ما الذي يحصل في الجولان على الحدود السورية؟
الدكتور خيام الزعبي:
إسرائيل دخلت مجدداً فى دائرة الصراع على سورية بعد دخول أطراف إقليمية عديدة، وهو ما ينذر بتصعيد إسرائيلي خطير قد يؤدي إلى عواقب، لن تسلم منها إسرائيل نفسها، إذا ما أقدم الجيش الإسرائيلي بالتنسيق مع حلفاؤه على شن هجوم على سورية، علماً أن نتنياهو وزمرته لم يوفروا يوماً، منذ بدء الأزمة السورية، أي جهد في مساعدة الإرهابيين وتقديم كافة أشكال الدعم اللوجستي والعسكري والاستخباراتي لهم، وفي الفترة الأخيرة، ومع تقارب العلاقات بين إسرائيل وتركيا يمكن أن تقود إلى تعاون أمنى بينهما فى المسألة السورية لتحقيق بعض الأهداف الإستراتيجية، أهمها ضرب بعض مواقع الجيش السوري التي من الممكن أن تشكل خطراً في أي مواجهة فعلية. مع دخول الحرب السورية عامها الخامس، تلوح في الأفق تطورات ومعارك على العديد من الجبهات، وترسم سيناريوهات محتملة فيما يخص مستقبل سورية، إذ كشف الإعلام الإسرائيلي النقاب عن إجراء الجيش الإسرائيلى تمريناً واسع النطاق على مستوى الكتائب وذلك في هضبة الجولان المحتلة تضمن إمكانية تنفيذ عملية برية محدودة داخل الأراضى السورية رداً على عمليات إطلاق نار من داخل سورية، كما يواصل جيش الإحتلال الإستعداد للتطورات الأمنية على الحدود الشمالية، خاصة بعد انتهاء مناورة واسعة للفرقة 210 بهضبة الجولان، والتي تضمنت إعداداً للقوات لهجوم داخل سورية في حال حاولت منظمات تنفيذ عمليات ضد إسرائيل، خاصة أن هناك جهات متطرفة تمتلك أسلحة كيماوية.
وفي سياق متصل أكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن الجيش يواصل الإستعداد لإحتمالية نشوب معركة إضافية مع حزب الله خاصة أن نظرية القتال التى يعتمدها الحزب على مدى السنوات الماضية تتمثل بضرورة مهاجمة إسرائيل فى عقر دارها لذلك أجرى الجيش تدريبات على إخلاء السكان والكيبوتسات القريبة من خط الحدود مع لبنان وسورية، والتحركات الإسرائيلية لم تقف فقط عند حدود الجولان، ففي مستوطنات شلومى ومانيرا على الحدود مع لبنان يعكف الجيش الإسرائيلى على إنشاء عوائق لمنع إجتياز الجدار الأمني، ومن أجل منع إحتمالات السيطرة على طريق الشمال، أو أي موقع عسكرى أخر، فضلاً عن حفر الخنادق الصناعية وهذا ما جعل المهتمين بالشأن الإسرائيلي يؤكدون أن المناورات ووضع العوائق بالقرب من الحدود تشير إلى تزايد إحتمالات الحرب هناك، خصوصاً بعد الإتفاق النووى مع إيران. وفي المقابل إن اللعب بالنار الذي تقوم به اسرائيل مقابل حزب الله وإيران على الساحة السورية أمر خطر للغاية ومن شأنه ان يخرج عن السيطرة ويتطور الى مواجهة عسكرية لا يريدها اي طرف، والتعبير عن الخشية الاسرائيلية من التصعيد ظهر في الموقف الأخير لمصدر عسكري إسرائيلي، نفى فيه أن تكون إسرائيل قد نفذت هجوماً آخر على مواقع للجيش السوري وحزب الله في منطقة القلمون السورية، كما رفض جيش العدو الاسرائيلي التعليق على تنفيذ طائراته غارة جوية على الأراضي السورية في الزبداني قبل عدة أيام، وبالمقابل تعلم إسرائيل علم اليقين أنّ المقاومة لم ولن تكرّس معادلة السكوت على دماء شهدائها، وسيكون رداً قاسياً ليؤدي إلى تبديل موازين القوى في المنطقة. جدير بالذكر إن إلتزم سورية بأنها سترد على إسرائيل إن قامت بعدوان جديد، وقبله إلتزام إيران وحزب الله بالأمر نفسه، فالمعلومات تؤكد أن دمشق جادة بهذا التحذير، وأنها أوصلت رسالة واضحة إلى من يعنيهم الأمر وخصوصا الأميركيين، بأن على إسرائيل أن تفكر أكثر من مرة قبل أن تجدد الغارات، كما أن موسكو حذرت رسميا نتنياهو من أي مغامرة جديدة في سورية.
وفي الإتجاه الآخر يدرك شركاء سورية في معركتها الحالية، وفي مقدمهم حزب الله وإيران، بأن الضربات الإسرائيلية تستهدفهم أكثر مما تستهدف دمشق، لذلك فان الرد سيكون مشتركاً، وإنطلاقاً من ذلك تبدو سورية جادة فعلاً في الرد على إسرائيل، خاصة أن الجيش السوري وحزب الله وإيران لديهم خطط جاهزة لهذا الإحتمال، وتحرك معظم السفن الحربية الإيرانية قبل فترة هو رسالة إيرانية لمن يعنيهم الأمر في إسرائيل بأن أي حرب تشنها الدولة العبرية على سورية ستعني حرباً إيرانية – إسرائيلية أيضا.
مجملاً…. إن الحرب قادمة لا محالة، لأنه بالتدقيق في الوضع الإقليمى العام، يبدو الهجوم البري على سورية متوقعاً حدوثه وذلك للحد من نفوذ حزب الله عدو تل أبيب الأول فى المنطقة، وللسيطرة على تقدم داعش وإمكانية تهديد الحدود مع إسرائيل، وفي نهاية المطاف وبحسب ما يرى المراقبون فان المنطقة قادمة على مشهدين لا ثالث لهما اما تسوية مرضية بشروط محور المقاومة وحلفائه الدوليين أو حرب إقليمية ، ولن تكون إسرائيل في مأمن منها أبداً.