ما بعد الاستعمار، العلوم الاجتماعية العسكرية، وصنع عقيدة مكافحة التمرد الأميركية، 1947- 2009
منحة Antipode للطالب المتخرج الفائز 2011- 2012 ـ
أوليفر بلشر ( دائرة الجغرافية، جامعة كولومبيا البريطانية، فانكوفر، BC، كندا) ـ
ترجمة خاصة بموقع: www.rsgleb.org (مجموعة الخدمات البحثية)
برغم خطاب قوة العلاقات العامة المثار حول ” العقول والقلوب”، الحكم والتنمية، فإن بحثي يطرح تساؤلات عما يمكن للمرء أن يدعوه ” السجل التقني” الأكثر تشغيلاً الذي يدير به الجيش مكافحة التمرد. إن جوهر مكافحة التمرد يتعلق بنتيجتين بالواقع: السيطرة على السكان وقتل المتمردين. إن ” حماية المدنيين” أمر مركزي في عقيدة مكافحة التمرد، المنتهية عملياً بعدم وضوح الرؤية بين المجالين، المدني والحربي. هذا التشويش بالرؤية مبرر على أنه حتمي من قبل المؤيدين لمكافحة التمرد، بما أن الحرب تحدث الآن ” بين الناس” ( Smith 2005؛Kilcullen 2008). ويقدم كريستيان بارينتي موجزاً لممارسة العقيدة كالتالي:
بعد تتبعي لأصل نشاط تمرد محتمل ضمن سكان وصولاً إلى تقنيات مطورة خلال حرب فيتنام، أنتقل إلى الحاضر، وأدرس تطور الـ HTS. أما الأمر الذي له أهمية خاصة فهو الكيفية التي ساهم بها علماء اجتماع “الإقليم البشري” في إنتاج المعرفة عن السكان التي تعتبر حاسمة لحملات مكافحة التمرد. وبعد مناقشة كيفية نشأة HTS وأصلها، أقول بتحليل الأساليب والطرق التي “تدرجها” مقاربة ” فرق الإقليم البشري”، واستخلص المعلومات من السكان المحتلين. أخيراً، ومن خلال الأبحاث الميدانية في قواعد عسكرية في إنديانا، كاليفورنيا، وكنساس، أدرس الكيفية التي يتم بها تدريب العاملين المدنيين والعسكريين لإدارة عمليات مكافحة التمرد. يتم تنظيم ” المشرق” وأداء العمل به في ” بلدات عربية” مبنية في قواعد عسكرية في مختلف أنحاء الولايات المتحدة الأميركية. وفي عملية تفكيك ” للتجربة” العسكرية، أحلل الكيفية التي يتم بها تعليم العاملين العمل “في أوساط السكان ” وكسب ” ثقتهم” في ” بلدات عربية” تحاكي الواقع. في هذا المستوى الرفيع جداً والمؤثر من المحاكاة يصل المرء إلى زبدة الافتراضات الإيديولوجية ضمن عقيدة مكافحة التمرد والعلوم الاجتماعية العسكرية.
بينما أنتج الظاهر العام لصناعة لثورة في الشؤون العسكرية ( RMA) تفاسير ملونة رائعة وصوراً تقنية- إباحية للهيمنة الأميركية من خلال سلاح الخيال العلمي لمنظومات قتالية مستقبلية، فإن واقعاً أكثر واقعية وقتامة كان يتشكل على الأرض في العراق (وأفغانستان). وكان الموت الذريع وبالجملة موزعاً وجارياً: أكثر من 100000 قتيل مدني من قوات الائتلاف والتمرد، لاجئون وتهجير جماعي مزعزع للاستقرار، التدمير الذي طال الفلوجة، الغارات الليلية المروعة على منازل العراقيين، الأحياء المسوَّرة، الصفوف الطويلة للحصول على مادة البنزين، وشبكات في كل مكان من نقاط التفتيش وحواجز الطرق متداخلة مع تقلبات العنف اليومي ” لمدينة بغداد المكافحة” Graham)2010 ؛ Gregory 2008 ؛ cf Foucault 1975:205). وقد فاقم المسؤولون الأميركيون الصراع عن طريق فرض إطار عمل استشراقي مبتذل على العراقيين – تأطير التمرد على أنه صراع داخلي ” لا نهاية له” بين العشائر السنية، الشيعية والكردية – لتفسير تصاعد العنف وهياجه. وبخصوص إطار العمل الاستشراقي هذا المحدد والمعرَّف بشكل إثني كتب ” نير روزن” التالي:
تستهدف مكافحة التمرد –خطوة Foucault- المستوى ” الرفيع جداً” للعلاقات الاجتماعية. فهي تمزق تمزيقاً بالغاً العلاقات الاجتماعية الحميمة بين الناس ( لكن نادراً ما تعيد صناعتها)، وتدمر قدرتهم على التعاون، كما تمزق نسيج التضامن والتعايش – بمعنى آخر، تمزق الروابط التي تشكل مجتمعاً. ترمي الحرب التقليدية للسيطرة على الأرض وتدمير جيش العدو. وترمي مكافحة التمرد إلى السيطرة على المجتمع. وهي بذلك ” المركز السكاني” ( 2011: 23).
