كوارث الشّعانبي و الجيش المغدور
موقع إنباء الإخباري ـ
توفيق بن رمضان*:
لا يمكن القول أنّ الذّي يحدث منذ مدّة في جبل الشّعانبي هو إرهاب سلفي فحسب، بل لا شكّ أنّه تداخل بين إرهاب وتآمر إستخباراتي سياسي بتخطيط دستو- تجمعي وصهيو-غربي. وكلّ ما حصل ويحصل هو داخل في إطار “التّكمبين والتّلوعيب” الإجرامي من أجل إعادة المنظومة القديمة، منظومة العمالة والنّهب والسلب، منظومة التّسلّط والفساد. وفي الحقيقة يمكننا القول أنّها تمكّنت من العودة و إن جزئيّا بعد لعبة “الحمار” الوطني، وكلّ ما يحاك من تآمر وكلّ ما يرتكب من جرائم الهدف منه استكمال الانقلاب على الثّورة وأهدافها، وما استهداف الجنود إلاّ هرسلة للجيش حتّى يجرّوه ويجبروه على الانخراط مع الانقلابيين ومع باقي حلقات المنظومة لاستنساخ ما حصل في مصر.
وبكلّ وضوح، ما يقوم به عناصر المنظومة القديمة ومن يدعمهم من المتآمرين من الخارج والدّاخل يهدف إلى اقتسام كعكة السّلطة بطريقة توافقية، لأنّ نتائج الانتخابات غير مضمونة لهم، كما أنّ قيادات الأحزاب التّي تحالفت معهم بعد صدمة نتائج انتخابات 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2011 كانت منشغلة بإزاحة حكومة التّرويكا المنتخبة بطريقة ديمقراطيّة حرّة و شفّافة، وقد أضاعوا شهوراً وسنوات ومجهودات وأموالاً في التّناحر الذّي دمّر الاقتصاد والبلاد وزاد إفقارا للعباد، وهم اليوم يجدون أنفسهم في مواجهة مباشرة مع الاستحقاقات الانتخابية التّي لم يتهيئوا لها، فلم يعد يفصلهم عنها إلا شهور قليلة، وهم لم يستعدّوا ولم يعدّوا أحزابهم للانتخابات بالتّعبئة والاستقطاب ليتمكّنوا من خوضها وتحقيق الفوز فيها.
وقد تصاعدت هاته الأيّام الأصوات المطالبة بتأجيل المواعيد الانتخابيّة، وذلك بعد أن كانوا يصيحون ويزعقون تحت سلطة حكومة التّرويكا بالمطالبة بتحديد المواعيد والإصرار على أن تتمّ قبل نهاية سنة 2014، وقد نصوا على هذا في الدّستور، وبما أنّهم غير مستعدّيثن لخوض الانتخابات وغير ضامنين للنّجاح فيها، هم اليوم يريدون استكمال الانقلاب على المسار الانتقالي والقيام بنفس الشّيء الذي فعلوه من قبل في تنصيب هيئة بن عاشور “هيئة تحقيق أهداف البلدية والالتفاف على أهداف الثّورة”، فهمّهم الوحيد اقتسام الكعكة وضمان نصيبهم في السّلطة بتنصيب رموز بل “أرماز” (جمع رمز بكسر الراء) بطريقة مضمونة تتجاوز أو تلغي الاستحقاقات الانتخابيّة التّي لا تبشّرهم بخير رغم “تبشيرات” نتائج سبر الآراء مدفوعة الثّمن، فنتائج الانتخابات غير مضمونة لهم وهم مرعوبون من صدمة مدمّرة لهم وقاسمة لأحزابهم شبيهة بصدمة نتائج انتخابات 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2011.
وفي النّهاية أقول رحم الله شهداء جيشنا الوطني ورزق أهاليهم الصبر، وكما أنّنا نتألم لما حصل سابقا وحاضراً لقوات الجيش والأمن، فالألم كل الألم على ما يحصل للجبل وكل ما فيه من كائنات ونباتات من تدمير بسبب إرهاب المتآمرين ومن معهم من التكفيريّين، وحفظ الله وطننا وأجناد جيشنا من تآمر المتآمرين من الداخل والخارج ومن “تكمبين” السّياسيّين الذين ليس لهم من الوطنيّة وحبّ الوطن إلاّ الكلام والأقوال.
*كاتب و ناشط سياسي تونسي
romdhane.taoufik@yahoo.fr