لبنان … ثلاثة بواحد

lebanese-army-logoarmy

موقع إنباء الإخباري ـ
حسن ديب:
قد تكون مصادفة أن يقع حادث سير في منطقة ما بالترافق مع حادث سير في منطقة أخرى، وقد تلعب الصدفة دورها أيضاً في انقطاع التيار الكهربائي في أكثر من منطقة في آن واحد.
تتعدد الأحداث التي تلعب الصدفة فيها دور البطولة في الحياة اليومية في كل بلدان العالم وهذا أمر طبيعي لا يدعو للقلق أو للشك، ولا يدفع بنا نحو التحليل والتدقيق إلا في مخلفات هذه الحوادث الصدفوية التي قد تؤثر على حياتنا اللحظوية بشكل أو بآخر.
غريبة هي بعض المصادفات حقاً، وبالأخص تلك التي تتعلق بالأمور الفنية والرياضية والإجتماعية وعلى أبعد إحتمال تلك التي تتعلق بحال الطقس. وعلى ذكر حالة الطقس، ألف تحية للعاصفة الثلجية التي زادت نسبة التجمد في بعض العقول السياسية اللبنانية والتي ستخرج علينا حتماً لتخبرنا أن الحوادث الأمنية الثلاثة التي وقعت بالأمس بين حاجز الأولي وحاجز مجدليون ومنطقة اللبونة هي محض صدفة ولا ترابط بينها على الإطلاق.
وتحسباً لترهات هذه العقول المتجمدة وفقاً لدرجات الحرارة المعتمدة في عواصم العمالة العالمية والعربية، نختصر الطريق لنقول إن الحديث عن أن تلعب المصادفة دوراً رئيسياً في حوادث أمنية متعددة وأن تقع أحداثها في ملعب واحد وعلى حساب جهة واحدة وبتوقيت واحد، فهذه مصادفة لا يصدقها إلا كل ساذج ولا يرفضها إلا كل عاقل ومتابع.
ليسَ … وليعذرنا فخامة الرئيس إن افترضنا أن المصادفة قد جمعته مع سعد الحريري في اجتماعه الأخير في حضرة آل سعود، وأن المصادفة أيضاً هي التي أعلنت بأن أحفاد مرخان بن ابراهيم بن موسى (آل سعود) سيعملون على حرق لبنان إن لم يستطع صاحب الفخامة تشكيل حكومة لبنانية الشكل سعودية المضمون، قادرة على ضبط الإيقاع اللبناني بما يتوافق مع اللحن السعودي الصهيوني “الإسلامي”، والعمل على مواجهة المقاومة والحد من قدرتها على تغيير المسار في الصراع العربي اليهودي (وهنا ومن باب التوضيح نشير بأننا لا نوجه اتهاماً لفخامة الرئيس انما ننقل ما سمعه من آل سعود على سبيل المصادفة دون التزامه بتنفيد أيّ من الشروط ودون اعلانه موقفاً يضعه في موضع الشك أو الإتهام).
مصادفة هي إذاً تلك التي رسمت ملامحها في الإجتماع المذكور، والتي حُددت معالمها في لقاء المصافحة في واشنطن بين أبناء العمومة تركي الفيصل ونظيره ايتمار رابينوفيتش ومئير شطريت، والتي كانت ساعة الصفر فيها مساء الأمس في جنوب لبنان وعلى حساب حماة لبنان الجيش اللبناني الذي يعتبر العامود الفقري لوحدة الوطن وسلامته.
هي هكذا خريطة واضحة المعالم، وخطة صهيونية ثلاثية الأبعاد بهدف واحد، يجمعها التقاء المصالح ووحدة الهدف. هي خطة ممنهجة بين الصهيونية اليهودية المتمثلة بالكيان الغاصب، والصهيونية الاسلامية المتمثلة بآل سعود ومن خلفهم من مرتزقة وأتباع، والصهيونية المسيحية المتمثلة بأمريكا وممثلها على أرض الواقع اللبناني التيار الجعجعي الطامح إلى ضرب موقع الرئاسة الأولى من جهة (بهدف الوصول إلى كرسي الرئاسة) وإلى ضرب المقاومة من جهة أخرى (بهدف إكمال مشروع حماية إسرائيل الذي بدأه جعجع منذ العام 1975).
هذه هي الخريطة الثلاثية التي تتربص بلبنان الدولة وبجيشه البطل ومقاومته الباسلة وشعبه الصامد، وهذه هي حقيقة الحوادث الأمنية الثلاثة التي حصلت بالأمس والتي كانت تريد لنفسها سيناريو مختلفاً يسعى لتفجير الوضع الداخلي اللبناني على الشكل التالي:
تتحرك الصهيونية الثلاثية من ثلاثة محاور فتهاجم إحدى مجموعاتها حاجز الجيش اللبناني عند نهر الأولي عند مدخل صيدا، يرافقه استهداف واعتداء ارهابي على حاجز الجيش في مجدليون مما يضع الجيش في مواجهة الصهيونية الإسلامية التي تعد العدة منذ فترة في بعض محاور مخيم عين الحلوة وهكذا يتم إلهاء الجيش في الإقتتال الداخلي خاصة مع ظهور علامات تقول بأن تلك المجموعات هي من بقايا المشروع الأسيري لكسب بعض المؤيدين من الشارع الصيداوي (وهذا ما لم يحدث).
وبالتزامن مع هذه الإعتداءات تقوم وحدة عسكرية يهودية بخرق محدود في تلة اللبونة لأسباب امنية (وهي المرة الثانية) معتمدة في ذلك على الحملة السياسية التي سيشنها يهود الداخل على المقاومة إن قامت بالرد على هذا الخرق، وعلى انشغال الجيش اللبناني بما يتعرض لها من اعتداءات داخلية قد تؤدي حتماً إلى معركة كبيرة بين لحظة وأخرى.
هو خرق كانت تطمح الإدارة اليهودية إلى تحقيق هدف أمني فيه وفقاً للمعطيات التي لديها من خلال التنسيق الصهيوسعودي، ومن خلال الخطوات التي نفذتها أدوات بندر مع حسب التوقيت المتفق عليه في اجتماع واشنطن.
ولكنه لبنان، بجيشه وشعبه ومقاومته، ولكنه لبنان الذي لطالما قال كلمته بأننا شعب لا نقهر. فكان الجيش اللبناني على قدر المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه وعلى قدر الثقة الممنوحة له من شعبه ومقاومته، فوقف أبطال هذا الجيش كما هم دائماً سداً منيعاً في وجه أعداء الوطن من يهود الخارج ويهود الداخل، وأخذ على عاتقه مهمة الرد على الخرق اليهودي ليمنعه من تنفيذ أي عمل أمني داخل الأراضي اللبنانية، وفي الوقت نفسه تعامل بكل جدية عسكرية مع الإعتداءات الداخلية التي تعرض لها، فأحبط الخرق وأحبط معه كل محاولة داخلية تسعى للنيل من الشرف والتضحية والوفاء.
أرادوها عملية ثلاثة بواحد: الأولي ومجدليون واللبونة، فكنا لهم ثلاثة بواحد، الجيش والشعب والمقاومة، هكذا نحن وهكذا سنبقى، أقدامنا في الأرض تتكسر عليها كل المؤامرات ورؤوسنا في السماء، نعانق المجد على إسم الوطن…
هو لبنان هكذا كان وهكذا سيبقى …
لبنان .. ثلاثة بواحد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.