عندما نشر الجيش الأميركي وسلاح المارينز ” الدليل الميداني لمكافحة التمرد 3-24″ Countersurgency Field Manual 3-24)) ( FM 3-24) في كانون أول 2006، كانت بغداد تحترق. فلسنوات ، وبينما كان مسؤولو الائتلاف يقطنون في ” المنطقة الخضراء”، مشرفين بدقة على خصخصة منجم الثروات في صناعة النفط العراقية والقطاع الخاص، كان هناك حركة تمرد قوية وحرب أهلية تتجذران غرب العراق وجنوبه، تغذيها مقاومة شعبية متنامية ضد الاحتلال الأميركي ( Chandrasekaran2007, Klein 2008). فعلى امتداد عاميْ 2004 و 2005، تُرك المسؤولون الأميركيون ضمن سلطة الائتلاف الإقليمية ووزارة الدفاع يحكون رؤوسهم بسبب عدائية العراقيين البغيضة الذين لم يرحبوا تماماً ومطلقاً بالمحتلين الائتلافيين ” العاشقين للحرية” ولم يستقبلوهم بالطرقات المفروشة بالورود كما وعد هؤلاء المسؤولون الجماهير الأميركية. ومع نفاد الخيارات بسرعة بخصوص وقف العنف المتصاعد، انعقدت مجموعة في الولايات المتحدة تصف نفسها بـ “الجندي- الباحث” لإعادة إحياء الروح الميتة لعقيدة مكافحة التمرد، التي لطالما كُبتت في الدوائر العسكرية منذ فشلها في الحقبة الفيتنامية. وكان التقارب مع مكافحة التمرد قد صممه مؤيدوه للانكباب على معالجة مجال أثبت دونالد رامسفيلد فيه عدم كفاءته تماماً: تهدئة وحكم شعب عراقي محتل.
كان الأميركيون يتبنون وجهة النظر الأميركية عن العراق كمجموعة طوائف تحاول أن الانسجام فيما بينها داخل النظام السياسي الذي كان يبنيه الأميركيون حول تلك الفكرة. ويتجاهل المراقبون في الخارج حقيقة هي أن الوجود الأميركي قد خلق العديد من هذه المشاكل و” قرأوا التاريخ عكسياً” في محاولة للتقليل من الدور الأميركي في العراق إلى أدنى حد ( 2010: 21).
كان الغزو غير المتقن يتسبب باحتلال متهور وبحركة تمرد وحشية. ففي هذا الوقت من أواخر عام 2004 بدأت مجموعة من الجنود والضباط على الأرض في العراق وفي فورت ليفن وورث، في كنساس، بإعادة النظر بمبادئ مكافحة التمرد وإعادة تنظيمها. وبانخراطهم بصيغة متدنية وسطحية للتاريخ – بحث عن مقارنات وتشبيهات للفوضى في العراق – قام هؤلاء ” الجنود- الباحثون” بالتنقيب عن الدروس في الحرب الجزائرية ( 1954- 1962) وفي ” حالة الطوارئ الماليزية” ( 1948-1960) لاستخلاص تقنيات للتهدئة يمكن استخدامها وتوظيفها بسهولة في بغداد ومحافظة الأنبار.. وبعد إحياء الصورة الملفقة لـ ت. إ. لورانس، ومن خلال الانكباب على كتابات ديفيد غالولا، روجر تينكوين، والسير روبرت طومسون، استضافت مجموعة ” الجندي- الباحث” سلسلة من التعاون غير المسبوق بين الجنود والضباط، صناع السياسة، الأكاديميين، والصحافيين، بدمج “التاريخ” بـ ” التجربة الميدانية” لإنتاج النسخة النهائية للدليل الميداني 3-24 ( FM 3-24 ) في أواخر 2006 بعد سلسلة من المسودات المتداولة على نطاق واسع. وسرعان ما سمَّى المؤيدون لمكافحة التمرد عقيدتهم ” مستوى التخرج للحرب”، بمنافستهم ما أصبح يعرف بـ ” طريقة العمل ” المؤسساتية الجديدة المنبعثة من البنتاغون خلال تلك السنوات ( ما يعني الحكاية الشخصية وبروفة تجربة “الواقع”، المقنعة كتحليل).
