ماجد الماجد: «أمير النصرة» في لبنان!
هي المرة الأولى التي يُذكر فيها اسم الزعيم السابق لـ«كتائب عبدالله عزام» ماجد الماجد مسبوقاً بلقب «أمير جبهة النصرة في لبنان»، وذلك بعد تسريب تسجيل صوتي أرسله الماجد إلى زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري يبدي فيه رأيه حول موضوع الخلاف بين زعيم «جبهة النصرة» أبي محمد الجولاني وزعيم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) أبي بكر البغدادي، يحذره فيه من مغبة الإعلان عن «الدولة الإسلامية» وعواقب هذا الإعلان على الساحة «الجهادية» في الشام.
وذكرت مؤسسة «النخبة للإعلام الجهادي»، التي سُرِّب التسجيل عن طريقها، أن الماجد أرسل هذا التسجيل الصوتي إلى الظواهري بعد أيام قليلة من نشوب الخلاف بين الجولاني والبغدادي في العاشر من نيسان الماضي، أي يكون التسجيل قد أرسل منتصف نيسان الماضي على أقرب تقدير، وهذا له مدلولات مهمة.
ومن أبرز هذه المدلولات أن الماجد يكون بذلك من أولى القيادات التي تدخلت في الخلاف، حاسماً أمره في الوقوف إلى جانب «النصرة» ورافضاً إعلان قيام «الدولة الاسلامية في العراق والشام» من قبل البغدادي. وهذا الموقف المتقدم من الماجد يعطي مؤشراً مهماً على طبيعة العلاقة الوطيدة التي قامت بين تنظيمه و«النصرة» خلال الفترة الماضية، على عكس علاقته مع «داعش» التي يفترض أن تكون قد تراجعت كثيراً، إن لم تكن قد توقفت بشكل نهائي. وهذا يتطلب إعادة النظر في السيناريوهات التي تداولها العديد من التقارير الإعلامية حول السيارات المفخخة التي انفجرت في عدة مناطق لبنانية والأطراف المتورطة فيها، حيث بنيت هذه السيناريوهات على فرضية تعاون وتنسيق بين «كتائب عبدالله عزام» وبين كلّ من «النصرة» و«داعش»، وخصوصاً «أمير داعش في القلمون» أبو عبدالله العراقي، ذلك لأن مثل هذا التعاون لا يمكن تصوره، خصوصاً بعد انكشاف حقيقة موقف الماجد من الخلاف وتأييده للجولاني، لا سيما أن العراقي يعتبر من صقور «داعش»، وأحد أبرز المقربين من البغدادي، ولا يعقل أن يتعاون بأمور أمنية مع خصمه.
ويعزز من ذلك، أن العديد من مصادر «جبهة النصرة» استغلّ تسريب التسجيل الصوتي للماجد، ليطلق عليه للمرة الأولى لقب «أمير جبهة النصرة في لبنان»، بينما استمر آخرون بالإمساك بأذيال التكتّم واكتفوا باستخدام لقب «أمير القاعدة في لبنان». يشار إلى أن الماجد توفي بعد اعتقاله في لبنان مؤخراً.
وهذه التسميات تشير على الأقل الى أن الظواهري وافق أخيراً على قبول بيعة الكتائب له، بعد أن كانت المعلومات تشير إلى أن العلاقة بين «القاعدة» و«كتائب عبدالله عزام» بقيت لعدة سنوات خارج الإطار التنظيمي، لوجود مآخذ من قيادة «القاعدة» على الكتائب. والأرجح أن موافقة الظواهري على البيعة جاءت بعد نشوب الأزمة السورية، وربما بعد اعتقال الزعيم الأسبق للكتائب صالح القرعاوي واستلام ماجد الماجد مكانه، وإدخاله تغييرات على سلوك «كتائب عبدالله عزام» نالت رضى وقبول الظواهري.
وكانت مؤسسة «النخبة للإعلام الجهادي» سربت أمس التسجيل الصوتي لماجد الماجد، الذي حمل عنوان «الرشد في نازلة الشام بإعلان دولة الإسلام»، برغم أنه يعتبر من المراسلات الداخلية لتنظيم «القاعدة» ويتسم بالسرية. إلا أن ذلك لم يعد يشكل عائقاً، لا سيما أن العام الماضي شهد تسريب الكثير من البيانات الداخلية للتنظيم، من بينها رسالة صوتية للظواهري نفسه. لكن المؤسسة أشارت إلى أنها لم تنشر كل التسجيل، وإنما ما وجدت أنه مناسب فقط.
ورأى الماجد، في تسجيله، أن الخلاف الناشب بين الجولاني والبغدادي ستترتب عليه «فتن عظيمة مهلكة مخوفة الوقوع»، مشيراً إلى أن «إعلان البغدادي للدولة الإسلامية، وبحسب اطلاعنا وتقييمنا للأوضاع سيكون، لو تمّ وفُعِّل العملُ به، قاصماً لظهر الجهاد في بلاد الشام ومفرقاً لصف الجماعات الجهادية». ونبه إلى أن هذا الإعلان سيصنع «وليجة للعدو يدخل إلى الجماعات منها».
ورأى أن «الدولة الإسلامية» تتمتع بالوجود في شمال وشرق سوريا، وبالتالي فإن إعلان قيام «الدولة»، كما يريد البغدادي، من شأنه بحسب الماجد أن «يجذب الجهود إلى تلك المناطق، وبالتالي ينشغل الجميع عن واجب الوقت وهذا ما يريده النظام والأميركيون»، مشيراً إلى أن «الورطة الغربية في سوريا هي من حساسية موقعها الجغرافي وخطورة خروجها عن السيطرة على مصالحهم في المنطقة»، ليخلص إلى القول ناصحاً الظواهري أن «إعلان الدولة بهذه الطريقة، وفي هذه الظروف سيكون طوق نجاة للنظام ولدولة اليهود والغرب، تمكنهم من رسم سوريا كما يريدون».
عبدالله سليمان علي – صحيفة السفير اللبنانية