لبنان والانتخابات الرئاسية: خيار أول وأخير ولا يوجد خيار ثالث
جريدة البناء اللبنانية-
خضر رسلان:
كُتب الكثير من المقالات وتمّ إنجاز العديد من التقارير الإخبارية إضافة الى الكمّ الهائل من التصريحات والنداءات والخطب والاحتفالات التي تحدث فيها الكثير من الشخصيات حول استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية بعد مرور أشهر على شغور سدّتها.
وفي هذا الإطار تحدث البعض عن خيار محدّد ومواصفات معينة للرئيس العتيد، وقوبل من جهات أخرى بخيار مضادّ، ومن ثم خرج من يتحدث عن ضرورة الاتجاه نحو خيار ثالث في تهميش متكرّر لأصل الأزمات اللبنانية المتتالية.
هذا في وقت تتساءل الأكثرية الساحقة من اللبنانيين عن الجهة او الأطراف ذات الشأن في الإجابة عن خياراتهم المزمنة والتي هي بلا شك تتجاوز اسم الرئيس العتيد وشكل الحكومة المقبلة وعدد النواب المنتخبين، خيار الشعب اللبناني الحتمي يتمحور حول هيكلة الدولة وشكل النظام وكيفية بناء هذه الدولة؟ وإلى أيّ مدى هي دولة قانون، وإلى أيّ مدى هي قادرة على صون سيادتها، وإلى أيّ مدى جسّدت دولة مواطنة خارج القيد الطائفي وتساهم في ترسيخ الانصهار الوطني؟ وأسئلة عن الخيارات الاقتصادية التي يجب اعتمادها لتسهيل بناء الدولة.
من المؤكد انّ خيارات اللبنانيين الحقيقية هي ان يستظلوا تحت مظلة دولة القانون وليس دولة محاسيب وقوى تسلط وأمر واقع ومتنفذين وتقاطع في المصالح، وعلى هذا الأساس يتساءل الكثيرون من الشرائح اللبنانية من مختلف الاطياف؛ هل انّ المشاكل والمعضلات والتعقيدات التي تعصف بالكيان اللبناني مردّها الى الشغور في موقع الرئاسة اللبنانية؟ وهل من المقدّر لهذه التعقيدات ان تجد طريقها الى الحلّ فور اختيار رئيس للبلاد؟
ومما لا شك فيه انّ الأكثرية الحقيقية والساحقة من الشعب اللبناني سواء منها الفاعلة او الصامتة يخالفون القراءة الطائفية للحالة اللبنانية التي يعتمدها معظم الساسة اللبنانيين حتى باتت جزءاً أساسياً من أزمات لبنان الدائمة، وهنا يتبادر الى الأذهان سؤال مشروع؛ هل هناك من أكترث او وضع في الحسبان مصالح الشعب اللبناني في الكثير من القضايا الخلافية سواء منها في الشأن الاقتصادي او السياسي والتي أول ما ترتدّ سلبياتها وانعكاساتها عليه؟
ومن هذه الاسئلة التي يتوجب سؤال الشعب اللبناني عنها:
1 ـ هل أنتم مع قانون انتخابي طائقي او خارج القيد الطائفي؟
2 ـ هل توافقون على استمرار احتكار الوكالات الحصرية وكارتيلات النفط لدى فئات محددة؟
3 ـ هل توافقون على طائفية مواقع الفئة الأولى لموظفي الدولة اللبنانية؟
4 ـ الموقف من القضايا الوطنية:
أ ـ الاستراتيجية الدفاعية الوطنية ويتفرّع عنها هواجس يسأل عنها الشعب اللبناني لا سيما أبناء القرى الحدودية الجنوبية عن الضمانات التي يوفرها ما يسمّى «المجتمع الدولي» لردع ومنع الاعتداءات «الإسرائيلية» المتكرّرة والخروقات الجوية المستمرة فضلاً عن الأطماع في المياه والغاز والنفط؟
ب ـ سؤال عن الجهات الضامنة للتطبيق الكامل للقرارات الدولية، والانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم اللبناني من قرية الغجر.
ـ آلية عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم ورفض التوطين.
د ـ ضرورة الإسراع في عودة النازجين السوريين وإفشال محاولة دمجهم في المجتمع اللبناني.
الى ذلك لا بدّ من تكرار الإشارة الى انّ أاساس المشكلة هي بقاء الموروث الطائفي متحفزاً للانقضاض من جديد وعند كلّ فرصة، لذلك فإنّ الخيار الأول لدى الشعب اللبناني لا يكون إلا من خلال إعادة قراءة النظام ومرتكزاته من جديد ومن منطلقات تقوم على أساس المواطن والمواطنة. ويتجلى ذلك في تفكيك مؤسسات الدولة العميقة التي هي أهمّ أدوات أصحاب الخطاب الطائفي الشعبوي، بجميع مندرجاتها السياسية والاقتصادية والأمنية والاتجاه حكماً نحو ابتداع أنظمة جديدة وفق معايير ورؤى جديدة.
ليست مشكلة الشعب اللبناني في خيارات الأسماء ومصالح الأحزاب وطموحات الأشخاص ومن يسدّ شغوراً او يتبوأ مركزاً… إنما أعين اللبنانيين شاخصة الى من يحفظ لهم أمنهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي ويحفظ لهم كرامتهم الوطنية! هذا هو خيارهم الأول والأخير!