كان حكم الشعوب المحتلة – الذي له سجل مسار مريب، ومع ذلك لا يزال ينظر إليه كمتطلب أساسي لأي بلد يرغب بلعب دور القوة العظمى الامبريالية في الخارج – وبحسب ما هو معروف ومشهور،هاجساً ثانوياً في العراق بالنسبة للمخططين في وزارة الدفاع والبنتاغون لحقبة ما بعد الغزو الأميركي. وعن طريق الوعد بحرب منتصرة بأرخص الأثمان، بأدنى حد من الكلفة والضحايا، وجه بنتاغون رامسفيلد موارده باتجاه التجاوزات التجريبية المفرطة لما يسمى” ثورة في الشؤون العسكرية” ( RMA). لقد أدت صناعة نمو حقيقية بحد ذاتها، مع رؤىً رائعة للقوات البرية الحاذقة وقدرة ترصد وحرب جوية لا يمكن التغلب عليها ومنظومات قتالية عالية التقنية تديرها، بإخلاص، شرائح من أصحاب الاختصاص من القطاع الخاص، إلى جانب بضعة آلاف من المهووسين الفنيين الذين يخططون بجد لاغتيالات على امتداد ” الحرب الطويلة” على شاشات الكومبيوتر لديهم، بالقوى الموجودة داخل البنتاغون ووزارة الدفاع بأن لا ترى سبباً كبيراً لصرف الوقت على تساؤلات حول الحكم في العراق. ففي أذهان هؤلاء، كان من المتوقع بالنسبة للعراق أن يكون محطة ” سريعة وسهلة” على امتداد مسافة الرحلة لأجل الفوز بـ ” الحرب على الإرهاب”- خيال لافت وقاتل بالنسبة لضحايا غطرسة كهذه ( Gordon و Trainor 2006؛ Ricks 2006).
كنظرية للحرب الداخلية والعمل ضمن أواصر المجتمع، وضع الممارسون لمكافحة التمرد خلاصة كاملة للتقنيات المصممة بشكل خاص لفصل السكان المحددين، بشكل رخو، على أنهم “أصدقاء” عن ” العدو” ( Anderson 2010). من جهة أخرى، لقد قرن الجيش الأميركي تكنولوجيات حكم تقليدية ومألوفة ( على سبيل المثال، أخذ الإحصاء الرسمي للسكان، تدريب الشرطة، و” قوات الدفاع المحلية”، تأسيس شبكة من المخبرين، تطوير أجهزة جزائية، الخ.) مع الابتكارات التقنية الأكثر حداثة في القياسات الحيوية ( biometrics) واستخدام الطائرات دون طيار، وإدارة قواعد البيانات، من أجل تحديد وتعقب السكان الأفغان والعراقيين. من جهة أخرى، وفي محاولة لأن تصبح أكثر “تمكناً ثقافيا” في الحروب التي تتوافق وتنسجم بشكل وثيق مع عمليات العولمة الرأسمالية، قام الجيش الأميركي بخطوات مثيرة للجدل لدمج علماء اجتماع في عملية مكافحة التمرد. على سبيل المثال، في تطوير ” نظام الإقليم البشري” ( HTS). إن HTS – تفسير أقاليمي للجغرافيا البشرية وفق أكثر التعابير والمصطلحات فظاظة – يخدم هدفاً من ثلاثة وجوه: جمع ” المعلومات الاستخبارية الثقافية” للقادة العسكريين لتوفير دور داعم لتعطيل الاتصالات بين المتمردين المحليين والشبكات الإرهابية العابرة للأمم؛ وتقديم ” وجه إنساني” للمدنيين العالقين في شبكة العمليات القتالية. بعيداً عن ” فرق الإقليم البشري”، يدعم علماء الاجتماع حملات مكافحة التمرد بدءاً بتطوير خوارزميات إحصائية تتنبأ بنشاط التمرد وصولاً إلى الاعتماد المتزايد على استخبارات الجغرافية- المكانية.
