للتذكير ..خطة بندر {1} ..وتفجير المخيمات
الاصرار الدولي على الوصول الى “جنيف 2″ لا بد أن يخلق واقع جديد يتمثل في المقام الأول بإعادة ترتيب الأولويات المرتبطة بشكل التسوية ثانياً شكل الانعكاسات على أطراف التسوية و القوى المعطلة لها.
التحولات الأخيرة في المنطقة فرضت على الأجندة الدولية تبني أولوية مكافحة الارهاب و الذي يعني منطقياً ان الواقع الاقليمي الجديد الناتج عن انتشار الارهاب في سوريا و توسعه اقليمياً أوجد رؤية مشتركة لدى أطراف المجتمع الدولي تتبنى ضرورة إنهاء الحالة السرطانية المتمثلة بانتشار الخلايا الارهابية خصوصاً ان كثيرا من الدول الأوروبية باتت تعامل مع كابوس مشاركة مواطنيها في العمليات الارهابية في سوريا و الاقليم و احتمالية وجود ارتباط عضوي لهؤلاء الارهابيين مع الداخل الأوروبي.
هذا ما يؤكده التصريح الأخير لوزير الخارجية الروسي لافروف الذي أكد فيه أن:” الأولوية المطلقة في سورية هي لمحاربة الإرهاب و ليس للحديث عن تنحي الأسد.
بالتزامن مع الاستعدادات الهادفة لتنسيق الجهود الدولية لشن حملة لمكافحة الارهاب الاقليمي, تظهر تحركات سياسية دولية تهدف الى ترتيب ملفات المنطقة ضمن ثلاثة محاور رئيسية:
– المحور الأول: ملف الأزمة السورية و الذي يأخذ في هذه المرحلة طابع التسوية “السورية-السورية”. انعكاسات المحطة الأولى هذه تقع – في المقام الأول- على أطراف الحل في سوريا, أو بالأحرى على تحديد هوية الجالسين على طاولة المفاوضات. لهذا يمكن وصف هذه المرحلة اصطلاحاً بمعركة البحث عن مقعد على طاولة التسوية.
– المحور الثاني :الملف النووي الايراني, و الذي يتم التعامل معه اليوم على أنه جزء من التسويات الاقليمية ان لم يكن حجر الأساس لهذه التسويات. فإنهاء أزمة النووي الايراني تعني ضمناً الاقتراب من ترتيب ملفات المنطقة بدءً بملف سوريا و انتهاءً بملف القضية الفلسطينية.
– المحور الثالث: ملف التسوية الاقليمية الشاملة حيث يبدو أن هذا الملف دخل في مرحلة المخاض العسير و ان المنطقة باتت على موعد حقيقي مع اعادة ترتيب اوراقها المتناثرة, لهذا من الطبيعي ان تظهر انعكاسات الحراك السياسي هذا على المنطقة برمتها.
لكن تبقى المحطة الأخطر ترتبطة بلحظة تشابك ملف التسوية السورية مع ملف التسوية الاقليمية, الأمر الذي سيفرض واقع و تحديات جديدة على الاقليم برمته.
الأطراف المتضررة من شكل التسويات لم تعد قادرة على اخفاء حالة الاضطراب السياسي التي تمر به, حيث باتت تعاني من حالة من التخبط الناتج عن المحاولات الفاشلة لتعطيل ملفات التسوية.
ضمن هذا المناخ ظهرت حالات من التقارب الغريب الناتج عن أزمة فهم طبيعة السياسة الأمريكية الجديدة خصوصاً لدى محور أصدقاء الولايات المتحدة. فبينما يرى فريق في الداخل السعودي أن الوصول الى التسوية السياسية في سوريا يعد أمراً كارثياً, يرى فريق في اسرائيل ان الرؤية الأمريكية الهادفة لإيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية هي كابوس حقيقي لا يمكن التعامل معه.
لهذا فان تقاطع المصالح بتعطيل التسوية في سوريا و التسوية الاقليمية قد يؤدي الى توسيع رقعة الارهاب من جهة, و من جهة أخرى قد يدفع باتجاه ضرورة انخراط اطراف جديدة في الصراعات الدائرة في الاقليم.
من هنا قد تمثل المخيمات الفلسطينية في مجمل الدول المضيفة النقطة الأكثر حساسية في المرحلة القادمة, خصوصاً ان بعض المقاربات التاريخية و التي تعود الى العام 2007 حين فجرت كتائب فتح الاسلام الأوضاع في مخيم نهر البارد. تفجير المخيم جاء على اثر فشل خطة بندر “1″ و التي سعت الى إسقاط النظام في سوريا بعد اغتيال الحريري و انهاء وجود حزب الله عبر شن حرب تموز في العام 2006. فشل هذه الخطة آنذاك أدى الى خروج الأمير السعودي من منصب مدير الاستخبارات الذي كان يشغله و خروجه من المشهد السعودي تماماً بأمر مباشر من الملك السعودي.
اذاً, ديناميكية المشهد الاقليمي الحالي تضع معظم لاعبي المنطقة امام تحديات حقيقية تستدعي منها الاستعداد غير التقليدي لمواجهة التحولات القادمة و انعكاساتها على تطورات الأوضاع الداخلية بالنسبة لكثير من الدول خصوصاً الدول المنخرطة مباشرة في الأزمة السورية او حتى في حيثيات و تعقيدات القضية الفلسطينية. فمسار الأزمة السورية مؤخراً قد يؤدي أيضاً الى اعادة رسم الأدوار الوظيفية في المنطقة.
الأردن معني بالاستعداد لمواجهة التجليات الطبيعية للازمات المحيطة, سواء السياسية منها كالأزمة الاسرائيلية, او الأمنية المركبة كتلك السورية او حتى العراقية. حيث انه من الصعب أن تمر أزمات الاقليم (السورية و الاسرائيلية) دون تأثيرات حقيقية على الداخل الأردني.
المصدر: موقع رأي اليوم