لماذا أبلغت أميركا سوريا قبل قصف “داعش”؟
موقع إنباء الإخباري ـ
علي مطر:
السيادة ركن أساسي من أركان الدولة، وهي التي تمنح الدولة اليد الطولى على إقليمها وعلى ما يوجد فوقه أو فيه. وبالتالي فإنه وفقاً لهذه السيادة تترتب سياسات الحرب والسلم، ولأجلها تقع النزاعات والصراعات بين الدول. وعندما تكون الدولة ذات سيادة كاملة فذلك يعني أنها لا تخضع ولا تتبع في شؤونها الداخلية أو الخارجية لرقابة أو سيطرة من دولة أخرى.
ويأتي في صدارة الخلافات والمنازعات الإقليمية والدولية تلك المتعلقة بسيادة الدولة وسلامة أقاليمها.
لذلك حصل جدل قانوني كبير، بعد تشكيل الولايات المتحدة الأميركية للتحالف الدولي لمكافحة إرهاب تنظيم “داعش”، وإستثناء سوريا من الحلف وإعلان الإدارة الأميركية أنها ليست بحاجة لإذن سوريا لقصف مواقع “داعش” في سوريا ولن تنسق مع دمشق. ولأن سوريا دولة ذات سيادة، ويعتبر أي عمل عسكري أجنبي ضد أراضيها خرقاً لسيادتها وإستهدافاً لإستقلالها وسلامة أراضيها، أعلنت صراحةً أنها لن تقبل التعدي على أراضيها تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، وأنها على إستعداد للتعاون في ذلك إلى أقصى الحدود.
هل أوجدت أميركا مخرجاً لقصف “داعش”؟
لقد حاولت واشنطن ايجاد مخرج قانوني لكي لا تخرق السيادة السورية وتنتهك القانون الدولي ولو شكلياً، عبر إبلاغها مسبقاً بحصول الضربات العسكرية ضد “داعش” وفق ما أعلنت الخارجية السورية، مشيرةً إلى أن “الابلاغ الأميركي لسوريا بأنهم سيضربون مواقع لـ”داعش” هو بحد ذاته ينسجم مع رغبة سوريا وسلامة الأراضي السورية وحفظ سيادتها”.
حاولت أميركا ايجاد هذا المخرج لكي لا تصطدم بسوريا وحلفائها، خاصةً أن موازين القوى العالمية لم تعد تصب في مصلحة الأميركي فقط، كما كانت عليه الأمور من قبل، وبالتالي هناك حسابات كبيرة لعدم خرق سيادة سوريا، وبالتالي خرق القانون الدولي، لأن أي عمل أميركي ضد سوريا دون إذن الدولة السورية يعتبر عدواناً عليها وتهديداً لسلامة أراضيها، ويخرق ميثاق الأمم المتحدة، الذي يحذر من استخدام القوة في العلاقات الدولية، ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة.
ما تقدم، يتبناه أستاذ القانون الدولي الدكتور محمد طي، مؤكداً أنه “من الناحية الشكلية لم يحصل خرق للسيادة الوطنية السورية، لأنها عندما تستشار سوريا ويتم إعلامها بقصف هذه المواقع، بما يضمن رغبتها وسلامة استقلالها وسيادتها، فإن ذلك لا يعني خرق سيادتها بل إن سيادتها مصونة، إلا أن التدخلات الدائمة دون إذن الحكومة السورية يعتبر خرقاً قانونياً”، مشيراً إلى أن “الخشية اليوم هي من تهور الأميركيين واستكبارهم”، سائلاً “هل سيلتزمون فقط بقصف مواقع داعش؟ ومتى ستنتهي هذه الغارات؟”
ويحذر طي من أن “يغير الأميركيون وجهة القصف ويقومون بالاعتداء على سوريا والجيش السوري”، مشيراً إلى أنه “ليس هناك خوف على التصرفات السورية فلسوريا حنكة سياسية وقانونية، ولكن هناك دائماً خشية من الغطرسة والاستكبار والغدر الغربي والأميركي وبالتالي لا بد من التنبه وأن تبقى الأعين مفتوحة على أي خرق يمكن أن يحصل ضد سوريا عبر ذريعة محاربة الإرهاب، أو أن يتم تزويد المعارضة السورية بالسلاح الكيميائي واستخدامه واتهام سوريا بذلك، وفق نظرة أميركية لتطوير ما يقومون به نحو استهداف الدولة السورية”.
ويرى الدكتور طي أن “موازين القوى العالمية تغيرت، واليوم هناك تبدلات كبيرة على الساحة الدولية والأميركية، فلم يعد يمكن للأميركي التفرد بما يحصل، والنفوذ الروسي والايراني ومحور المقاومة يجعل الأميركي يفكر في أي خطوة يمكن أن تحصل، لذلك فإنه لم يقدم على قصف مواقع داعش دون إذن الدولة السورية، وهو أوجد مخرجاً للقيام بهذه الضربات دون خرق السيادة السورية”.