لم يكن استقبال ” دليل مكافحة التمرد” في وسائل الإعلام بالأقل من الاستثنائي. إذ أصبح الجنرال ديفيد بيترايوس، المعتبر أنه ” مؤلف هذا الدليل والقوة التي تقف وراءه”، وبسرعة، نجماً في دوائر الشرطة، والمحتفى به لبراعته السياسية واستخدامه اللبق والرشيق للـ PowerPoint. وعقب هجمة مكثفة من العلاقات العامة مع بيترايوس بصفته الوجه لها، أصبح هذا الدليل الوثيقة الحقيقية الأوسع نطاقا، ربما، التي لم يسبق للجيش الأميركي أن أنتج مثلها على الإطلاق، وبالتأكد المنشور الأكثر تأثيراً الذي ينشره معتمدون أكاديميون من قبل ” مطبوعات جامعة شيكاغو”، وقد نال الدليل ثناء مؤسسات مراكز الأبحاث والأكاديميين ” لإنسانيته” ومقاربته ” الثقافية- الودية” للحرب. في الواقع، لقد كانت صورته ” الإنسانية” هي الجاذبية الرئيسة للعقيدة. إذ لم يعد موقف ” أطلق النار وعذب أولاً، واطرح الأسئلة لاحقاً” الذي حث عليه كل من دونالد رامسفيلد وديك تشيني هو مسار الجنود الرئيس. بل كانت الاستراتيجية موجهة نحو ” الفوز بعقول وقلوب السكان المحتلين وذلك بمشاريع تنمية وهيكليات حكم مسؤولة عرضة للمحاسبة. وأظهر أكاديميون، وعاملون في المجال الإنساني، ومعلقون، على حد سواء، عاطفة إزاء الاستراتيجية، مع تأكيدها على احترام “الاختلاف الثقافي” وتمجيد طروحات كهذه على أساس أنها: أحياناً، كلما استخدمت القوة أكثر، كلما كانت أقل فعالية” ( FM 3-24: 1-150). وكما هو معلوم جيداً، وبرغم الدليل الطاغي على العكس ( cf Agnew et al 2008؛ Gregory 2008؛ Rosen 2010)، فقد نال الجنرال بيترايوس و”عقيدته” بمكافحة التمرد المصداقية واعتمدت على معزوفة انفجار حرب أهلية شاملة في العراق، عبر نجاح استراتيجية ” الزيادة” ( زيادة عدد الجنود) في العام 2007. وبظل حكم أوباما، تم تنفيذ العقيدة في أفغانستان في أواخر صيف وخريف 2009، بنجاح تكتيكي ضئيل، لكن، بالتأكيد، مع سقوط عدد من الضحايا المدنيين ووجود قرىً مدمرة تدميراً كاملاً منتشرة على امتداد الريف الأفغاني.
لي الشرف حقاً أن أنال جائزة ” منحة Antipode” للطالب المتخرج. إن المنحة ستتيح لي القيام بأبحاث ميدانية إضافية في فورت إيروين، كاليفورنيا، وفي ” فورت ليفنوورث، كنساس. كما ستتيح لي المساهمة بكامل طاقاتي في مهمة الصحافة: لتطوير منحة جغرافية جذرية. ففي حقبة أزمة دائمة على ما يبدو، – سواء كانت الحرب، علم البيئة، أم الاقتصاد السياسي – هناك حاجة وضرورة لمنحة جذرية تحمل، وبسرور، العبء المتأصل في الأطروحة الـ 11 لماركس حول “”فيورباخ”، وبشكل أكثر إلحاحاً اليوم عما كان عليه في أي وقت من الأوقات. هذا البحث مساهمة صغيرة في ذلك المجهود المبذول.
