لماذا لم تطبق تركيا «قواعد الاشتباك» في رأس العين؟
صحيفة السفير اللبنانية ـ
محمد نور الدين:
لفت النظر حصول اشتباكات بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة عند بلدة رأس العين الواقعة مباشرة على الحدود مع تركيا بمواجهة قرية جيلان بينار، وقيام الطوافات والمقاتلات السورية بغارات جوية على قيادة المسلحين فيها، ما أدى إلى مقتل العديد وفرار العشرات من المواطنين إلى الداخل التركي، كما تكسر زجاج بعض البيوت في الجانب التركي، وأصيب مواطن بجروح خفيفة.
وأثار ذلك تساؤلات عن مدى تطبيق تركيا لما أعلنته من «قواعد اشتباك» جديدة بعد إسقاط سوريا طائرة تركية فوق البحر.
وكتبت أصلي ايدين طاشباش في «ميللييت» أن الطائرات السورية نفّذت ثلاث غارات على رأس العين بعمق 300 متر فقط عن الحدود. ولكن بخلاف ما جرى في قرية أكجاكالي، عندما سقطت قذيفة سورية وقتل خمسة مواطنين أتراك، وردت أنقرة بقصف مماثل، فإن تركيا لم يكن في نيتها الرد على انتهاك سوريا لقواعد الاشتباك التركية. واكتفت بإرسال احتجاج إلى الجانب السوري. وقالت الكاتبة إن مرد ذلك أن حلف شمال الأطلسي والمجتمع الدولي لا يزالان مترددين تجاه الدخول في صدام ساخن مع سوريا كما أنهما لم يتجاوبا حتى الآن مع ما تنتظره تركيا.
وتتابع الكاتبة أن أنقرة ليست راضية أبدا عن النتائج السياسية التي خلفها انتهاك سوريا لقواعد الاشتباك التركية التي أعلنتها للعالم.
من جهة ثانية، تفيد ايدين طاشباش بأن المعلومات المعطاة من الجانب التركي كانت متناقضة، فمن جهة جاء في بيان للقوات المسلحة التركية أن الطائرات السورية اقتربت إلى مسافة كيلومترين ونصف الكيلومتر من الحدود، وبالتالي لم تنتهك خط الحدود، فيما قال رئيس بلدية جيلان بينار إن الطائرات السورية دخلت المجال الجوي التركي أثناء محاولتها الانعطاف والعودة إلى الداخل السوري، واقتربت طائرات أخرى على مسافة 300 متر من الحدود.
وبنظر إيدين طاشباش فإن الطائرات السورية كان عندها الجرأة هذه المرة للاقتراب من الحدود، وكان هذا مفاجئاً لتركيا وللمعارضة السورية المسلحة. وتساءلت عما إذا كانت إمكانية المنع لدى تركيا قد تراجعت.
ووفقاً لمصادر عسكرية وديبلوماسية فإن قواعد الاشتباك التي لم يعلن عن تفاصيلها يوماً تقضي بعدم السماح للطائرات السورية المقاتلة والطوافات الاقتراب من الحدود التركية بعمق خمسة كيلومترات. ولمواجهة أي انتهاك ترسل التعليمات لطلعات جوية عاجلة للطائرات التركية في قاعدة «اينجيرليك»، وفي مناطق أخرى في جنوبي شرقي البلاد. لكن هذه الطائرات أقلعت أمس متأخرة ولم تستطع ردع الطائرات السورية.
وينقل الكاتب فكرت بيلا في الصحيفة نفسها عن مصدر عسكري أن الطائرات التركية أقلعت من «اينجيرليك» مع أمر بضرب الطائرات السورية.
وبحسب المصدر، فإن الطائرات السورية اقتربت إلى مسافة ثلاثة كيلومترات تقريباً، وقصفت مقراً للجيش السوري الحر. لكنه نفى أن تكون الطائرات السورية انتهكت الحدود التركية، مشيراً إلى أنه ما أن ثبت أن الطائرات تتجه إلى داخل مسافة الخمسة كيلومترات صدرت الأوامر للطائرات التركية بالتوجه محملة بالقذائف لضربها.
وعندما اقتربت الطائرات التركية ابتعدت الطائرات السورية، ومنذ ذلك الوقت تقوم الطائرات التركية بطلعات متتالية على الحدود مع سوريا.
واختصر المصدر العسكري قواعد الاشتباك بما يلي: منع الطائرات السورية من انتهاك عمق الخمسة كيلومترات، والرد بالمثل على أي قذيفة تسقط على الأراضي التركية، ومن أجل ذلك ستتواصل الطلعات الجوية على مدار الساعة بأوامر ضرب أي طائرة سورية تنتهك هذه القواعد.
ويعلق فكرت بيلا أن استمرار هذه الحوادث يحمل مخاطر دخول البلدين في صدام مسلح، وسوريا بهذه الانتهاكات تضغط على «صبر أنقرة»!
وأمام نواب «حزب العدالة والتنمية» الحاكم، أكد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان أن أنقرة لن تتردد في الرد إذا تعرضت للتهديد. وقال «نقوم بالرد اللازم على الحدود ولن نحجم عن رد أشد إذا لزم الأمر… يجب ألا يلعب أحد بالنار أو يحاول اختبار صبر تركيا».