت الانهيار ومنعت توقفه وكل ذلك بهدف تحسين شروطها في لبنان والقول نحن هنا ولا نزال مؤثرين.
حزب الله يستمد شرعيته من أصوات ناخبيه
يأمل الأميركي ان يستطيع دفع المقاومة للتراجع وتقديم التنازلات، وهو بذلك يكون قد حقق أقصى ما يتمنى ويحلم به، لكن كل الظروف والمعطيات وموازين القوى تؤكد عدم قدرته على الوصول الى هذه النتيجة، خاصة ان حزب الله اليوم قوي وقادر، ويستمد شرعيته من قاعدة شعبية واسعة منحته أصواتها وولاءها، ولديه مشروع للنهوض وخيارات متعددة لخروج لبنان من الازمة، الأمر الذي لا يمتلكه الآخرون، وهنا لا بد من الاشارة الى ما سبق ان أعلنه رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين بأن “الضغوط الخارجية على لبنان، في حال استمرت، فإنها ستواجه باعتماد اللبنانيين على أنفسهم، من أجل بناء لبنان الجديد”، وتابع “الأميركي يريد أن يأخذنا للضغط الأقصى، وأعتقد يجب علينا أن نذهب إلى الخيار الأقصى في الاعتماد على أنفسنا لبناء وطننا، عندها، منكنّس الأميركي وأزلامهم في لبنان…”.
استقلال القرار اللبناني بعيداً عن سطوة الاميركيين هو المفتاح للخروج من الازمة
والثابت ان المقاومة إذا وعدت وفت، وقد بدأت ورشة العمل بوضع الخطط لإقامة المشاريع الصناعية والزراعية للانتقال الى الاقتصاد المنتج في الوقت المناسب، وهذه اللحظة تتعلق بأن يكون القرار اللبناني مستقلاً وسيادياً غير تابع للأميركي، فالوصول لهذا الطرح الهام يرتبط بتحرير القرار السياسي قبل الانتقال الى مرحلة بناء الدولة الحديثة المتطورة المنتجة، لان بقاء الارتهان للأميركي والسعودي سيعيق تحقيق مثل هذه التصورات التي تشكل نقلة نوعية حقيقية في صورة لبنان، فاستقلالية القرار شرط أساسي وحجر زاوية في هذ الاطار، أما بقية الامور تصبح تفصيلية سواء ما يتعلق بمعالجة قطاعات الطاقة والكهرباء والمياه والمحروقات وغيرها او بتأمين الاموال اللازمة لذلك.
طائرة “حسان” هي رد على الأميركي وضغوطه والإسرائيلي وتهديده
ولتأكيد فشل الادارة الاميركية بتحقيق أهدافها وتخفيف الضغط عن الاسرائيلي وجعل الكيان المؤقت بمنأى عن الخطر، جاء إرسال المقاومة الاسلامية للطائرة المسيّرة “حسان” لإبلاغ الاميركي والاسرائيلي انه رغم كل شيء إن المقاومة حاضرة وجاهزة لمواجهة العدو الإسرائيلي، ولا يوجد أي شيء يمنعها من تنفيذ ما تريده، وفي هذه اللحظة الدقيقة قامت المقاومة بإظهار بعض قدراتها، كما أجرت اختبارات للقدرات العسكرية والأمنية الاسرائيلية.
جعجع ورقة بيد الأميركيين سيتخلون عندها في اللحظة المناسبة
يبقى ان الانتخابات المقبلة هي محطة سيحاول الأميركي استغلالها للتجييش ضد المقاومة ولو اضطر الى استخدام بعض الجهات الداخلية والتضحية بها عندما تتطلب مصالحه ذلك، ولذلك لا يوجد أي مانع من استخدام رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع بفتن داخلية وتركه لمصيره عند اللحظة المناسبة، كما حصل مؤخراً عندما تم الاستغناء عن سعد الحريري، والاميركي تاريخياً فعلها وتخلى عن أداوت له في المنطقة كصدام حسين وحسني مبارك وزين العابدين بن علي و الرئيس الافغاني والاكراد وغيرهم، كما ان الاميركي يركب الموجة ساعة يشاء، ويحاول استثمار جمعيات “المجتمع المدني” و”الحراك” وما يسمى “ثورات”، فإذا نجحت يتبناها، واذا فشلت يبيعها ويستثمر فيها، ويذهب لتقديم طروحات بديلة، كترويجه مؤخرا للذهاب الى “مؤتمر دولي” لتدويل الازمة اللبنانية ونزع سلاح المقاومة، وكل ذلك بهدف إراحة الكيان الإسرائيلي المؤقت قدر الامكان.