يبدأ قوس الأطروحة مع قصة ” العمليات المدنية ودعم التطور الثوري” ( CORDS) وبرامج “هاملت الاستراتيجية” في فييتنام. لقد سمى وزير الدفاع روبرت ماكنمارا فييتنام، بحسب ما هو معروف ” حرب علماء الاجتماع”، وذلك لسبب وجيه. لقد بنيت CORDS على نظرية النماذج المطورة في العلوم السياسية، وعلم الاجتماع، والإحصاءات لإنشاء أول برنامج حاسوبي يهدف إلى التنبؤ بنشاط المتمردين. وباستخدام بيانات المسح الأسري الاستراتيجي لهاملت التي جمعها المراقبون “في الميدان”، ولدت CORDS رزمة من البيانات الإحصائية التي استخدمها احصائيون عسكريون لعرض هجمات ” فييت كونغ” المحتملة، منتجة مساحة حسابية للتدخل على أساسها. ثم انتقلت في بحثي لتحليل الكيفية التي أصبح فيها “السكان” الحالة والنتيجة في آن معاً ( ما يعني “الكائن المرجع” وسط قالب معرفة مكافحة التمرد / القوة) ضمن برنامج حماية-هاملت في فيتنام. لقد قللت مسألة السكان الواقعين تحت ” حراسة مشددة” و “مضمونة”، في نظر الجيش الأميركي، من فرص مفاجآت المتمردين؛ ما يعني أن البيانات والمعلومات الاستخبارية قد استبقت الهجمات. وبالتالي، فإني أقول بأن التركيز على ” مراكز سكانية” في مكافحة التمرد الفيتنامية شكل تحولاً كبيراً في عقيدة الجيش الأميركي، بعيداً عن المقاربة “الإقليمية” المقصود بها الإمساك بالأرض الفعلية حول المدن أو القرى الشعبية في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وصولاً إلى تمهيد حاسم للتفكير المعاصر الذي يعتبر ساحة المعركة بمثابة جغرافيا- مورفولوجية ( علم التشكل المورفولوجي) “لفضاء شبكي “. بالواقع، ولتعديل صيغة جايمس سكوت ( 1999)، لرؤية ما يشبه جيش القرن الواحد والعشرين هو رؤية ما يشبه الشبكة. هذا يعود، بحسب ما اقترح، إلى تحول تكتيكي بعيداً عن ” مجرد” تأمين الأرض لضمان أمن السكان و” الفوز” بهم. (cf Ansorge 2010). هذا البحث عن الحقبة الفيتنامية مبني على أساس عامين من البحث في أرشيف المحفوظات في ” مكتبة ليندون ب. جونسون الرئاسية” في أوستن، تكساس، وعلى أرشيف ” مكتب أبحاث العمليات الخاصة” في الجامعة الأميركية في واشنطن.
يطرح بحثي هذا تساؤلات حول هذا الدمج لعلم الاجتماع حرب حديثة سابقة، تحديداً عن طريق تعقب الرابط التاريخي بين علم الاجتماع وعقيدة مكافحة التمرد. فمن نواح عديدة، تعتبرهذه القصة قديمة. فالعنف، الأجساد، المساحات والأعداد كانت متشابكة منذ أن افتتحت الحرب كـ “علوم” عسكرية إبان فترة ” التنوير”. مع ذلك، فإن ما يساهم به بحثي هذا هو القيام بتحليل للدعم التشغيلي والمنهجي الذي قدمته العلوم الاجتماعية للجيش الأميركي في عمليات مكافحة التمرد منذ الحرب الباردة حتى وقتنا الحاضر. ففي نظر الجيش، فإن ما تعد به العلوم الاجتماعية، سواء في صيغة التحليل الإحصائي، سيكولوجيا السلوك، أو في استخدام ” فرق الإقليم البشري”، هو إمكانية التنبؤ بنشاط تمرد أو ثوري والتكهن بوجود هجمات – ما دعاه ديريك غريغوري ( 2010) رغبة بـ “حدث في علم الوجود” وما يعرِّفه بن آندرسون ( 2010) على أنه التقاط ” العمل الاستباقي”. إن أطروحة بحثي تتبع سلالة ” خدعة المعبود” هذه بالتنبؤ بحرب؛ ما أسميه أنا ” ترويض الفرصة” في ساحة المعركة ( cf Hcking 1990).