لماذا هذا العداء لسوريا وقيادتها؟
صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:
قبل العام 2011، أي عام بداية الأزمة السورية، كان رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب اردوغان يرسل كل الإشارات إلى سوريا على انه سوري الهوى، اذ لم يشك احد من القيادة السورية بأن هذا الرجل انما يخفي الأعظم تجاه جار تاريخي، وكان كلما التقى الرئيس السوري بشار الأسد، يتبادل معه احلى المختار من الكلمات.
كانت الدنيا بخير، لكن الرجال الرجال لا يتم اكتشافهم الا في الملمات الكبرى، فعندما، اهتزت سوريا على وقع الإرهاب، تبين على الفور، وقبل ان يدلي اردوغان بدلوه، ان تركيا باتت مفتاح الشر على سوريا، وانها تلعب دور الشرير في قيادة تلك الأزمة. ولم تمض سوى ايام حتى ادلى اردوغان بمواقفه، واعرب منذ ذلك التاريخ، عن معاداته للدولة السورية ولشخص الرئيس الأسد.
كثرت التفسيرات يومها حول الانقلاب التركي الذي فاجأ كثيرين، لكنه في الحقيقة لم يكن كذلك، بل كان قمة في الخبث الذي اختبأ وراءه قيادي طرح نفسه منذ البداية كملتزم بالقضية الفلسطينية، وصديق للرئيس السوري وصل به الأمر إلى الغاء التأشيرة التركية لدخول السوريين بلاده، بل كذلك مع لبنان والأردن. بل انه كان على رأس من جاؤوا إلى لبنان يوم تم انتخاب الرئيس ميشال سليمان رئيسا للجمهورية.
في تلك الايام التي تلت رصاصات الارهاب الاولى على سوريا كشف اردوغان عن حقيقة سياسته تجاه سوريا، وبدت تركيا منذ ذلك التاريخ مركز الثقل في تصدير الارهاب إلى الجار الذي تحول فجأة الى عدو، وتحولت الاراضي التركية إلى ملجأ ومخبأ للإرهاب وممول له وداعم، وكانت الكلمات التي كثيرا ما نطق بها الرئيس التركي اردوغان ان الأزمة ستنتهي خلال اشهر قليلة ولا بد من اسقاط الاسد. وهكذا كان شغله الشاغل. وتبين لاحقا ان الرجل منكب على تهيئة وتجهيز بعض التنظيمات الاسلاموية الذين يتزعمهم لاستلام السلطة في سوريا. وحين اسقط معمر القذافي، اشار اردوغان بأصبعه إلى سوريا، ظنا انه القادم.
كان اختراع صفر مشاكل، قد تحول إلى صفر تهدئة على كل الجبهات المحيطة بتركيا، لكن الرئيس التركي ظل مواظبا على موقفه، مقتنعا بأن الدولة السورية ساقطة لا محالة، ولهذا كان اول من جهز جماعة اسطنبول وقدم لهم المكان والمشورة بل قادهم ووضع لهم الافكار التي تنسجم مع مرحلة ما بعد الاسد ايضا.
طال الصمود السوري واسقط في يده، صمت الرجل مرحلة يعيد فيها افكاره وقراءته للمشهد السوري من جديد. ومع سقوط الإخوان في مصر عرف انه خاسر في خياراته، ومع ذلك ظل على عدائه، متأملا ان يصحو ذات يوم ليرى حلمه قد تحقق، لكن الذي جرى ان المحسوبين عليه من “احرار الشام” تم قتل قيادتهم جماعيا وهم من الاخوان. وهكذا عرف ان لعبة البداية التي اختارها حين احتضن ” داعش ” ستجلب له المتاعب.
اليوم يقبع الرجل في الرئاسة مصرا على اسقاط الرئيس السوري وهو يعرف ان الاميركي الذي يحتضنه قد اصبح هذا الكلام خلفه، وبالتالي لا أمل في تغيير سوري على الإطلاق، بل هنالك صمود ووحدة سوريا وجيش مقاتل بلا هوادة وقيادة تقود المرحلة بعزيمة جبارة. ومع ذلك لا يريد الاعتراف بخسارته، بل ان حلمه ما زال قائما اعتمادا على التنظيم الارهابي الذي بثه في الجغرافيا السورية على امل ان يكون الحل الذي يريده على يديه.