لماذا يدلل بوتين الألمان وأهان ماكرون؟؟
وكالة أنباء آسيا:
خلال الأيام القليلة الماضية اجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، والذي أثار موجة من السخرية والتساؤلات على إثر انتشار الصورة التي التقطت اثناء اللقاء، والتي كشفت عن طول الطاولة وبعد المسافة بين الرئيسين ما جعل التفسيرات تذهب إلى صعوبة وبُعد وجهات النظر بينهما فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية.
في المقابل؛ شهد اللقاء الذي جمع اليوم بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والمستشار الألماني أولاف شولتز، بحالة من الود الشديد، حيث انتهى الاجتماع بنتيجة إيجابية من بينها طمأنة الجميع من خلال رسائل عن خط الروسي، عبر بحر البلطيق من روسيا إلى ألمانيا. فيما أعلنت روسيا انسحاب بعض القوات من على الحدود الأوكرانية، الأمر الذي وصفه شولتز بــــــ “الإشارة الجيدة”.
ويهدف هذا اللقاء إلى نزع فتيل أزمة غربية-روسية نجمت عن نشر أكثر من مئة ألف جندي روسي على الحدود الأوكرانية والتي أثارت مخاوف الغرب من حصول غزو.
وعلى نقيض اللقاء الإيجابي الذي جمع بين الرئيس الروسي والمستشار الألماني، لوحظ في اللقاء الأخير الذي جمع بين الرئيس الروسي ونظيره الفرنسي أن هناك حالة من التوتر جمعت بينهما، الأمر الذي فسره بعض النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعدم التوافق وأن بوتين ربما يريد إرسال رسالة دبلوماسية من خلالها.
لكن الكرملين، كان قد كشف عن سبب جلوس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعيدا جدا عن نظيره الروسي فلاديمير بوتن، وقال إن ماكرون رفض إجراء فحص كورونا “روسي”، قبل اللقاء الذي ناقشا خلاله أزمة أوكرانيا.
وظهر الرئيسان على طرفي طاولة يبلغ طولها نحو 4 أمتار لدى حديثهما، في مشهد غير معتاد بلقاءات قادة الدول، مما دفع البعض للقول إن بوتين ربما يريد إرسال رسالة دبلوماسية.
لكن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، قال إن الطرف الروسي استشعر “ضرورة حماية بوتين في الاجتماع” من عدوى محتملة، وأكد أن “هذا لا يتعلق بالسياسة، ولم يؤثر على المحادثات”.
وفي وقت سابق، قال مصدران في الوفد الفرنسي المرافق لماكرون إن الأخير رفض بالفعل طلب الكرملين بالخضوع لفحص روسي لـ”كوفيد 19″.
وأوضح المصدران لـ”رويترز”: “ماكرون وجد نفسه أمام خيارين: إما قبول فحص (PCR) تجريه السلطات الروسية ومن ثم السماح له بالاقتراب من بوتن، أو الرفض مما يضطره للالتزام بقواعد التباعد الصارمة”.
بالإضافة إلى ذلك رفض المستشار الألماني أولاف شولتز الخضوع لفحوصات من قبل الجانب الروسي للكشف عن كورونا قبل اجتماعه اليوم الثلاثاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وبدلا من ذلك، قرر شولتز إجراء اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) الضروري للدخول إلى الكرملين على يد طبيبة من السفارة الألمانية، وذلك عقب صباح اليوم وصوله إلى موسكو.
وذكرت مصادر محيطة بالمستشار أنه تم دعوة السلطات الصحية الروسية إلى التواجد خلال إجراء الاختبار، مضيفة أنه تم إحضار جهاز اختبار من ألمانيا.
وكان على شولتز والوفد المرافق له والصحفيين المسافرين معه – يشكلون معا أكثر من 50 شخصا – تقديم ما مجموعه ثلاثة اختبارات (PCR) سلبية خضعوا لها قبل مغادرة ألمانيا.
وتعكس هذه المشاهد غير المألوفة في لقاءات رفيعة المستوى، حجم الاحتياطات المتخذة لحماية الرئيس الروسي البالغ 69 عاماًَ من أي إصابة وسط متحورات فيروس كورونا. ولكن يُنظر إليها أيضاً على أنها أعراض قائد تبقى نواياه بشأن الأزمة الأوكرانية غير واضحة.
جدير بالذكر أن العلاقات الفرنسية الروسية تشهد حالة من عدم الاستقرار على على الصعيد السياسي بين البلدين، بشأن العديد من الأزمات الإقليمية والدولية، ومنها الأزمتين السورية والأوكرانية، حيث تعد روسيا داعماً أساسياً للرئيس السوري “بشار الأسد”، فيما كانت فرنسا، منذ بداية الأزمة السورية في مارس 2011، تدعم بعض المجموعات المعارضة المسلحة.
علاوة على أن فرنسا كانت أول دولة غربية تعترف بالحكومة المؤقتة التي تم تشكيلها في عام 2013. كما عرقلت فرنسا، بالتعاون مع حلفائها في مجلس الأمن، العديد من الاقتراحات الروسية بشأن الصراع السوري، والتي كان أبرزها ذلك الاقتراح الذي تمت مناقشته في مجلس الأمن خلال فبراير 2016، وطلبت روسيا حينها عقد مشاورات لمطالبة تركيا بوقف قصفها للقوات الكردية في شمال سوريا، وكي تتخلى عن مشروع عملية عسكرية برية في سوريا، لكن فرنسا و4 دول أخرى أعضاء على الأقل، رفضت نص مشروع القرار الروسي.
بالإضافة إلى ذلك رفضت فرنسا التدخل الروسي في الأزمة الأوكرانية بعد الإطاحة بالرئيس الأوكراني السابق “فيكتور يانوكوفيتش”، الموالي لها، وتولي حكومة موالية للغرب السلطة في أوائل عام 2014. وأيدت باريس العقوبات الاقتصادية التي فرضتها دول الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو على موسكو بسبب هذه الأزمة، لاسيما بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في مارس 2014.
ومع تشديد العقوبات الغربية على روسيا بسبب تفاقم الأوضاع في أوكرانيا، أوقفت فرنسا، في سبتمبر 2014، صفقة عسكرية وقعتها مع روسيا في عام 2011، لبيع حاملتي مروحيات من طراز “ميسترال” بقيمة 1.2 مليار يورو، ونص العقد حينها على أن تتسلم موسكو في نوفمبر 2015 الحاملة الأولى باسمها الروسي “فلاديفوستوك”
باختصار، يمكن القول بأن الخلافات السياسية بين روسيا وفرنسا قد ألقت بظلالها على العلاقات بين الدولتين رغم تكرر المباحثات واللقاءات.